كورونا يصيب سوق المواشي الجزائرية بكساد غير مسبوق | صابر بليدي | صحيفة العرب

  • 7/25/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أحكم الكساد قبضته على أسواق المواشي في الجزائر قبل أيام من عيد الأضحى متأثرا بأزمة الوباء التي عمقت من أزمات البلاد الاقتصادية، قاطعا بذلك الطريق أمام التجار والمربين لممارسة نشاطهم في ذروة حركة البيع والشراء خاصة مع الالتزامات الأسرية الكثيرة والظروف المعيشية القاسية لشريحة واسعة من السكان. الجزائر - يشتكي تجار ومربو المواشي في الجزائر هذه الفترة من كساد حركة البيع في الأسواق، التي قد تتسبب بتكبدهم خسائر كبيرة نتيجة عزوف المستهلكين عن شراء الأضاحي بسبب أوضاعهم الاقتصادية الصعبة. ورغم الركود الذي يخيم على السوق بسبب حظر نشاط البيع وغلق الأسواق، في إطار التدابير الحكومية المطبقة للحد من انتشار وباء كورونا، إلا أن الأسعار تبقى في غير متناول الكثير من الجزائريين. وبينما ترخي هذه الوضعية القاسية بظلالها على الناس، يتوقع مربو المواشي أو ما يطلق عليهم محليا بـ”الموالين” تعرضهم لأسوأ أزمة منذ سنوات طويلة. وتعرف سوق المواشي وضعا غير مسبوق، فرضته الجائحة، بعد إقرار الحكومة بحظر نقل وبيع وغلق الأسواق أياما قليلة قبل العيد، فضلا عن منع إقامة الأعراس والولائم وحتى الحج، تحقيقا للتباعد الاجتماعي والحيلولة دون تفشي المرض. وتلقى المربون بذلك ضربة قوية، ولم يبق أمامهم إلا اقتناص فرص البيع السري، أو اللجوء إلى المنصات الإلكترونية من أجل بيعهم حدا ممكنا يعوضهم عن الخسائر المتوقعة في نشاطهم. ولم يستفد من الوضع إلا صغار المربين في الأرياف الشمالية، الذين وجدوا الفرصة سانحة لفرض أسعار مرتفعة، مما يتناقض مع وضع هذه التجارة، خوفا من تعرضهم لخسائر محتملة إذا لم يتم إيجاد بدائل تخفف الأعباء عنهم. وخلال جولة في إحدى أسواق الماشية لاحظت “العرب” أن أسعار الخرفان تتراوح بين 375 و440 دولارا، وهي تعد مرتفعة في ظل الظروف المعيشية التي يعاني منها معظم الجزائريين. وتوقع نائب رئيس الفيدرالية الوطنية لمربي الماشية إبراهيم عمراني في حديث لـ”العرب” ارتفاعا في أسعار المواشي هذه السنة بالمقارنة مع السنوات الماضية، بسبب قرار غلق الأسواق الأسبوعية وأسواق المواشي. وأكد عمراني أن “الموالين” هم أكبر المتضررين من قرار غلق الأسواق خاصة وأن مناسبة عيد الأضحى تعتبر الفرصة الأكبر لتسويق رؤوس الماشية، على اعتبار أنها فرصة الدخل الأكبر على مدار العام. ولفت خلال تصريحاته إلى أن الفيدرالية كانت تنتظر فتح أسواق جديدة ومنظمة لحماية المواطن والمربين على حد السواء إلا أنها تفاجأت بقرار الغلق. وقال عمراني إنه “أمام تلاشي الأمل في العودة العادية للأسواق، لم يبق أمام المربين إلا فتح نقاط بيع محدودة وفي مقر إقامتهم فقط، ولأن السوق لديها قاعدة واحدة هي العرض”. ورجح أن يكون موسم عيد الأضحى هذا العام استثنائيا بسبب كورونا، خاصة لدى العاملين في القطاع، فرغم وفرة القطعان فإن حالة الكساد قابلتها أسعار مرتفعة فرضها صغار المربين في الأرياف الشمالية، فيما يترقب هؤلاء تكبد خسائر فادحة. ومنذ شهر رمضان كانت سوق المواشي محور لغط سياسي بسبب السجال المحتدم آنذاك بين وزير التجارة كمال رزيق وبين جمعيات المربين، حول أسعار اللحوم التي ناهزت الـ14 دولارا للكيلوغرام، وتبادل الطرفان التهم حول إنهاك القدرة الشرائية للمواطنين. وتعهد رزيق حينها أمام الرأي العام بخفض الأسعار لنحو 8 دولارات للكيلوغرام، بعد اتفاق مع “الموالين”، إلا أنه لا شيء تحقق من ذلك والتهبت الأسعار خلال شهر رمضان بشكل كبير، مما شكل طعنة للحكومة الجديدة. وفيما اتهم الوزير “الموالين” بالتملص من تعهداتهم، إلا أن جمعيات عديدة رفضت ذلك وتبرأت من مسؤولية لهيب الأسعار، متهمة الوسطاء والتجار والتكاليف الباهظة لتربية المواشي بالمساهمة في رفع الأسعار رغم وفرة الإنتاج. وتؤكد فيدرالية مربي المواشي أن ارتفاع الأسعار في المناسبات الكبرى يعود إلى دور الوسطاء والسماسرة، الذين تقع مسؤولية مراقبتهم على كاهل الحكومة. كما أن الارتفاع المطرد لأسعار الأعلاف سبب آخر يفاقم المشكلة نتيجة وقوعها في قبضة لوبيات تتحكم في تسويقها، حيث تباع لهم بضعف الأسعار الرسمية. وتحصي الجزائر ثروة حيوانية بنحو 25 مليون رأس من جميع الأنواع، وهو ما يمكنها من تحقيق اكتفاء ذاتي في مجال اللحوم. لكن معوقات عديدة تنغص نشاط الفاعلين في القطاع، فإلى جانب ارتفاع أسعار الأعلاف والأغذية الحيوانية، تطبق عليهم إجراءات مشددة في مجال التنقل والتسويق. ولا يزال المربون في المناطق الصحراوية ممنوعين من نقل ماشيتهم الى الشمال، الأمر الذي فتح المجال أمام ممارسات موازية كالتهريب خاصة على الحدود الجنوبية والشرقية. ولتخفيف وطأة الجائحة على سوق المواشي والسماح للمواطنين بالاستهلاك العادي وللمربين بتسويق منتجاتهم، دعت جمعية حماية المستهلك الولاة إلى إيجاد بدائل كفيلة بتعويض الغلق المؤقت لأسواق الماشية. ومن بين المقترحات إنشاء أسواق لبيع الأضاحي بالأحياء والمدن الكبرى، وتوفير مساحات شاسعة لفائدة المربين، تحترم فيها الإجراءات والتدابير الوقائية المعمول بها لمواجهة تفشي الجائحة. وطالب رئيس الجمعية مصطفى زبدي المسؤولين التنفيذيين على مستوى الولايات بتعزيز الاتصال بين الجهات المعنية وإشراك المربين بغية فتح أسواق لبيع المواشي والتعجيل في التحضير الفعلي لعيد الأضحى، بما يسمح لهم بتسويق ماشيتهم وتوفيرها بأسعار تنافسية تكون في متناول الجميع. وفيما تتخوف السلطات الصحية من تحول عيد الأضحى إلى بؤرة لتفشي الأمراض، قياسا بتقاليد التقارب الاجتماعي التي تسود العيد، فإن المربين يحذرون من انعكاسات الكساد في ظل غياب تكفل حكومي ملموس بالمتضررين من الجائحة.

مشاركة :