باماكو - تكبد الجيش المالي المزيد من الخسائر في هجومين متزامنين في وسط البلاد خلفا خمسة قتلى وخمسة جرحى، في حين فشلت المعارضة والسلطة في باماكو في التوصل إلى حل للأزمة السياسية التي تثير قلقا متزايدا لدى المجتمع الدولي. ووقع الهجوم المزدوج الأحد في محيط بلدة نيونو، في منطقة سيغو التي تبعد 100 كيلومتر عن الحدود الموريتانية، حيث تعرضت القوات المسلحة لعدة انتكاسات خطيرة منذ بداية العام. وذكر الجيش في بيان على تويتر “تعرضت بعثة للقوات المسلحة المالية (فاما) لكمين نصبه إرهابيون”، موضحا “خلال هذا الهجوم، سجلت فاما في حصيلة أولية 5 قتلى و5 جرحى وتدمير عدد من السيارات”. وقال مسؤول محلي لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته “تم استهداف قافلة عسكرية كانت متجهة من قرية غوما – كورا إلى قرية ديابالي” التي تبعد 300 كيلومتر شمال غرب باماكو. وأوضح المصدر أن القافلة “تعرضت لكمين. وفُقد أثر أربع شاحنات صغيرة وآلية مدرّعة”، مشيرا إلى أن سكان المنطقة يعيشون في “هلع”. وتشهد مالي أعمال عنف دامية منذ سقوط مناطقها الشمالية عام 2012 بأيدي جهاديين تم طردهم في العالم التالي بفعل تدخل دولي. وعلى الرغم من اتفاق سلام وقع في 2015، بقيت أعمال العنف مستمرة ولاسيما بعد اتحاد الجهاديين المرتبطين بتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وحركة الداعية الفولاني المترف أمادو كوفا في وسط مالي، تحت مظلة “جماعة نصرة الإسلام والمسلمين”. وامتدت أعمال العنف إلى جنوب البلاد وإلى بوركينا فاسو والنيجر المجاورتين. حلفاء مالي يخشون أن تغرق البلاد في الفوضى ما يسمح بسيطرة الجهاديين على مناطق طردوا منها في 2013 وفي 15 يونيو قُتل 24 جنديا في وسط مالي في كمين نُسب إلى جهاديين استهدف قافلة عسكرية في بوكا ويري الواقعة جنوب شرق ديابالي. وفي 26 يناير، قُتل 20 عسكريا ماليا في هجوم واسع النطاق على معسكر في سوكولو وسط مالي، تبنته جماعة نصرة الإسلام والمسلمين، كما توترت العلاقات بين الجيش وبعض المجموعات في منطقة نيونو منذ بداية العام. وفي أبريل، اتهم تقرير صادر عن بعثة الأمم المتحدة لحفظ السلام في مالي “مينوسما” الجيش المالي بالتورط في مقتل ما لا يقل عن 50 شخصا في منطقة نيونو بين يناير وأبريل. وبالتوازي، لم تجد الأزمة الاجتماعية السياسية التي تهز مالي منذ يونيو مخرجا، على الرغم من جهود الوساطة التي قامت بها مجموعة دول غرب أفريقيا على أعلى مستوى. وتم تنفيذ بعض التوصيات الصادرة عن المنظمة الإقليمية، بما في ذلك تعيين قضاة جدد في المحكمة الدستورية لتسوية نزاع انتخابي يتعلق بالانتخابات التشريعية التي جرت في مارس، وشكلت الشرارة لقيام الأزمة الحالية. كما تم تشكيل حكومة مصغرة تضم عددا قليلا من الوزارات السيادية، لكن رئيس الوزراء بوبو سيسي فشل في إقناع المعارضة التي تقودها حركة 5 يونيو، بالانضمام إلى حكومة الوحدة الوطنية. وأعلنت الحركة، التي تدعو إلى رحيل الرئيس إبراهيم بوبكر كيتا منذ يونيو، استئناف “العصيان المدني” الاثنين، بعد هدنة عطلة عيد الأضحى الجمعة. ويرى متابعون أن الأزمة تتجه نحو المزيد من التعقيد بعد فشل الوساطة الأفريقية في تحقيق أي اختراق بين الفرقاء يمكن البناء عليه لتجاوز الخلافات القائمة. وفي 10 يوليو، تحولت تظاهرة دعت إليها المعارضة إلى ثلاثة أيام من الاضطرابات الدامية، هي الأخطر في باماكو منذ انقلاب عام 2012. وأكد الرئيس كيتا من جانبه السبت عزمه البقاء في السلطة محذرا من مهاجمة “الممتلكات العامة والخاصة”. ويعبر المحتجون عن استيائهم إزاء العديد من الأمور في واحدة من أفقر دول العالم، بدءا من تدهور الوضع الأمني إلى عجز السلطات عن وقف العنف في البلاد والركود الاقتصادي وفشل خدمات الدولة والفساد في عدد من المؤسسات. وتثير الأزمة السياسية الحالية في مالي التي يشهد قسم واسع منها أعمال عنف جهادية أو نزاعات محلية، قلق حلفائها والدول المجاورة التي تخشى أن تغرق البلاد في الفوضى.
مشاركة :