الرباط - يواصل المغرب تحركاته الرامية لاستعادة زمام المبادرة في الأزمة الليبية كوسيط قادر على تجميع الفرقاء وصياغة اتفاق جديد ينهي بوادر الاقتتال بين الاطراف الليبية المتنازعة المتمثلة في الميليشيات المدعومة من حكومة الوفاق في طرابلس وخلفها تركيا والجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر في مدن الشرق. وفي أحدث تحرك من الرباط بغية حشد الدعم اللازم لمبادرة “اتفاق الصخيرات 2” بحث وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، مساء السبت، مع نظيره الإيطالي لويجي دي مايو، الأوضاع في ليبيا ومساعي المغرب لإيجاد حل للأزمة التي طال أمدها. وجاء ذلك خلال اتصال هاتفي أجراه وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو مع نظيره المغربي ناصر بوريطة، وفق بيان لوزارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي المغربية. وأفاد البيان، أن الجانبين بحثا خلال الاتصال، الأزمة الليبية ومساعي إيجاد حل لها، والتطور المستمر للتعاون والعلاقات بين المغرب وإيطاليا، إضافة إلى قضايا ذات اهتمام مشترك. ونقل البيان عن دي مايو، “تقدير روما للدور الذي تضطلع به المملكة المغربية بهدف التوصل إلى حل للأزمة الليبية”. ويتمسك المغرب باتفاق الصخيرات مرجعية أساسية لمعالجة النزاع الليبي وهو ما جعل مراقبون يرجحون أن الرباط تدفع نحو “اتفاق الصخيرات 2” لإيجاد تسوية للأزمة الليبية. وتأتي هذه المستجدات في وقت سرع فيه المغرب وتيرة تحركاته حيث استضاف مؤخرا الفرقاء الليبيين (رئيس البرلمان عقيلة صالح ورئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري). وبات المغرب يستشعر أكثر من أي وقت مضى خطر التصعيد المتواصل في ليبيا خاصة مع تلويح تركيا بالهجوم على مدينة سرت الاستراتيجية حيث يتمركز الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر. وفي ديسمبر 2015، وقع طرفا النزاع الليبي اتفاقا سياسيا بمدينة الصخيرات المغربية، نتج عنه تشكيل مجلس رئاسي يقود حكومة الوفاق، إضافة إلى التمديد لمجلس النواب الذي يرأسه عقيلة صالح، وإنشاء مجلس أعلى للدولة وهو مجلس استشاري لكن يهيمن عليه الإخوان المسلمون. وتزداد التحركات والضغوط لوقف القتال واستئناف العملية السياسية في ليبيا في ظل تصعيد تركي ينذر بتوسع دائرة الاقتتال خاصة وأن تكديس أنقرة للمرتزقة السوريين والعرب يهدد أمن دول الجوار الليبي على غرار مصر والجزائر والمغرب وتونس. وطرحت القاهرة في وقت سابق مبادرة سياسية من أجل حل الأزمة لكنها لم تلق قبولا من حكومة فايز السراج وحليفته تركيا وهو ما جعل مصر تهدد بتسليح القبائل والتدخل عسكريا في ليبيا من أجل حماية أمنها القومي. وحدد الرئيس عبدالفتاح السيسي الجفرة-سرت خطا أحمر ينبغي عدم تجاوزه من قبل الميليشيات الإسلامية التي تدعمها أنقرة. وفي الأثناء لا تنفك تركيا عن تكديس المرتزقة في طرابلس بالرغم من الإنذارات الدولية التي تنتقد محاولة أنقرة تذكية الصراع الليبي والدفع نحو نشوب حرب إقليمية يصعب التكهن بتداعياتها على أمن المنطقة برمتها. وكان المغرب قد دعا نهاية يونيو الماضي إلى إنشاء فريق عربي مصغر من دول عربية معنية بالملف الليبي، يتولى وضع تصور استراتيجي، للتحرك العربي الجماعي من أجل الإسهام في التسوية بليبيا. وطالب وزير الخارجية المغربي، في كلمة أمام الاجتماع الطارئ لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري حول الأزمة الليبية، بضرورة الانفتاح على الأطراف الليبية كافة والاستماع إليها وتقريب وجهات نظرها. ودافع بوريطة عن اتفاق الصخيرات متسائلا “هل يمكن تخطي اتفاق الصخيرات دون بديل، ينال على الأقل نفس القدر من التأييد الليبي والدولي؟ علما بأن هذا الاتفاق يتضمن بنودا أصبحت متجاوزة وتحتاج إلى تحديث”، مستطردا “إذا تم تجاوز هذا الاتفاق السياسي الليبي فكيف سنتعامل، في أي إطار كان مستقبلا، مع الأطراف الليبية التي تستمد أصلا شرعيتها منه؟”.
مشاركة :