«السفير المفوض»، و«السفير فوق العادة»، و«السفير غير المقيم»، و«السفير غير الدبلوماسي»، ومسميات أخرى اعتاد السفراء تقلدها حين يُعَيَنُون رسميا من قبل حكومات بُلدانهم؛ كي يقوموا بأدوارهم الدبلوماسية، ووفق مسميات وألقاب عديدة، بعضها يعلمه الناس وبعضها لا يعلمونه؛ ولكننا نوقن بأن السفارة في مفهومها العام كامنة فينا جميعا، وبوسعنا صغارا وكبارا أن نتقلدها؛ إذا ما اعتبرنا أن السفير لقب يستحقه كل من يعي معنى الوطنية، ويدرك قيمة الوطن، ويؤمن برسالته تجاه التراب الذي ترعرع عليه واكتسب هويته وكيانه منه، حتى وإن كانت سفارته لهذا الوطن شرفية لا رسمية!! إذن، وفي التصور العام: أنا وأنت ونحن قاطبة نعتبر سفراء فوق العادة لبلداننا؛ حزنا اللقب تلقائيا؛ وحصلنا عليه بجدارة الانتماء والهوية؛ وترتبت على مثل هذه الحيازة مسؤولية، إلا أن الأمر يفوق المسؤولية الرسمية التي يضطلع بها السفراء الرسميون، فالمواطن سفير في كل مكان وكل زمان، يمتلك حرية التنقل من بلد إلى آخر بغرض السياحة أو التجارة أو التعلم أو أي غرض آخر؛ وعليه فمسؤوليته مضاعفة؛ لها واجباتها وحقوقها الثقيلة؛ التي يجب التنويه عنها مرارا وتكرارا ونحن على اعتاب موسم سفر، انطلق مع بواكير عيد الفطر المبارك؛ وبعد انقضاء شهر الهدوء والسكينة والعبادة؛ فهل يعي الجميع أو الغالبية العظمى على أقل تقدير معنى أن نكون (سفراء فوق العادة) لبلداننا؟. في المصطلح السياسي يُعرّف «السفير غير المقيم» بأنه سفير من أعلى مرتبة، يتم اختياره لتمثيل بلاده؛ وفي ظني أن كل من يخرج خارج حدود وطنه هو سفير فوق العادة؛ وأن تمثيل البلد التمثيل الأمثل واجب من واجباته؛ على مستوى سلوكياته وممارساته وتعامله وانضباطيته؛ بحيث يراعى ما يعطي الانطباع الجيد عن شخصه وعن بلده، وتنضوي في ذلك مهمة إعلامية لا تقل أهمية ولا خطورة، فهذا المواطن السفير ضمنا بمثابة الصوت الإعلامي؛ وتقع على عاتقه مسؤولية التسويق لثقافة بلده ورسالته؛ بعيدا عن المبالغات أو التهور، فالأمر يتطلب اتزانا حتى في هذه المهمة، على اعتبار أن لكل بلد قوانينه وأنظمته التي لا يَجب أن تخترق على حساب إيصال ما يريد إيصاله. أظننا نتفق وبنسبة كبيرة على أن مثل هذه المسألة الحساسة تؤرقنا جميعا، خاصة في ظل ما نعانيه من قصور واضح من (مَكَنَة) إعلامنا المرئي والمسموع تحديدا؛ في إبلاغ هذه الرسائل التوعوية المهمة للمواطنين؛ كي يدرك المتساهل منهم حجم وخطورة أن يسيء إلى بلده بسلوك شائن وتصرف أرعن؛ وقد وقفنا على ممارسات مسيئة وُثِّقَت بالصوت والصورة، وانتشرت كالنار في الهشيم، ومصدرها جاهل برسالته تجاه بلده خارج الحدود؛ وبطبيعة الحال لن يطلق الآخرون على مثل هذا التصرفات المسيئة أحكاما خاصة أو فردية بل سيتم تعميمها على جنسيته وبلاده قاطبة. هناك عدة مقترحات لصناعة هذا الوعي لدى الناس؛ وتثقيفهم بمسؤوليات تمثيل الوطن التمثيل المشرف؛ وأولها: أن يكون للإعلام المرئي والمسموع حضورهما الفاعل في هذا الجانب، عبر البرامج التوعوية السريعة والمؤثرة وغير التقليدية المملة؛ على أن تكثف في مواسم السفر، كالموسم الذي نمر به هذه الأيام، ثاني المقترحات النشرات التوعوية التي يجب أن توزع في مكاتب الجوازات؛ وتُلزم بتوزيعها مكاتب السفر؛ والمطارات الداخلية؛ والمنافذ الحدودية؛ بشرط عمل خطة منظمة لتوزيعها وضمان وصولها لكل مواطن مسافر؛ أما ثالث المقترحات فيتمثل في ضرورة استثمار مواقع التواصل الاجتماعي عبر حسابات حكومية رسمية لبث مثل هذه الرسائل التوعوية بشكل متواصل، أما المقترح الأهم، فهو سن قوانين تُجَرّم من يثبت عليهم عمل مثل هذه الممارسات المسيئة لأنفسهم ولبلادهم؛ بعد أن لاحظنا الجرأة المتناهية من بعض المواطنين، الذين يسيئون التصرفات والسلوك ويوثقونها بأنفسهم عبر مقاطع الفيديو، وكأنهم يفاخرون بالإساءة لأنفسهم وأوطانهم، وتلك مصيبة وأيُّ مصيبة!!
مشاركة :