محمود سعد دياب يكتب: ما الذي يخبئه القدر للشقيقة ليبيا ؟ «2»

  • 7/23/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

في الحلقة الأولى من مقالي هذا ذكرت كيف أنه لن تقوم حرب بين مصر وتركيا "مليشيات أو جيش نظامي" على الأراضي الليبية، وقد سقت ثلاثة اعتبارات تدعم وجهة نظري، في الوقت الذي يتوقع فيه الجميع نشوب الحرب بعد ساعات، وأوضحت أن الدعم المصري لحلحلة الأزمة الليبية وإعادة الاستقرار إليها، سوف يقتصر على مساعدة الأشقاء في ليبيا في أن يختاروا مستقبلهم بأيديهم ويجلسوا إلى طاولة المفاوضات للوصول إلى نظام حكم يعيد الاستقرار للدولة المنهارة منذ قرابة عقد، ما حولها إلى بؤرة تجذب الإرهابيين والقتلة وعديمي الدين من كل حدب وصوب بقيادة ودعم المختل التركي رجب طيب أردوغان، وأن مصر بجيشها دورها سيقتصر على أن تكون ضامنة لنجاح تلك العملية، وتقديم التدريب العسكري الكافي لشباب القبائل بما يؤهلهم للقتال بكفاءة في صفوف الجيش الوطني الليبي.ونستكمل استعراض الاعتبارات التي جعلتني متأكدًا من أن تلك الحرب المحتملة لن تحدث على الأقل في المستقبل المنظور..خط سرت - الجفرةيتمثل الاعتبار الرابع فهو أن أردوغان أعلن مساء ذات يوم عن أن مليشياته التي كانت قريبة من مدينة سرت سوف تدخلها صباح اليوم التالي، واستيقظنا في اليوم التالي والرئيس عبد الفتاح السيسي يتفقد قوات الجيش بالمنطقة العسكرية الغربية في قاعدة سيدي براني بمطروح، ويشير إلى القوات المرابطة قائلا إن الجيش يكون جاهزًا لكي يتحرك وقت الحاجة، وأن "سرت – الجفرة" خط أحمر لا يجب أن يتجاوزه أحد، وهي الرسالة التي فهمها أردوغان وشاهدناه بعدها يقول إن دخول مدينة سرت هو من يحددها وليس أحد أخر متراجعًا عن تصريحاته السابقة، ثم صمت تمامًا بعدما قامت "الطائرات المجهولة" بخداع منظومة دفاعه الجوية الأمريكية الحديثة في قاعدة الوطية ودكت المعدات العسكرية بالقاعدة التي استولى عليها بمليشياته قبل ذلك، والأهم أنه اتخذ خطوة تحويل "أيا صوفيا" إلى مسجد بهدف إلهاء الداخل التركي والخارج الإقليمي والإسلامي عن الفضيحة التي يواجهها بتراجعه عن تهديداته بعدما وجد نفسه في مواجهة مصر وتعرضه لخسائر عسكرية وصلت إلى مصرع عشرات من القيادات العسكرية بالجيش التركي التي كانت مجتمعة بالقاعدة بخلاف الخسائر المادية، كما خرج وزير خارجيته مولود جاويش أوغلو ليتحدث عن مصر وأن بلاده لا ترغب في المواجهة مع مصر ولابد من إيجاد مساحة للحوار، وهي لغة لم تستخدم مع الدول التي انتهكت تركيا شعوبها واستباحت حدودها مثل سوريا والعراق.إن الرئيس السيسي قد أبدى حنكة سياسية غير معهودة وتحلى بالقدرة على تقدير الأمور وضبط النفس، ولم ينسق للمهاترات والتصريحات المستفزة التي يطلقها المسئولون الأتراك، لكن في حال تجاوز الخط الأحمر أصبح التدخل العسكري واجبا لحماية أمن مصر القومي.حرب عالمية ثالثةالاعتبار الخامس أنه لو حدثت حرب عسكرية مباشرة بين مصر وتركيا، ستؤدي إلى حرب عالمية ثالثة، وذلك لأن كل قوات جيوش الدول القوية موجودة في شرق المتوسط بداية من الأسطول السادس الأمريكي ثم قوات الجيش الروسي المرابطة في قاعدتين عسكريتين على الساحل السوري أهمهما قاعدة حميحيم، وقوات الجيش الفرنسي المتواجدة من خلال حاملات الطائرات شارل ديجول وغيرها، والجيش الإيطالي المتواجد بطبيعة الحال في مياه روما الإقليمية، والأسطول البريطاني متواجد هو الأخر في المياه الدولية، وكل تلك الجيوش تستهدف في المقام الأول مؤخرًا حماية آبار النفط والغاز التي تمتلكها في ليبيا، وإذا تخيلنا أن الحرب وقعت فسوف نجد من يساند مصر من تلك الدول ومن يساند تركيا أيضًا وتتحول لحرب عالمية لا ترغب فيها أي دولة عظمى خشية استخدام السلاح النووي الذي يتسبب في دمار العالم من منتصفه بمنطقة شرق المتوسط وضياع إسرائيل ودول أوروبا على المطلة على سواحل البحر.خمسة جيوشالاعتبار السادس أن الجيش المصري هو أقوى جيش في إفريقيا والشرق الأوسط، وتاسع أقوى جيوش العالم وفقًا لأخر تصنيف دولي ومرشح بقوة لأن يتقدم للأمام عن هذا المركز في التصنيف التالي، والقوات البحرية فيه فقط تتبرع على المركز السادس عالميًا كأقوى أسطول بحري بعد انضمام حاملات الطائرات المسيترال والغواصات الألمانية و9 فرقاطات و4 طرادات و6 غواصات و53 طائرة حربية و23 كاسحة ألغام بخلاف 319 سفينة حربية وفقًا لموقع فايرباور العالمي.إن مصر تمتلك خمسة جيوش في جيش واحد قادرة على أن تكون في نفس تعداد وقوة حلف شمال الأطلسي إذا ما استمرت عملية التحديث المستمرة في الأسلحة المتطورة، وتوطين تصنيع المعدات والأسلحة وهو الاتجاه الذي كان الفريق محمد سعيد العصار وزير الإنتاج الحربي يسير عليه، فمصر لديها الجيشين الثاني والثالث لحماية الحدود مع دولة الكيان ومناطق شمال وجنوب سيناء ومنطقة القناة، وجيش المنطقة العسكرية الجنوبية لحماية الحدود الجنوبية وسواحل البحر الأحمر، وجيش المنطقة الشمالية لحماية السواحل الشمالية والمقدرات الاقتصادية المصرية في البحر المتوسط، وجيش المنطقة الغربية لحماية الحدود الغربية مع ليبيا التي تمتد لأكثر من 1200 كلم، فضلا عن أن التدريبات المستمرة المشتركة والمناورات التي يخوضها الجيش المصري مع الجيوش الأخرى القوية مثل الولايات المتحدة وروسيا وباكستان والدول العربية، توفر خبرات كبيرة يكتسبها الجيش وأفراده من الاحتكاك المستمر بمدارس عسكرية مختلفة.انتظروني في المقال الثالث والأخير..

مشاركة :