كارثة بيروت.. من الذي أشعل الفتيل؟

  • 8/11/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

كتبت الأسبوع الماضي عن الفساد كأحد أبشع الأمراض التي تصيب الأمم وتتركها مشوهة كسيحة، ولم تمضِ بضعة أيام حتى جاءت فاجعة بيروت التي تجلت فيها بوضوح النتائج الكارثية التي يمكن أن يتركها الفساد على حياة الناس، وأن يحيل معيشتهم إلى جحيم. لبنان لوحة العرب الزاهية الفاتنة تمزقت واهترأت، تكالبت عليها مصيبتان؛ الفساد، وخونة ذللوها مطية لإيران، وللأسف ما حدث في ميناء بيروت هو مزيج من عمل هذين الفريقين، فمن أتى بهذه الكيميائيات المتفجرة ومن تركها في قلب العاصمة غير عابئ بملايين الأرواح التي تسكن حولها، ومن غض الطرف عنها ومن أهملها، هم المزيج الفاسد الذي أدى للكارثة. المرض الذي يعاني منه لبنان بكل أعراضه يتمظهر بشكل جلي في عدد من الدول العربية التي تسيطر عليها إيران، كلهم يعانون من ذات الأعراض؛ فساد ملتهب وخونة تآمروا على فتح الأبواب الخلفية للأعداء. وبقدر ما تسيطر إيران التي أخفقت في إدارة الداخل لديها وتحولت إلى بلد فاشل، بقدر ما ينتشر الانحطاط والتخلف والدمار. الحقيقة المؤلمة هي أن كل هذه الضربات التي تلقاها العالم العربي لم تتمكن من إيقاظه، وللأسف الأوضاع تتجه نحو المزيد من الظلام، ولم يبقَ إلا بضع دول استوعبت الدروس المحيطة بها وبدأت تقاتل باستماتة لتحافظ على مستقبل شعوبها. العالم يضج بالأمثلة المرعبة لما يمكن أن يفعله الفاسدون والخونة من إفريقيا إلى آسيا إلى أميركا اللاتينية، دول تضج بالبؤس والشقاء ومُر العيش، بعد أن نهشها الفاسدون والمتنفعون، ناهيك عن الطابور الخامس الذي لا تُرى نهايته. لا يوجد ما يمكن القيام به لمساعدة تلك الدول، فالغيبوبة التي يتسبب فيها هذا الوباء طويلة الأمد وبحاجة لنهضة شاملة تقف في وجه لصوص الوطن، لكن من المهم أيضاً أن تستوعب الشعوب الدروس القاسية التي يعرضها العالم وأن تتعلم منها. وأخيراً، الفساد لا يمكن أن يحارب بالأساليب التقليدية التوعوية المستهلكة، بل يجب أن يعامل الفاسد كالإرهابي؛ يلاحق ويحارب بكل ضراوة، كما يجب أن يؤصل التحذير منه كعقيدة لدى الأجيال، يجب أن يعلموا أن لا أحد ينجو من تداعياته وأن كل ما يتمتعون به من رخاء وطيب عيش سيسلب منهم وستتحول حياتهم إلى جحيم لا يطاق بمجرد أن يتراخى القيد عن المفسدين.

مشاركة :