تتجه الدول حاليًا إلى الاقتصاد بلباس جديد؛ وذلك للتحضير إلى ما بعد مرحلة كوفيد-19، ويتردد سؤال في الآونة الأخيرة ويضع الدول في مأزق وأمام خيارين: الصحة أم الاقتصاد؟ حقيقة فإن صياغة سؤال بهذا الشكل يعكس حدود اتساع الأفق الفكري وعدم استعمال الفكر الناقد، وفي هذه الظروف التي تمر فيها الدول يأتي دور التفكير خارج الصندوق، وضرورة استعمال ماراثون العصف الذهني في تجاوز مثل هذه الصعوبات التي تشكل عبئًا على الاقتصاد. تتواجد منطقة رمادية تحاول الدول الوصول إليها لتقارب وجهات النظر المتعددة فيما بينها، نستدل على ذلك تجربة دول الاتحاد الأوروبي، فبعد مفاوضات ومباحثات استمرت لمدة أربعة أيام وليال، لوحظ انقسام بين الدول المقتصدة مثل: هولندا والنمسا والسويد وفنلندا، وبين الدول التي تسعى للنهوض الاقتصادي مثل: فرنسا وألمانيا. وقد أعلن رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل في تغريدة على تويتر عن ولادة فكرة الدَّين المشترك (common dept) والذي يبلغ 750 مليار يورو “بعض البشائر تولد من رحم المصائب “. أدت كورونا “التي أكلت الأخضر واليابس” إلى انهيار أنظمة صحية، وتماسك أنظمة صحية أخرى، ويعود السبب الرئيسي فيها إلى أمور عدة:السلوك الصحي: لقد ساهم السلوك الصحي النابع من الثقافة اليابانية “والتي تعتبر من أفضل الدول في الرعاية الصحية، وتحتل المرتبة الثالثة وفقًا لمؤشر الرعاية الصحية نومبيو٢٠١٩ والمرتبة الثانية وفقًا لمؤشر الازدهار ليغاتوم، والتي تنفق 10% من ناتجها المحلي الإجمالي على القطاع الصحي” في تخفيض أعداد الإصابات الوفيات، حيث يوجد القليل من القبلات والقليل من العناق، ويرتدي اليابانيون الكمامة عند ارتفاع درجة الحرارة الجسم وعند الإصابة بالأنفلونزا في فصلي الشتاء والربيع.اللامركزية في النظام الصحي: تعود قوة النظام الصحي في ألمانيا “والتي تحتل المرتبة الثانية عشرة في جودة الرعاية الصحية وفقًا لمؤشر الازدهار، والتي تنفق 11.3% من ناتجها المحلي الإجمالي على قطاع الرعاية الصحية”، إلى نظام اللامركزية بحيث تتولى كل منطقة مسؤولية النظام الصحي مما يخفف العبء عن القطاع الصحي المركزي. فتتكامل الجهود في كل المناطق وعلى عدة مستويات.التوازن والتعاون بين الاقتصاد والصحة: تشير النتائج في أستراليا “والتي تحتل المرتبة الثامنة عشرة حسب مؤشر الازدهار والمرتبة العاشرة وفقًا لمؤشر نومبيو، والتي تنفق 9.1% من ناتجها المحلي الإجمالي على قطاع الرعاية الصحية” إلى انخفاض معدلات الإصابة بفيروس كورونا المستجد إلى أقل من 5%. وذلك بسبب النظرة الشمولية والتوازن بين الاقتصاد والصحة في ظل الظروف الاقتصادية والجائحات المرضية مما يوفر الاستدامة الاقتصادية والمالية للدولة، كما يلعب النظام الصحي “ميديكير” بالتعاون مع التأمين الصحي الخاص دورًا رئيسيًا في التصدي لمثل هذه الأزمات. لذا توصي منظمة الصحة العالمية بزيادة الإنفاق الصحي للتصدي لمثل هذه الأزمات وللتصدي للعقبات غير المالية التي تضع الصحة في مأزق مثل السمنة وحوادث الطرق والتدخين. [email protected]*الاسم*البريد الالكتروني جديد الأخبار
مشاركة :