جرائم متسلسلة لحزب الله توثق علاقته بالإرهاب حول العالم | | صحيفة العرب

  • 8/9/2020
  • 00:00
  • 9
  • 0
  • 0
news-picture

يعمل خبراء أميركيون على توثيق تاريخ طويل من الأنشطة الإجرامية والمشبوهة لحزب الله اللبناني منذ تأسيسه في ثمانينات القرن الماضي وتدوينها في خارطة رقمية مفتوحة على الإنترنت لكشف العمليات الخارجية للحزب وارتباطاته بالنظام الإيراني الممول الرئيسي للإرهاب في العالم. واشنطن - كان العالم بحاجة شديدة إلى “أرشيف” رقمي لتوثيق جرائم وأنشطة مرتبطة بحزب الله اللبناني، الذي تدور حوله الآن الشكوك بشأن المسؤولية المباشرة عن الانفجار الهائل الذي وقع في مرفأ بيروت البحري وتسبب في خسائر بشرية ومادية كبيرة. ووثّق مختصون أميركيون في مجال مكافحة الإرهاب أنشطة مشبوهة وعمليات إرهابية نفذها حزب الله الموالي لإيران على مدار 38 عاما عن طريق “خارطة تفاعلية” رقمية مفتوحة على الإنترنت. وتسلط الخارطة الرقمية الضوء على سلسلة الجرائم والأعمال الإرهابية المرتبطة بحزب الله وإجراءات مكافحة الإرهاب المتخذة ضده حول العالم. وتستند العملية الأرشيفية لأنشطة حزب الله على وثائق من مصادر أساسية وتقارير حكومية رُفعت عنها السرية، إضافة إلى وثائق محاكم وشهادات تم الإدلاء بها أمام الكونغرس الأميركي. ويقول القائمون على الخارطة إنها أكبر قاعدة بيانات للوثائق المفتوحة المصدر حول أنشطة حزب الله الموالي لإيران والمتهم بتنفيذ خططها التخريبية في منطقة الشرق الأوسط ودول العالم. وتصنف العديد من الدول حزب الله بجناحيه السياسي والعسكري تنظيما إرهابيا. ويتهم الحزب بتأجيج الأوضاع السياسية والأمنية والاجتماعية في لبنان نتيجة لسياساته المرتبطة بإيران. كما يتهم بأنه حوّل لبنان إلى “دولة في خدمة المشروع الإيراني في المنطقة”. ويطالب اللبنانيون بنزع سلاح حزب الله وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لدول عربية وغربية على حد سواء. وعدم الزج بلبنان في صراعات مرتبطة بإيران. ويصف نيكولاس راسموسن، المدير السابق للمركز الأميركي لمكافحة الإرهاب الخارطة التفاعلية التي توثق أنشطة حزب الله بأنها “مصدر هائل” للمعلومات، معتبرا أنها تساعد على استنتاج الروابط بين جميع الأجزاء المختلفة من الأنشطة المرتبطة بالحزب في جميع أنحاء العالم. عمليات خارج لبنان يقول ماثيو ليفيت، مبتكر الخارطة الرقمية التفاعلية إنها تسلط الضوء على الكثير من المعلومات النادرة وغير المُبلغ عنها بتاتا أو بشكل كافي، ويعطي مثالا على ذلك بأنها “تنشر علناً على أن الاسم الحقيقي للمسؤول العسكري في حزب الله فادي كساب على الأرجح هو ماجد عبدالله، ويحمل جواز سفر بريطاني أو أوروبي”. وفادي كساب هو المسؤول في حزب الله عن عناصر “منظمة الجهاد الإسلامي” في كل من الولايات المتحدة وكندا واضطلع بأدوار خلال هجوم الحزب في بلغاريا عام 2012، وفقاً لإفادات قُدمت لمكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي. ومنظمة الجهاد الإسلامي المعروفة باسم “منظمة الأمن الخارجي” هي الجهاز المسؤول عن العمليات الخارجية لحزب الله. ويضيف ليفيت، وهو أيضاً مدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، أن الخارطة التفاعلية الرقمية تفضح الحقيقة غير المعروفة عن قيام حزب الله في العام 2010 بتخزين كميات من نترات الأمونيوم المخصصة لصنع المتفجرات في منزل اشتراه أستاذ جامعي لبناني فرنسي يخضع حاليا للمحاكمة. وصادف نشر الخارطة قبيل أيام قليلة من الانفجار الهائل الذي وقع في بيروت وأودى بحياة أكثر من 150 شخصا وإصابة خمسة آلاف آخرين، حيث يتهم حزب الله بتخزين تلك المادة في المرفأ لأغراض مشبوهة تدعم أنشطته المختلفة. ويوضح ليفيت أن الخارطة توفر معلومات عن عمليات للحزب في وارسو وبودابست في أواخر التسعينات، إضافة إلى أنها توفر إمكانيات لمعاينة الروابط بين البيانات ذات الصلة كأنماط السفر التي اتبعها ملياد فرح وباقي عناصر الأخرى المتورطة في تفجير حافلة بورغاس في العام 2012. وملياد فرح يحمل الجنسية الأسترالية وهو من أصل لبناني تتهمه السلطات البلغارية مع الكندي حسن الحاج حسن بالمسؤولية عن تفجير بورغاس