الجزائر – أطلق العشرات من الشخصيات والناشطين السياسيين “مبادرة القوى الوطنية للإصلاح” في خطوة تستهدف تحريك البحيرة السياسية الراكدة في البلاد بسبب الأوضاع التي فرضتها جائحة كورونا منذ نحو خمسة أشهر. وكان الحضور الإخواني لافتا في المبادرة، على غرار رئيس حركة البناء الوطني والمرشح الرئاسي السابق عبدالقادر بن قرينة، وعدد من المناضلين البارزين، كما سُجل حضور وجوه من أحزاب علمانية وديمقراطية كما هو الشأن بالنسبة لحزب جيل جديد. وخيمت أجواء الاستثمار في الحراك الشعبي المرتقبة عودته إلى الاحتجاج في الشارع، مع أول رفع للإجراءات الصحية المفروضة من طرف الحكومة منذ شهر مارس الماضي، وفي حالة الانسداد السياسي المسجل في البلاد تحت ضغط القبضة الأمنية للسلطة. وأكد في هذا الشأن رئيس حركة البناء الوطني عبدالقادر بن قرينة، أن “الشعب الجزائري لا يزال ينتظر تجسيد جميع مطالبه بالتغيير السياسي العميق في حراك 22 فبراير”. وأضاف “إن الجزائر حافظت على مؤسسات الدولة وسط وضع استثنائي خطير بفضل الشعب ومؤسسة الجيش، وبفضل مسار دستور وإن لم يكن الأمثل، إلا أنه كان المسار الوحيد الآمن”. وتابع “على الرغم من استرجاعنا لشرعية المؤسسات، إلا أن المخاطر لا تزال قائمة بوجود إرادات وقوى مضادة تريد النيل من المسار الإصلاحي والعودة بنا إلى الوراء.. إن الأوضاع الحالية تفرض علينا سلطة ومعارضة التفكير وتضعنا أمام مسؤولية تاريخية، وقد كان قرار طرح مسودة الدستور فرصة لنا لطرح مبادرتنا”. وباتت الثورة المضادة مصطلحا واسع التداول خلال الآونة الأخيرة في الجزائر، فالمعارضة السياسية والحراك الشعبي يتهمان السلطة القائمة بكونها وجها آخر للنظام يقود ثورة مضادة لإجهاض طموحات التغيير السياسي في البلاد. أما السلطة فهي الأخرى تروج لثورة مضادة لكل من يعترضها في تنفيذ سياستها وتدرج في ذلك من تسميهم بـ”جيوب النظام البوتفليقي”، ولم تسلم منها حتى الدوائر والمؤسسات الحكومية المحلية المتهمة في بعض الأحيان بالولاء للنظام السابق وافتعال الأزمات لتأليب الشارع على السلطات العمومية. وكان الرئيس عبدالمجيد تبون قد جزم في تصريحاته الأخيرة بأن “الأحداث المتراكمة التي عاشتها البلاد خلال إجازة عيد الأضحى كالحرائق ونقص السيولة المالية وتذبذب توزيع المياه هي أحداث مفتعلة من طرف جهات تنفذ مؤامرة ضد سلطته”. وعن جسم المبادرة السياسية المعلن عنها الثلاثاء في العاصمة، ذكر رئيس حزب الفجر الجديد طاهر بن بعيبش، بأن “المبادرة هي مبادرة وطنية أكثر منها سياسية بدليل تنوع تركيبة المشاركين فيها التي لم تقتصر على الكيانات الحزبية، إنما انفتحت على مشاركة المجتمع المدني من جمعيات ونقابات وشخصيات ناشطة”. وأضاف “إننا نمر بمرحلة صعبة والكل يعلم أن الجزائر تعيش على صفيح ساخن، لاسيما من الناحيتين الاجتماعية والاقتصادية اللتين زادتهما جائحة كورونا تعقيدا، فضلا عن الركود السياسي الذي تعيشه البلاد منذ فترة وهو ما يعتبر مؤشرا غير مطمئن”. ولفت إلى أن الضرورة اليوم تقتضي التحرك وإرجاع الروح السياسية للساحة بعد ركود تام طال أمده، وأن اللقاء سيكون بمثابة السُنة الحسنة أو بادرة الخير لاستدراج النخب باختلاف مشاربها وتوجهاتها.
مشاركة :