الاقتصاد اللبناني يدخل مضيق الإصلاحات الهيكلية الملحة | | صحيفة العرب

  • 7/23/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

يتفق المحللون على أن تهرب الحكومات اللبنانية المتعاقبة من تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية الضرورية أدى إلى تفاقم انحدار كافة المؤشرات وأكدوا أن ساعة الحقيقة حانت ولم يعد بالإمكان تأجيل حسم المواجهات مع الاحتجاجات الشعبية، التي تضغط لاتخاذ الإجراءات العاجلة لإنقاذ الاقتصاد من الانهيار. بيروت - تعي السلطات اللبنانية تماما أنه لم يعد هناك متسع من الوقت لتأجيل الإصلاحات الهيكلية في اقتصاد البلاد المنهك وإعطاء نفس جديد لكافة القطاعات لتسريع دوران عجلة النمو التي تسير ببطء شديد. وذكرت وكالة الأنباء الرسمية الأربعاء أن الحكومة شرعت بالمصادقة على خطة اقتصادية للنهوض بالاقتصاد وذلك نتيجة التداعيات التي أحدثتها أزمة كورونا، إذ أدخلت تعديلات على صعيد الإصلاحات الهيكلية وتأمين الحماية الاجتماعية لأكثر الشرائح فقرا. ويجد هذا التفاؤل تشكيكا من الكثير من الخبراء، الذين يرون أن البيانات الرسمية المعلن عنها لا تعدو أن تكون مسكنات لا تكشف عن المشاكل الرئيسية التي وضعت البلاد في وضع محرج. وألقت جائحة كورونا بثقلها على الاقتصاد اللبناني المشلول، وأدّت الإجراءات الاحترازية بشكل عام والحجر بشكل خاص إلى إقفال الأسواق والمحال والمصانع والشركات. وأدّى ذلك الأمر إلى فقدان السلع واضطراب الميزان التجاري، فأفقدت الليرة قيمتها مقابل الدولار، وبالتالي سائر العملات. ودفعت الأزمة المعيشية بالحكومة إلى التحرك وفق إمكاناتها واتخاذ إجراءات عدّة، لتقليل العبء على المواطن وسط الارتفاع الكبير لأسعار المنتجات في السوق المحلية. ومن بين تلك الخطوات في هذا المجال مبادرة وزارة الاقتصاد وهي السلة الغذائية المدعومة بالتعاون مع مصرف لبنان المركزي، وأدت إلى انخفاض أسعار السلع الغذائية الأساسية والحفاظ على الأمن الغذائي. وأعلنت الحكومة هذا الشهر قائمة تضم حوالي 300 سلعة أساسية مدعومة من البنك المركزي. ولا يزال الدولار بالسعر الرسمي البالغ 1506 ليرات متاحا فقط لمستوردي الوقود والقمح والأدوية. 10 مليارات دولار يأمل لبنان الحصول عليها في شكل مساعدات على مدى خمس سنوات وأكدت السلطات أن سلة السلع مدعومة على سعر صرف للدولار قد حُدد عند 3900 ليرة، وهي سلع قابلة للتعديل والإضافات مع الوقت، بحسب الحاجات المستجدة للمواطن اللبناني. وفي ما يخص نوعية السلع المدعومة، فقد تم التوصل إلى مبدأ أساسي يراعي دعم الإنتاج المحلي ودعم المستورد في ما يخص السلع التي لا تنتج في لبنان. وقسمت الأصناف المدعومة إلى مجموعات، منها دعم المواد الأولية في الزراعة والصناعة، وشق آخر يتعلق بدعم المواد الغذائية. ولتنفيذ تلك الخطوات يفترض أن يتم تدقيق شامل في أصول المركزي حتى يتسنى توفير الأموال اللازمة وبالتالي وضع قدم في الخروج من مضيق هذه الأزمة الاقتصادية الخانقة. ووافقت الحكومة الثلاثاء الماضي على تكليف ألفاريز آند مارسال بإجراء تدقيق جنائي في المركزي، وذلك في الوقت الذي تصارع فيه البلاد انهيارا اقتصاديا. واقترحت