كلما استبشرت النساء في مجتمعاتنا العربية خيرا بتحصيلها حقا من حقوقها في العدالة الاجتماعية، وكلما تجاوزنا عقبات حالت دون ولوج المرأة ميادين احتكرتها العقليات الذكورية وجعلت النساء على هامشها، إلا وظهرت عراقيل جديدة لا نعلم هل هي مبتدعة لجعل الطريق أمام المرأة العربية عامة والمغربية خاصة عسيرا؛ لإحباطها وكسر همتها، أم هي عادة الذكورية في استقبال كل وافد جديد يلج مهنة تعلن عن ظاهر يخالف ما في الباطن خاصة والوافدات نساء مثابرات لهن كفاءة عالية. ليس من السهل اقناع من تربى على أن النساء ناقصات عقل ودين، والآخذين بظاهر القول دون تعمق في جوهر المعنى، وليس يسيرا إثبات تخلف التفكير الذي ينقص منهن ويهمشهن بل حتى الخوف من تفوقهن وتألقهن في مجالاتهن يجعل تلك العقليات الذكورية تبذل قصارى جهودها لعرقلة كل متألقة مناضلة مجتهدة تحاول إثبات قدراتها. العمل النسائي أثبت على مر العصور والأماكن والأزمان؛ أن النساء شقائق الرجال، وأنهن قادرات على تخطي كل العقبات وتحمل ما لا يتحمله الرجال لكنهن في كل ميادين الحياة يبذلن ضعف المجهود وأكثر، وذلك بين تحقيق الذات والسعي إلى المساواة وتجاوز العقبات، إلى متى نظل نحن النساء نبذل الأضعاف المضاعفة للحصول على هذه المساواة، أليس لنا أيضا الحق في العدالة وإيجاد الطريق ميسرة، كما وجدها غيرنا فقط لأنه من جنسهم. بعد أن هلل الجميع للقفزة النوعية في مسلسل حقوق المرأة ألا وهو الحدث التاريخي الذي زفه ملك البلاد نصره الله، بولوج المرأة لأول مرة خطة العدالة بجانب شقيقها العدل الموثق، خاصة وأن هذه المهنة من أشرف المهن وعبقها متجذر في عمق الحضارة المغربية، وبعد أن سمعنا الإعلام المغربي يزف الخبر؛ ورأينا العناوين الضخمة التي ملأت الصحف والبرامج كما نشرات الأخبار، تفاجأنا بواقع أن النساء العدول لم يجدن الورد والتمر والحليب ترحيبا بهن في مهنة لسنوات بقيت ذكورية تستبعد النساء. الواقع أن الجهة المسؤولة عن العدول وهي ترفع باليمنى شعارات الترحيب، كانت باليسرى مع مجلسها التنفيذي توقع قرار تعديل قانونها الداخلي، دون مراعاة للوضع الراهن الذي تعيشه البلاد والعالم في زمن كوفيد 19، بل وتجهز الشوك لتفرشه للنساء وشقائقهن من رجال فوج عدول 2018، وبعد كل العقبات والعثرات التي وجدها هذا الفوج كسُنّة القدماء من أي مهنة لاستقبال الأفواج الجديدة الملتحقة بها في وطننا الغالي، هي طريقة الترحيب بأول فوج نسائي بتغيير مبلغ الانخراط من 1000درهم إلى 20000 درهم؛ ومبلغ الاشتراك من 800 درهم إلى 2000 درهم؛ هذا هو الحليب والتمر الذي أُعد للمرأة العدل وشقائقها من هذا الفوج، ناهيك عن أول مرة في تاريخ المهنة يتم فيها ترسيب 71 عدل من ضمنهم نساء بعد اجتيازهم الامتحان المهني. والأدهى من كل ذلك أن تكون مذكرة الحفظ التي لطالما طالب العدول القدماء من الهيئة المنتخبة من العدول أنفسهم بالسعي للتخلص منها، لأنها عقبة تحول في نظرهم دون التسريع بمعاملات المرتفقين، بل وتؤخر الإجراءات. ليجدها الفوج الجديد خاضعة للمساومة، حيث تم رهنها بمبلغ الانخراط، فصارت تساوي مذكرة الحفظ التي لم تتعدى في قريب الأيام 30 درهم؛ والتي وصلت في حاضرنا ل 150 درهم؛ بل والتي يختلف سعرها من جهة لأخرى في المملكة المغربية، حيث تخضع للاجتهاد التقديري لكل مجلس من مجالس العدول، في ظل اللاعدالة التي تنهجها مهنة خطة العدالة، حتى في توزيعها الجغرافي عبر ربوع المملكة المغربية. لتصل لفوج 2018 إلى دفع 22000 درهم مقابلها أو كما انتهجت وأبدعت بعض المجالس بتوقيع التزام وكمبيالات تجارية تجر لحالة التنافي، لتضمن سداد المبلغ على دفعات شهرية. هكذا في بلدي الحبيب تُشجع النساء بسَنّ قوانين داخلية من مسؤولين على حمايتنا وتسهيل ولوجنا يرحبون، ويتخذون بيمينهم شعارات الطاعة والولاء، ومن جهة أخرى يتخطون كل التوصيات الملكية السامية لرعاية الفوج والعناية به، إذ بالشمال يجلدون كل وافد جديد بشروط تعجيزية وخاصة منهم النساء.
مشاركة :