بين الحدث وانشغالات ما يفرزه ذلك الحدث من وميض يشد من خيوط الضوء نحو تعري عتمة الأشياء، تسكن تلك المفردة التي انفردت بها الشاعرة الدكتورة نبيلة زباري، الشاعرة البحرينية التي نهجت النص المفتوح، مسافرة عبره في مدائن كثيرة بينها الحلم وازدهار سر المعنى في حكاية النص التي لم تجعل لها قيودًا تمنع تدفقها في انحدار المطر من أعلى الجبال.فمنذ سنوات والشاعرة نبيلة واقعة في جرة السحر من الحكايات التي تتدلى من عناقيدها قصائد لا تعرف انغلاقًا في واقع الحدث الذي جعل من الشاعرة متحررة من قيود النص المتعارف عليها، عبر نص مفتوح الرؤى، دون حواجب تكسر من اقدامه أو حواجز تخنق من تنفسه، لأنه نص مكتمل اللغة ومكتمل الانفتاح على الآخر.ففي نص الشاعرة، تنشغل الكلمات في معناها الدلالي كما يراه علماء الدلالة المحدثون أمثال الفرنسي «ميشال بريال» الذي يعتبر من مؤسسي علم الدلالة.«وعبر رؤية الناقدين الأنجليزيين» أوجدن وريتشاردز اللذين حوّلا مسار الدلالة بكتابهما المشترك «معنى المعنى» الصادر 1923م وذلك بتسؤلهما الحثيث عن ماهية المعنى من حيث هو عمل متزاوج من اتحاد وجهي الدلالة: أي الدال والمدلول، موجهين العناية بالعلاقة التي تربط مكونات الدلالة التي يجب أن تبدأ من الفكرة أو المحتوى الفعلي الذي تستدعيه الكلمة والذي يومي إلى الشيء»من هنا قد نقرأ نص الشاعرة نبيلة زباري من حيث تعاملها مع الكلمة المجتمعة لمعنى ومضاد المعنى عبر رابط يشمل اتحاد النص في مفهومه اللغوي والدلالي، غير قابل للتجزئة والانفصال.وضمن هذا الإطار الذي يجمع النص بالحدث عبر انفتاح الشاعرة على مفهوم المعنى اللغوي كما رآه الدكتور بسام بركة في تقسيمه للدلالة والمدلول: «اما الدال فهو الصورة الصوتية التي تنطبق مباشرة في ذهن السامع، وهو بعبارة أخرى: الإدراك النفسي للكلمة الصوتية، واما المدلول فهو الفكرة التي تقترن بالدال، مع التأكيد على صلة اللغة بالفكرة في ما يوحيه من علاقة مباشرة»فالنص لوحده لا يشكل مفهوم البُعد الدلالي إن لم تكن الشاعرة أو الشاعر والكاتب للنص واقع ضمن هذين الانحيازين، مفهوم التجاوز والتقارب بين النص وعلاقته بالصوت واللغة التي هي الجدار الصلب لبناء العلاقة المتينة التي تقف بالنص أمام أي من الشدائد المفسدة لعلاقة النص بالشاعر. وللرجوع للعلم الدلالي عند العرب، نرى إن العرب اهتموا بهذا العلم وبحثوا فيه وطبقوه على اللغة وانحيازاتها مع ضرورة وجود منهج التفكير كأولويات تبحث في أصوله وتذهب في النبش في أسلافه مما يعزز العمل الدلالي مع الاتفاق على إنه علم حديث يبحث في الدلالة اللغوية.ومن هذا المفهوم تبرز علامات تقودنا نحو نص الشاعرة الدكتورة نبيلة من حيث مفهومها للغة التي هي موقع القلب من الدلالة اللغوية وابعاده الفنية التي تجعل من النص طريًا يقرأ في جميع اتجاهات ذلك الأحياز كونه مفوم فني حداثي لا يمُيت بالنص أو يبطئه، بل يحرك كل مفاصل النص عبر جسد واحد يفهم منه بناء متكامل للنص واشكالاته.وفي المدار الذي يجمع نص نبيلة، تسكن أهمية رسائلها اللغوية التي تنحاز لدلالة ما افرزته الشاعرة من رسائل جعلت من النص، نصا متكاملا، منحازا للغة والمعنى، قادرا على كسر الرتابة اللغوية وابعادها ضمن اجتماع ما أفرته الشاعرة من صور ولغة حددت بها مفهوم النص عبر حكاية الشعر، دون الدوران في ارض سبخة تسيخ به في عمق المفسد لمفهوم المعنى النص المفتوح.جميل هو نص الشاعرة نبيلة ومتكامل في انحيازاته الفنية، ودون سيد ماهر لا يعرف السير، لأنه واقع بين نبض الكاتب ومدار اختياراته الفنية الدلالية على إنه نص يعرف كيف يقنع قارءه أن يقرأه ويستريح على عتباته الأخرى، لأن سر معنى الغيب المتخفي في مناسم جسد النص هو جوهر الحكاية التي تقود القارئ لقراءة النص كما هو عليه في نص الدكتورة نبيلة زباري الذي بارتباطه باللغة والانحياز نحو الانفتاح، ينكشف ذلك السر المنحاز نحو اللغة وان تسترت بما يعني الغيب، باطنًا كان أو واضحا متجليا في مساحات فنياته، بين اللغة وبعدها الفني الذي لم يخرج من معادلة الحداثة بل أبقى على عتباتها واستظل بأوراق شجرها الباسق بالحلم!a.astrawi@gmail.com
مشاركة :