صناعة التضليل الإيرانية تمر عبر دورات إعلامية لحزب الله | | صحيفة العرب

  • 8/3/2020
  • 00:00
  • 12
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت – كشفت تقارير إعلامية عن تجنيد حزب الله للآلاف من الناشطين من العراق وسوريا ودول أخرى للقيام بعمليات تضليل ونشر الدعاية والترويج لأجنداته على مواقع التواصل الاجتماعية، عبر دورات إعلامية يشرف عليها مباشرة قادة الحزب في المناطق الخاضعة لسيطرته في لبنان. ونقلت صحيفة التلغراف البريطانية في تقرير نشرته الأحد، معلومات وشهادات ناشطين عن عمليات حزب الله لتدريب ما يسمى بالجيوش الإلكترونية، وبدأت منذ العام 2012 على أقل تقدير، حيث قام حزب الله بنقل أفراد إلى لبنان من أجل الخضوع لدورات تعلم المشاركين كيفية التعامل مع الصور رقميا، وإدارة أعداد كبيرة من حسابات وسائل التواصل الاجتماعي المزيفة، فضلا عن إنشاء مقاطع فيديو. وشمل التدريب كيفية التحايل على رقابة فيسبوك وغيره من مواقع التواصل، بغية نشر معلومات مضللة على الإنترنت بشكل فعال، حيث قصد لبنان وتحديدا الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل الحزب المدعوم والممول من إيران، المئات من الطلاب من العراق وسوريا وغيرهما، بحسب مقابلات أجرتها الصحيفة مع عدد من هؤلاء الطلاب الذين رفضوا الإفصاح عن أسمائهم. ويرى مراقبون أن هذا النشاط يسلط الضوء على مدى توسع نفوذ إيران في المنطقة، وسعيها إلى تصدير “ثورتها” الخمينية إلى بلدان الشرق الأوسط الذي يزداد انقساما، عبر أذرعها العسكرية حزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، وميليشيات الحشد الشعبي في العراق، وميليشياتها التابعة للحرس الثوري في سوريا. واعتمدت الصحيفة البريطانية لرسم صورة واضحة عن عمليات التدريب الرقمي هذه إلى شهادات وتحليلات أكثر من 20 شخصا من سياسيين ومحللين ومتخصصين في وسائل التواصل الاجتماعي وعضو في وحدة العمليات النفسية العسكرية العراقية، وعضو في المخابرات العراقية، فضلا عن أعضاء سابقين في تلك الجيوش الإلكترونية التي شكلها حزب الله. وقد شمل هذا البحث مقابلة مع أشخاص شاركوا بشكل مباشر في تنفيذ الخدمات اللوجستية عبر إرسال طلاب إلى دورات حزب الله هذه على مدى سنوات عدة، ما مكنهم من الحصول على معلومات وثيقة بكيفية عمل تلك الشبكة. وقال محمد أحد الطلاب العراقيين الذين شاركوا في تلك الدورة، (استعمل اسما مستعارا)، إن عناصر من الحزب كانوا يراقبون الطلاب عبر كاميرات على مدار الساعة خلال الدورة التي امتدت 10 أيام. وتحدث عن أولى لحظات وصوله إلى مطار بيروت، قائلا إنه كان يشعر بتوتر كبير، لاسيما أنه تلقى تحذيرات سابقة بعدم الإفصاح عن أي تفاصيل. وأضاف أن رجل دين من حزب الله استقبله بملابس دينية تقليدية، في المخيم أو المكان الذي تجري فيه الدورة الإعلامية. وأوضح أنه خلال الدورة، شارك العديد من المتخصصين والتقنيين فيها، وهؤلاء كانوا يلقون المحاضرة أو الدرس بملابس مدنية عادية، حتى أن العديد منهم لم يكن يطلق لحيته كما تجري العادة بين عناصر الحزب. وقال لمراسل الصحيفة في العراق “عندما قابلت المدربين المتخصصين أدركت مدى أهمية وعمق تلك الدورة، فتحمست كثيرا”. وأشار إلى أن تلك الدورات “أشبه بصناعة الوهم أو التضليل”، لافتا إلى أن “حزب الله يكسب الملايين من الدولارات من إدارة تلك الدورات، ولكن العملاء يعتقدون أن الأمر يستحق هذا العناء”. وخلال السنوات التي تلت أول دورة له في بيروت عام 2015، استمر محمد في إرسال العشرات من الأشخاص الآخرين لتلقي التدريب في شتى المجالات، بحيث ساهم في إنشاء فرق جديدة من المتخصصين في وسائل التواصل الاجتماعي والمتسللين. ونقلت صحيفة تلغراف شهادة أخرى لسياسي مهم في أحد أكبر الأحزاب السياسية في العراق، وقد شارك شخصيا في إرسال العشرات من الأفراد إلى بيروت للتدريب على كيفية إنشاء وإدارة ملفات شخصية وهمية على وسائل التواصل الاجتماعي. وفي هذا السياق، قال السياسي عبدالله، (اسم مستعار): لقد أصبحت تلك الدورات أو هذا النشاط بمثابة تجارة لحزب الله”، مضيفا أن “الأشخاص الذين أرسلناهم إلى بيروت طوروا مهاراتهم، وعندما عادوا بدأوا في تدريب ناشطين داخل العراق”. ومن بين المجموعات التي تلقت مثل هذا التدريب كتائب حزب الله العراقية، التي تربطها علاقة وثيقة بإيران وحزب الله لبنان أيضا. وكانت تلك الكتائب نفذت نشاطات واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي خلال عام 2019، ودشنت حملات تخوين طالت وجوها سياسية بارزة في العراق، فضلا عن بث مقاطع فيديو عالية الجودة استهدفت بقوة العديد من الشخصيات العامة في البلاد، مصورة إياها على أنها “أعداء الوطن”. ولعل من أكثر الأساليب شيوعا التي تستخدمها جميع الجيوش الإلكترونية إنشاء شبكات كبيرة من الحسابات المزيفة التي تروج بشكل متضخم لعدد من المنشورات والحسابات على مواقع التواصل. ورأى هند السماوي، رئيس مركز الإعلام الرقمي العراقي، وهو مركز مستقل لرصد وتحليل وسائل الإعلام، أن تأثير المعلومات الخاطئة على وسائل التواصل الاجتماعي في دول الشرق الأوسط مثل العراق، والتي تفتقر إلى المؤسسات الحكومية والصحافية القوية، أكبر بكثير من تأثيرها في أوروبا والولايات المتحدة. كما أكد أن الطفرة المتزايدة مؤخرا في تلك الحسابات التي تنشر معلومات مزيفة وكاذبة تضر بشدة بالعراق.

مشاركة :