صحيفة المرصد : نشرت المجلة الأمريكية "فورين بوليسي" تقريرا حول أهمية أحد الأسباب التي دفعت طهران للموافقة على الاتفاق النووي؛ والمتمثل في تخفيف العقوبات المالية، وتمكينها من استعادة أكثر من 100 مليار دولار من عائدات النفط المجمدة حاليا في الخارج، وهو ما يفتح الباب أمام إمكانية إعادة إدخال هذه الأموال ضمن شبكة مالية غامضة تقدم الدعم للتنظيمات المسلحة التابعة لطهران. وجاء في هذا التقرير حسب موقع "عربي21"،أن الاتفاق التاريخي مع ست دول عظمى حول الملف النووي الإيراني سيسمح بتخفيف العقوبات على إيران ما سيمكنها من استعادة أكثر من 100 مليار دولار من عائدات النفط المجمدة حاليا في الخارج. هذا مع استعادة إيران لقدرتها على التواصل مع النظام المصرفي العالمي الذي كان محظورا على البلاد منذ آذار/ مارس 2012. وذكرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية كيف منع نظام جمعية الاتصالات المالية العالمية بين البنوك (سويفتSWIFT )، -المسؤول اليوم عن التواصل المالي وبشكل آمن بين أكثر من 10800 مؤسسة مالية في جميع أنحاء العالم-، من التعامل مع إيران، ما جعل البنوك الإيرانية تجد صعوبة في التواصل المالي مع البنوك الأخرى في بقية دول العالم. وأشارت مجلة فورين بوليسي إلى أنه تم منع التعامل بنظام "سويفت" بالنسبة للمؤسسات البنكية الإيرانية بداية من عام 2012، بعد أن تعرضت إيران لضغوط من جانب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في ذروة الجهود المبذولة للحد من طموحاتها النووية، ومثل ذلك ضربة قوية لطهران التي وجدت إشكالات في بيع نفطها، وأيضا في كيفية التصرف في المعاملات المالية بالنسبة للبنوك الإيرانية التي استخدمت منظومة "سويفت" أكثر من مليوني مرة في عام 2010. وقالت المجلة أنه بعد الاتفاق بشأن الملف النووي الإيراني، يستعد نظام "سويفت" للعمل مجددا مع المؤسسات البنكية الإيرانية، وهي خطوة مثيرة للجدل، باعتبار أن هذا النظام يخضع لقوانين الاتحاد الأوروبي وللمعايير المصرفية الدولية، التي لا لبس فيها حول منع تمويل الإرهاب. بينما لا تزال إيران تشكل تهديدا بسبب تمويلها في الماضي للشبكات الإرهابية. ففي حزيران/ يونيو الماضي، حذرت هيئة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب من أن "الفشل الإيراني في التصدي لمخاطر تمويل الإرهاب يشكل تهديدا خطيرا.. لسلامة النظام المالي الدولي. " وجاء في التقرير أن الرئيس الأمريكي باراك أوباما، -خلال مؤتمر صحفي-، اعترف "بالدعم الإيراني للإرهاب" و"استخدامها مجموعات موالية لها لزعزعة استقرار الشرق الأوسط". ومع إعادة ربط نظام "سويفت" بالمؤسسات البنكية الإيرانية ستصبح إيران جاهزة للتحرك بسهولة أكبر من أجل تمويل هذه المجموعات، وتأجيج الصراع في المنطقة، وربما حتى شراء معدات لبرنامج الأسلحة السرية ما قد يتسبب في انتهاك للاتفاق حول النووي. وبينت المجلة أن تسليط العقوبات المالية على إيران ومنع ربطها بنظام "سويفت" تسبب في الكثير من الجدل، لكن وتحت ضغط الكونغرس، وافقت إدارة أوباما والمسؤولين في الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف على اتخاذ خطوة في منتصف 2012 في هذا المجال، وفي الوقت نفسه تقريبا، بدأ البيت الأبيض مفاوضاته حول الملف النووي مع إيران. ولم يكن هذا من قبيل المصادفة: فمنع إيران من التواصل المصرفي عبر نظام "سويفت" جعلها تبحث مع الغرب لإيجاد حل للملف النووي، لتبدأ المحادثات السرية والتي مهدت للمفاوضات العامة في أكتوبر 2013 والإعلان عن اتفاق مؤقت بعد شهر واحد. وذكرت المجلة أنه ليس من قبيل الصدفة أن الاتفاق الحاصل بين إيران والدول الغربية كان يدعو صراحة إلى عودة تعامل البنوك الإيرانية بنظام "سويفت". إلا أنه في الوقت الراهن "تظل جميع العقوبات الحالية للاتحاد الأوروبي من دون أي تغيير.. وأي قرار لرفع العقوبات المفروضة على الدول أو الكيانات الفردية يقع على عاتق الجهات الحكومية المختصة"، بحسب ما جاء في بيان لخدمة الرسائل المالية. وبحسب المجلة، فإن نظام "سويفت" يضع المسؤولية على عاتق الاتحاد الأوروبي لتحمل نتائج قرار ما إذا كان سيتم إعادة دمج إيران في نظامها. وسيكون ذلك عندما تتحقق الوكالة الدولية للطاقة الذرية من إيفاء إيران بتنفيذ جميع التدابير التي تم الاتفاق عليها مع الدول الغربية، عندها سيكون لزاما على نظام "سويفت" إعادة التعامل مع البنوك الإيرانية. وقالت المجلة إن الدول الغربية تخشى من أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه في فيينا والذي سيمنح إيران أكثر من 100 مليار دولار، سيمكنها من تمويل الجماعات الإرهابية والعناصر الخارجة على الشرعية الدولية مثل حزب الله والحوثيين، والرئيس السوري بشار الأسد. وذكرت المجلة أنه خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد الأربعاء الماضي، حاول الرئيس أوباما تبديد هذه المخاوف، مدعيا أن هذا المال "لن يغير من قواعد اللعبة" بالنسبة لإيران. لكن يبقى من الصعب فهم منطق أوباما في الداعي لتخفيف القيود المفروضة على الميزانية الإيرانية، التي تنفق على الأقل 6 مليار دولار سنويا لدعم نظام الأسد. وأضافت المجلة أن المعايير المصرفية المريحة ستمنح النظام الإيراني القدرة على نقل الأموال في أي مكان في العالم. ومع رفع عقوبات الاتحاد الأوروبي ستصبح أوروبا بالنسبة للحرس الثوري الإيراني، وللشركات والبنوك الكبرى التي هي تحت تصرفه، ولفيلق القدس، الذراع العسكري الذي يعمل خارج الحدود الإقليمية للحرس الثوري، "منطقة اقتصادية حرة للنشاط الإرهابي الإيراني". وخلصت المجلة إلى أن هذه المخاوف بشأن تمويل إيران للجماعات الإرهابية، نتيجة تخفيف العقوبات المالية عليها، ستكون وراء إرباك قادة الولايات المتحدة لسنوات قادمة، حيث يوجد اليوم تضارب بين سلامة القطاع المالي ورغبة البيت الأبيض في إظهار توصله إلى انتصار دبلوماسي. وسيكون على أوباما الفوز في هذا الرهان المتمثل في منع إيران من تمويل الإرهاب على مدى العام والنصف المتبقي من فترة ولايته. وفي الختام اعتبرت الصحيفة أن العلاقة الوثيقة بين إيران والمجموعات المسلحة في الشرق الأوسط، تعني أن إعادة دمج إيران ضمن النظام المالي العالمي "سويفت"، قد يكون أكثر الجوانب خطورة في بنود الاتفاق بشأن البرنامج النووي.
مشاركة :