دمشق أول أغسطس 2020 (شينخوا) لأول مرة منذ أكثر من تسع سنوات من الحرب ، تغيب مظاهر عيد الأضحى بشكل كامل في سوريا ، ويسود القلق والخوف لدى السوريين من التعرض للإصابة بمرض فيروس كورونا الجديد " كوفيد ـ 19 " الذي بدأ يتصاعد في الأيام الأخيرة . وفي سنوات الحرب الماضية كانت تغيب بعض مظاهر فرحة العيد وأجوائه عن عدد من المدن السورية لسقوط قتلى بسبب قذائف الهاون التي كانت تتساقط بشكل عشوائي على الاحياء السكنية في دمشق ، وبعض المحافظات السورية من قبل الفصائل المسلحة ، أو بسبب هجمات كان ينفذها تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش) على المدنيين في مناطق سيطرة الدولة السورية ، كما حدث في محافظة السويداء (جنوب سوريا ) وقتل 260 مدنيا على الأقل وجرح أكثر من 300 آخرين بسبب هجوم تنظيم داعش على القرى بريف السويداء الشرقي عام 2018 ، ولكن هذا العام كانت مظاهر العيد غائبة تماما عن سوريا ، والناس تلتزم المنازل . في السنوات السابقة كان الناس يزورون بعضهم البعض ، ويتبادلون التهنئة ، وآخرون يخرجون إلى المقاهي والمطاعم وقسم كبير يتناول الطعام في مناطق الأصطياف ، والأطفال يلعبون في الساحات التي نصبت فيها الأراجيح الخاصة بعيد الأضحى ، أما اليوم ، فالشوارع شبه خالية من المارة ، والمطاعم والنوادي مغلقة ، إضافة إلى انقطاع الزيارات بين الأصدقاء والأهل والاكتفاء بالمعايدة عبر وسائل التواصل الاجتماعي أو الهاتف المحمول تجنبا للإصابة بمرض " كوفيد ـ 19 " ، كما أن الغالبية لا يستطيعون تحمل ارتفاع أسعار وجبات الطعام بسبب الوضع الاقتصادي الصعب. وعادةً ما تبث وسائل الإعلام السورية الرسمية المتلفزة مسرحيات ومسلسلات تليفزيونية مضحكة بمناسبة العيد ، ولكن هذا العام ، حظيت برامج التوعية واتخاذ الإجراءات الاحترازية لتجنب الإصابة بمرض " كوفيد ـ 19 " بالأولوية ومساحة كبيرة من الوقت . وتؤكد تلك البرامج على أن "المسؤولية الشخصية والوعي هو جوهر الحماية ضد كوفيد ـ 19 "، وهو أحد الشعارات التي ظل التليفزيون الوطني السوري يبثها طيلة اليوم. كما منعت الحكومة السورية صلاة العيد في الصباح في مساجد دمشق وريفها لمنع أي تجمهر وحرصا على سلامة المواطنين . وخصصت وزارة الداخلية السورية خطًا ساخنًا للإبلاغ عن الأشخاص الذين يدخلون البلاد بشكل غير قانوني بسبب مخاوف انتشار مرض " كوفيد ـ 19 " . من جانبها ، خصصت وزارة الصحة السورية خطًا ساخنًا آخر للإبلاغ عن حالات "كوفيد ـ 19" المشتبه بها. وكان رشدي نادر ، وهو محاسب في أحد الشركات الخاصة ، والبالغ من العمر 30 سنة ، يقضي العيد مع الأصدقاء وزيارة الأقارب ، لكنه أختار هذا العام البقاء في المنزل وسط أنباء يومية عن تسجيل حالات إصابة جديدة بمرض " كوفيد ـ 19 " في سوريا. وقال لوكالة أنباء ((شينخوا)) إن " المرض ليس مزحة ، يجب أن يكون الناس أكثر وعيا هذا العام ، لا يمكننا تجاهل الحقائق والتصرف كما لو لم يكن هناك شيء مهم". وأضاف " لأول مرة أرى دمشق بهذا السكون ، فعادة دمشق مدينة صاخبة في أيام عيد الأضحى " ، مؤكدا أنه في سنوات الحرب ، ورغم قساوتها كانت مظاهر العيد موجودة ، أما الأن ، فالهدوء يخيم على الشوارع والساحات والأطفال في المنازل في حجر صحي . وقالت وزارة الصحة السورية إنه تم تسجيل 738 حالة في سوريا منذ مارس الماضي وسط تحديثات يومية للأرقام. وعلى الرغم من أن الرقم قد لا يكون مرتفعاً مقارنة بالدول الأخرى ، ولكن هناك حقيقة أن سوريا تمر بفترة حرب استمرت أكثر من تسع سنوات وقدراتها على مواجهة مرض كورونا قد لا تكون كافية في حالة تسجيل المزيد من الحالات. ومن جانبه الغى ماهر عدنان ، مدرس يبلغ من العمر 32 عاما ، رحلة إلى الشاطئ في محافظة طرطوس خلال عطلة عيد الأضحى بدافع مخاوف الإصابة بمرض "كوفيد ـ 19 " . وقال "على عكس الكثير من الناس الذين يتجهون إلى الشاطئ خلال أيام العيد ، لم أستطع اتخاذ هذا القرار في الوقت الحالي ، بسبب انتشار المرض بشكل كبير، مضيفا أنني أخشى أن أصاب بالعدوى هناك ، لذا قررت البقاء في دمشق". بالنسبة لأمل مقدسي ، لم يكن البقاء في المنزل خيارًا خلال العيد ، لكنها قالت إنها اختارت خيارًا آمنًا ، وهو استئجار فيلا في ضواحي دمشق. وأصبح استئجار الفلل خيارًا جيدًا للناس الذين وضعهم الاقتصادي جيد ويسمح لهم بذلك . وقالت إنها ليست المرة الأولى التي أستأجر فيها وعادة الفلل توفر الاستمتاع بالطقس الجيد في الريف والتمكن من السباحة . وأشارت إلى أنها تستمتع بوقتها مع أسرتها بعيدًا عن الاختلاط بالناس في أماكن أخرى مثل الفنادق والشواطئ المزدحمة. وقال منهد زرورة ، 46 سنة ، إنه يستمتع بالعزلة في منزله في قرية في وسط سوريا، حيث يذهب عادة لقضاء "وقت آمن" بعيداً عن المناطق المزدحمة. وأضاف "كنت أذهب إلى الشاطئ في وقت العيد وأستمتع بالمناطق المزدحمة التي بدت ممتعة للغاية ، ولكن لم يعد هناك خيار بالنسبة لي مع انتشار مرض " كوفيد ـ 19 " . وفي محافظة السويداء جنوب سوريا ، والذي تزامن وجود مراسل وكالة أنباء ((شينخوا)) في تلك المحافظة التي يقطنها غالبية من طائفة الموحدين الدروز ، والتي تحتفل بشكل واضح بهذا العيد ، فكانت أجواء العيد غائبة بشكل كامل عن المحافظة . وكانت حدائق الألعاب خالية من الأطفال ، وكذلك الشوارع ، وإن وجد اشخاص فهم يرتدون الكمامات أثناء تجوالهم لقضاء أمر ما . وتبادل الأهل والأبناء التهنئة عبر الهاتف ، معربين عن تمنياتهم في أن يكون العيد القادم أفضل ، والبلاد تخلصت من مرض " كوفيد ـ 19 " . وعادة يتبادل أهالي محافظة السويداء التهنئة بعيد الأضحى بشكل وفود كبيرة ، وتكون الشوارع في ساعات الصباح الباكر أشبه بخلية نحل ، وأصوات المفرقعات تملؤ المكان صخبا، ولكن الهيئة الروحية لمشايخ عقل طائفة الموحدين الدروز أصدرت أمرا بمنع التجوال في القرى والأرياف ، ومنع التجمعات ، وعدم المصافحة باليد ، وتبادل القبل تجنبا للإصابة بمرض " كوفيد ـ 19 " .
مشاركة :