لا شك أن التصنيفات الفكرية من مثل: كافر، منافق، علماني، ليبرالي، عميل، إخواني، خائن.. تؤزم الحالة الثقافية والفكرية، وتدعو إلى تضخم حالة الاحتقان في المشهد العربي، وبالتالي سيكون هناك ثمة قلق وصراع شبه دائم يؤدي بطبيعته إلى الشقاق والنزاع وإسقاط آراء الآخرين. إن مجتمعنا العربي يحمل هذه التصنيفات وقد ازدادت مع وسائل التواصل الاجتماعي حيث إن مثل هذه التصنيفات بدورها تذيب العقلية العربية وتخلع عنها رداء الفكر، كونها اتهامات تشق الصف الواحد واللحمة العربية الواحدة إذا تم ممارستها دون وعي، وإلا فإن هذه التصنيفات موجودة لكن استخدامها يكاد يكون استخداماً تعسفياً ربما يتمخض عن هذا الاستخدام خطورة كبيرة تتمثل في إلغاء الآخر وعدم الاعتراف به وإقصائه. كما نفهم من قول الفيلسوف الدنماركي سورين كيركغارد: «بمجرد تصنيفي فأنت تلغيني». هناك تيارات أساسية تغذي تلك العقلية بنماذج رجعية تحارب الفكر والثقافة والدين، وتوطن التوجه غير السليم إلى طريقة استخدام التصنيفات على اعتبار أن كل ما يخالف ثقافتهم وفكرهم وتوجهاتهم فهو يخالف خططهم وأهدافهم ورغباتهم ومن ثم يتم دمجه ضمن تصنيف فكري أحادي أو ثنائي من مثل ليبرالي أو ليبرالي علماني، وربما يتطرق التصنيف إلى كل ما يثير الصراعات دونما تأكيد حول ماهية فكر الآخر الذي لا يرمي من آرائه إلا فكراً وثقافة لا تصنيفاً يتهم به قد يصل -في بعض الأحيان- إلى حد النفي من الحياة.
مشاركة :