خطة الحكومة تأمين مساعدات دولية قيمتها 10 مليارات دولار موزعة على خمس سنوات حتى عام 2024، مع العمل على إعادة التوازن للمالية العامة والانتهاء من عملية إعادة هيكلة الدين والإصلاح الضريبي. كما تتضمن الخطة، التي يشكك محللون في قدرة لبنان على تنفيذها بشكل واضح، تعزيز كفاءة الإنفاق وإدارة مالية عامة أفضل، وأيضا إصلاح الكهرباء والمؤسسات العامة وصولا إلى خصخصة عدد من هذه المؤسسات خلال العشر سنوات المقبلة. وحول القطاع المصرفي، فتتضمن الخطة ضرورة إعادة هيكلة مصرف لبنان والمصارف التجارية بطريقة عادلة، بهدف إطفاء جزء كبير من الخسائر التي قدرتها هذه الخطة بأكثر من 241 تريليون ليرة (ما يعادل تقريبا 160 مليار دولار). وعدت الخطة خسائر ميزانية المصرف المركزي تتطلب المعالجة السريعة لإعادة بناء نظام نقدي يحظى بالثقة، ووجوب الاعتراف بالخسائر التي يتحملها القطاع، مع التأكيد على أن حاملي السندات سيتحملون جزءا من هذه الخسائر. الخطة تتضمن معالجة التوازنات المالية وتدقيقا في نشاط المركزي والحماية الاجتماعية للأكثر فقرا وفي تفاصيل إعادة هيكلة مصرف لبنان، تشير الخطة إلى أنه من الضروري على المركزي مع إتمام هذه العملية، والعودة إلى الربحية، وإنشاء شركة تهدف إلى إدارة أصول وممتلكات وعقارات للدولة ليتم استعمال أرباح هذه الشركة بغية تمويل زيادة رساميل مصرف لبنان وتغطية جزء من خسائره. ووضعت خطة الحكومة سلسلة إصلاحات تسهم في بناء نموذج نمو اقتصادي للمرحلة المقبلة، تشمل خطة لدعم القطاعات الصناعية والزراعية واقتصاد المعرفة والسياحة وقطاع الاتصالات وغيرها. وفي شأن القطاع الصناعي، فقد أعلن وزير الصناعة عماد حب الله “الرؤية الصناعية المستقبلية في لبنان”، وكشف عن آلية دعم ستقر بالتعاون مع مصرف لبنان بقيمة مئتي مليون دولار لمساعدة القطاع الصناعي. وسينضاف إلى ذلك مبلغ 150 مليار ليرة (3.8 مليار دولار) مخصصة لدعم القطاع الصناعي، وكذلك مبلغ وقدره 1.2 ترليون ليرة لتغطية أعباء مواجهة كورونا بهدف التحفيز والأمان. ووضعت وزارة الزراعة خطة طوارئ هدفها ضمان أمن غذائي لمدة سنة، مع تكريس للسياسات الزراعية السائدة والعقلية التجارية، بموازنة لا تتجاوز 30 مليار ليرة (770 مليون دولار). وتهدف المبادرة إلى تشجيع زيادة الإنتاج المحلي لتحقيق الأمن الغذائي وتحقيق أقصى درجة ممكنة من الاكتفاء الذاتي في هذه الظروف الاستثنائية. وتنطلق هذه المبادرة من خطتين؛ الأولى، وضعها الاتحاد الأوروبي عام 1999، وأخرى عملت عليها منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو) عام 2000. وتقسم الخطة إلى عدد من المحاور وتتمثل في المحافظة على الكميات المنتجة من المساحات المزروعة وجودة الإنتاج الزراعي النباتي وزيادة المساحات الزراعية وزيادة الإنتاجية والتسويق الزراعي وحماية المستهلك. كما تشمل التعليم الفني الزراعي الرسمي والإرشاد الزراعي، ودعم صغار ومتوسطي مربي الإنتاج الحيواني في لبنان، وكذلك دعم مياه الري الزراعي، وانتهاج سياسة إعلامية زراعية. وقد بادرت الحكومة إلى دفع مبلغ 1025 دولارا للعائلات الأكثر فقرا لتوزع في مختلف مناطق البلاد.

مشاركة :