الذي أدى إلى مقتل خمسة إسرائيليين وسائق الحافلة البلغاري وإصابة نحو ثلاثين شخصا. ويقول الباحث ماثيو ليفيت إن الخارطة توثق نطاق انتشار حزب الله عبر الحدود الوطنية إلى ما يتخطى المشرق العربي، حيث توضح أحد البنود في الخارطة تفاصيل عن اعتقال خلية تابعة لحزب الله في الكويت عام 2015 وكيف كان بحوزتها كميات هائلة من المتفجرات. كما توثق الخارطة عمليات للحزب في بوليفيا في مارس العام 2017. كما توثق أنشطة ممول حزب الله محمد بزي الذي تمتد أنشطته التجارية إلى بلجيكا والعراق ولبنان وعدة دول في غرب أفريقيا. ويقول ليفيت إن هذه العمليات الحديثة لحزب الله تظهر أنه لم يتم ثنيه عن مواصلة أنشطته الإجرامية والمالية والإرهابية في جميع أنحاء العالم. يقول كاش باتيل، نائب مساعد للرئيس الأميركي في مجلس الأمن القومي إن “حزب الله هو الوكيل الإرهابي الأكثر خطورة وكفاءة للنظام الإيراني”. ويضيف أن الحزب يعمل منذ سنوات طويلة على وضع المخططات وتخزين الأسلحة لاستخدامها في الهجمات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك في أفريقيا وآسيا وأوروبا وأميركا الشمالية والجنوبية. ويعتبر أن “حزب الله يسيء استخدام النظام المالي العالمي لدعم أنشطته. فإلى جانب الأموال القادمة من إيران، تساعده المخططات وشبكات التمويل غير المشروعة في الحفاظ على وجوده”. ويتهم حزب الله بممارسة أنشطة مشبوهة في العالم عبر تجارة المخدرات وغسل الأموال لتمويل أنشطته العسكرية المختلفة، إضافة إلى سد الثغرات المتأتية من نقص الدعم الإيراني في بعض الأحيان نتيجة للعقوبات الأميركية المفروضة على النظام في طهران. ويقول الخبير والباحث ماثيو ليفيت إن الخارطة التفاعلية تسلط الضوء على الاتجاهات الرئيسية في عمليات حزب الله واعتماده المتزايد على تهريب المخدرات وغسل الأموال حيث ارتفع حجم أنشطته الإجرامية في ضوء انخفاض تدفق الإيرادات من إيران جراء العقوبات وتراجع أسعار النفط وأزمة انتشار وباء كورونا. ويكشف ليفيت أنه في حين لا تزال طهران تملك الأموال اللازمة لدعم وكلائها الإرهابيين، إلّا أن معظمها يتم تحويله حالياً لدعم نظام بشار الأسد في سوريا. وأنه من المرجح أن يكون الدعم الإيراني لحزب الله أقل من المبلغ السنوي المُعلن عنه سابقاً والبالغ 700-800 مليون دولار وأن هذا الانخفاض دفع إلى قيام حزب الله بإغلاق مكاتب له وخفض الرواتب والتكيف مع بيئة أصبح فيها تنفيذ العمليات أقل تساهلاً. ويرى المسؤول في الإدارة الأميركية كاش باتيل إن الخارطة الرقمية توضح أنه من الضروري على إدارة الرئيس دونالد ترامب اتخاذ إجراءات سريعة لمواجهة الأنشطة الإرهابية العالمية لحزب الله وعرقلتها ومنعها. تاريخ إرهابي طويل يعتبر خوان زاراتي، نائب مستشار الأمن القومي لمكافحة الإرهاب في إدارة الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش أن مشروع الخارطة الرقمية يشكل مادة تغذي النقاشات المطلوبة بإلحاح حول دور حزب الله في الأزمة الاقتصادية في لبنان وكذلك مساعيه الدولية وروابطه بالدولة الرئيسية الراعية له، إيران. ويعاني لبنان من أزمة سياسية واقتصادية واجتماعية حادة أثرت على حياة الآلاف من اللبنانيين، الذين يطالبون سلطات بلادهم بمحاربة الفساد والمحسوبية والطائفية. وزاد الانفجار الهائل في مرفأ بيروت من التعقيدات الإضافية للمواطنين اللبنانيين على الصعيد الاقتصادي والسياسي. ويتهم حزب الله بالمسؤولية عن التدهور الحاصل في الاقتصاد والسياسة على حد سواء نتيجة لتدخلاته الخارجية ودعم خطط إيران في منطقة الشرق الأوسط. ويشير زاراتي إلى أن الخارطة الرقمية تعكس النطاق الدولي لأنشطة حزب الله وإمكانياته العملياتية خارج لبنان بالإضافة إلى السجل التاريخي الممتد على 40 عاما والمنسي في غالب الأحيان عن الأعمال التي قام بها الحزب. ويقول إن الضغط الاقتصادي المتزايد على طهران أدى غالبا إلى تحفيز حزب الله على استغلال الفرص السانحة في المجال الإجرامي، إلا أنه يعتبر أن العقوبات رغم عدم استطاعتها قطع التمويل عن الحزب إلا أنها سترغم حزب الله وإيران على إجراء تحليلات التكاليف والفوائد وتقدير العواقب المترتبة عن أفعالهما.

مشاركة :