بينما يهدف الاتفاق النووي الذي تم التوصل إليه بين إيران والقوى العالمية الست امس إلى ضمان عدم حصول طهران على الأسلحة النووية، يحذر المحللون من إمكانية أن يؤدي الاتفاق إلى زيادة التدخل الأجنبي في الحرب الأهلية في سورية، وإشعال مزيد من المعارك الإقليمية. والسؤال المحوري يدور حول ما إذا كان المعتدلون في إيران سيتجهون إلى إنفاق الأموال التي سترد إلى الخزانة الإيرانية بعد إلغاء العقوبات على إنعاش الاقتصاد الذي يعاني من المتاعب، أم أن معسكر التشدد سيبرز عضلاته ويتجه إلى تدعيم مصالح إيران في الخارج. ويأتي هذا الاتفاق في الوقت الذي يمر فيه رئيس النظام السوري بشار الأسد - وهو الشريك الرئيسي لإيران لأكثر من ثلاثة عقود - بأضعف حالاته، فجيشه أصبح يعاني من الإرهاق والإجهاد، وأخذ يتراجع خاسراً الأرض أمام كل من تنظيم "داعش" ومقاتلي المعارضة. ويقول توماس جونو وهو أستاذ مشارك بجامعة أوتاوا ومحلل سابق لدى الحكومة الكندية في شؤون الشرق الأوسط "إن إيران لديها دولة حليفة واحدة في العالم هي سورية". ويوضح أن "خسارة سورية تمثل ضربة قاصمة لإيران، وبالتالي فهي على استعداد لفعل الكثير للحفاظ على استمرارية نظام الأسد". ومعونات إيران لسورية حليفتها المعرضة للخطر كبيرة، وتتنوع أشكالها بين الأموال السائلة والقروض والبترول وربما الأسلحة، كما تنظم إيران أيضا مجموعات من المقاتلين الأجانب من أفغانستان حتى غربي أفريقيا لمساعدة النظام السوري. وستساعد ردود الفعل الاقليمية إزاء الاتفاق على تشكيل خطوات إيران خلال الأشهر المقبلة. ويمكن أن يؤدي استمرار المساندة لمقاتلي المعارضة الذين يقاتلون الأسد إلى تقوية موقف المتشددين الإيرانيين الذين يريدون استخدام مزيد من الموارد الممكنة للمواجهة. وحققت فصائل المعارضة مكاسب مهمة بفضل المعونات الاقليمية بعد أن كانت هذه القوات قد فقدت مواقعها بحلول نهاية العام الماضي. ومن ناحية أخرى يقول أندرو تابلر وهو خبير في الشؤون السورية بمعهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى " كلما كان التنسيق بين المتمردين أفضل كلما كانوا أكثر فعالية ضد النظام، لأن النظام ليس قويا، وبدون الدعم الإيراني سيتعرض النظام لمتاعب أسوأ". وربما لا تحب إيران الأسد شخصيا، ولكنها لا تريد أن تسقط سورية بين أيدي الجماعات السنية، كما أنها تحتاج إلى الحكومة السورية للمساعدة على تأمين حلفائها في لبنان وأهمهم حزب الله المسلح، ومع ذلك تحتل سورية مرتبة ثانية بالنسبة لإيران. أما المرتبة الأولى فهي العراق جارتها المتاخمة والتي تقودها حكومة شيعية، حيث تسعى إيران إلى تأمينها. وفي هذا الصدد يقول أمير كامل وهو محاضر بكلية كينج بلندن "إن القوات الإيرانية تركز على الخطر الأكثر قربا والذي يمثله تنظيم داعش في العراق". ويضيف إن "إيران أكثر نشاطا في العراق مقارنة بسورية، فيما يتعلق بالمعونة والتدريب والمعدات وأشكال المساندة الأخرى".
مشاركة :