رمضان البيه يكتب: سألت شيخي فقال (6)

  • 7/25/2020
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

نستكمل في هذا المقال حواري مع شيخي وكنا قد توقفنا عند تعريف التصوف وسر إنكار البعض للصوفية .. قال شيخي رحمه الله تعالى..هناك قاعدة تقول..الإنسان عدو ما يجهل ومن جهل شيئا عاده.. ولو علم المُنكر والمعترض حقيقة منهج التصوف لسارعوا في إنتهاجه وما أنكروه وفي نفس الوقت جهلوا منهج الإسلام و مقاصده والغاية من العبادات والحكمة منها ولم يدركوا جوهر وحقيقة العبودية  وقصر فهمهم للإسلام على الرسوم والشكليات فاقبلوا على الله تعالى بالأجساد وبقلوب وانفس مريضة معتلة غير مزكاة.. هنا استوقفت شيخي وسألته ماهي حقيقة العبودية وما الحكمة والغاية منها وهل هي غاية في حد ذاتها..فأجابني قائلا.. هناك فرق بين رسوم العبادات ومظهرها وبين حقيقة العبودية وجوهرها.. فالرسوم هي الطقوس والمناسك التي تؤدى في الظاهر أما حقيقة العبودية هي مقام العبد بين يدي مولاه جل في علاه في مقام الذل والإفتقار إليه سبحانه والعجز والإنكسار والعوز الكامل له سبحانه وتعالى و العبادات في الحقيقة وسيلة أساسية لابد منها ولكنها ليست بغاية  وفي معنى قوله تعالى..وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون..يقول سيدنا عبد الله بن العباس حبر الأمة رضي الله عنهما ..أي ما خلق الله تعالى الجن والإنس إلا للمعرفة به عز وجل فالمعرفة به سبحانه هي الغاية ومعرفته سبحانه تثمر محبته عز وجل ومعلوم أن الله تعالى غني عن العالمين وليس له علة ولا حاجة لا فيما خلق واوجد ولا فيما أمر وقضى وقدر وهو تعالى الذي لا تنفعه طاعة ولا تضره معصية .هذا ومما لا يعلمه الكثير من الناس أن الأصل في العلاقة بين العبد وربه..الحب ..وكذلك الأصل في إتباع النبي الكريم صلى الله عليه وسلم وعلى آله..الحب..لقوله تعالى..(قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم.). إذا المسألة خارجة عن دائرة الرسوم  والشكليات ومظاهر العبادات .. والمَعني من أقبال العبد على ربه عز وجل القلب لا القالب لذا نجد أن المخاطب من الإنسان قلبه والمعاتب قلبه ..يقول سبحانه.. (أفلم يسيروا في الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) .. ويقول سبحانه..( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد ) ومعلوم أن صلاح القلوب مرتبط بتزكية الأنفس ومنهح التصوف هو الذي رسم كيفية تزكية النفس وتطهير القلب وذلك لأنه يدعو إلى الزهد في الدنيا بل الزهد فيما سوى الله تعالى ويدعوا إلى الإخلاص في عبادة الله تعالى ومحبته والاشتغال بطاعته وذكره هذا بالإضافة إلى أن منهج التصوف قد بَيّن ووضَح وأشار وعرف أمراض الأنفس الباطنة والسبيل إلى الشفاء منها وعلاجها فهو منهج تطبيب القلوب وتزكية الأنفس وبه تسمو الأرواح وتعرج إلى ربها وبارئها والإتصال به والمقام في حضرة القرب ومعايشة أنسه سبحانه وتعالى ..وهو كما ذكرنا من قبل يبدأ من مقام الإحسان بعد إقامة أركان الإسلام والإرتقاء من إيمان الإعتقاد إلى إيمان الشهود  وعلى أثره يقام العبد في مقامات التوبة والصبر والشكر والرضا واليقين والمعرفة ومنازل المحبة ..هنا توقف شيخي قليلا ثم قال.. هناك رحلتان في الإقبال على الله تعالى رحلة للعامة من اهل الإيمان تصل بصاحبها إلى الجنة وهي محطة الوصول..وهناك رحلة لخاصة أهل الإيمان من عباد الله المٌخلصين وهي الإرتحال في الله.. أي الإستغراق بالكلية في أنوار جمال وجلال وكمال أسماء الله وصفاته سبحانه وتعالى ..وهذه الرحلة لخاصة الخاصة من المؤمنين وليست لها نهاية ولا محطة وصول وذلك لأن ليس للمعرفة بالله منتهى وليس في الله منتهى وليس لفضل الله منتهى ..

مشاركة :