ركود سياسي في الجزائر يقلص حظوظ الخروج من الأزمة | صابر بليدي | صحيفة العرب

  • 8/24/2020
  • 00:00
  • 13
  • 0
  • 0
news-picture

الجزائر - خيمت العزلة والاحتشام على احتجاجات شعبية عرفتها الجزائر في الجمعة الأخيرة، ما مكن أفراد الأمن من تفريقها بسهولة وتوقيف عدد من العناصر الناشطة، الأمر الذي يحمل عدة دلالات عن مسار الحراك الجزائري الباحث عن العودة إلى الشارع، ويطرح عدة استفهامات حول قدرته على الحفاظ عن التعبئة الشعبية والصمود في وجه آلة السلطة. وتمكن أفراد الأمن الجزائري من تفكيك عدد من المسيرات والاحتجاجات الشعبية انتظمت الجمعة الماضي، في إطار العودة المنتظرة للحراك بعد ستة أشهر من التعليق بسبب الإجراءات المطبقة في البلاد بسبب وباء كورونا. وتناقل شهود عيان في تلمسان وتيارت ومستغانم بغرب البلاد، محاولة عشرات الناشطين تنظيم مسيرات شعبية الجمعة الماضي، إلا أنهم اصطدموا بالآلة الأمنية التي تمكنت بسهولة من تفريق المتظاهرين واعتقال عدد من الناشطين، كما تداولت شبكات التواصل الاجتماعي اضطرار محتجين في تلمسان إلى الفرار من أمام قوات الأمن التي داهمتهم بقوة. وبينما كانت دعوات التعليق التي أطلقت في شهر مارس الماضي من طرف بعض الوجوه البارزة في الحراك، من أجل المحافظة على الصحة العامة، قد حققت الغرض وامتثل الجميع لها، فإن إمكانية العودة إلى الاحتجاج باتت محل استفهام في ظل حالة الانسداد التي تعيشها البلاد منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة. ويبدو أن آلة السلطة الناشطة على شبكات التواصل الاجتماعي، والسياسة المطبقة في البلاد تحت غطاء مواجهة وباء كورونا، قد تمكنتا إلى حد بعيد من شل الحراك وزرع الخلافات في صفوفه، ولاسيما مع القبضة الأمنية والتضييق الإعلامي والسياسي، حيث لا يزال العشرات من الناشطين يقبعون في السجون، كما تم تفريق الاحتجاجات الأخيرة رغم أنها كانت سلمية. ووسط حالة من الركود السياسي غير المسبوق في البلاد، منذ الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ورغم الرمي بملف الدستور الجديد للإثراء والنقاش إلا أن الجمود لا يزال سيد الموقف، فلا السلطة استطاعت تحريك المياه الراكدة ولا المعارضة ولا الحراك استطاعا استعادة زمام المبادرة، وباستثناء مبادرة قوى الإصلاح الوطني، فإن صمتا سياسيا مطبقا يخيم على البلاد رغم وقوفها على حافة الهاوية اجتماعيا واقتصاديا. أحمد عظيمي: الحراك الجزائري حقق الكثير لكنه لم يحقق الأساسي بعد أحمد عظيمي: الحراك الجزائري حقق الكثير لكنه لم يحقق الأساسي بعد وبات الوضع محل جدل حول مستقبل البلاد ومصير الحراك الشعبي بعد أشهر من تعليق الاحتجاجات، فالتفاؤل الذي يحمله خطاب السلطة من خلال الرهان على الدستور الجديد ليكون منصة التغيير المنشود، يقابله صمت مرفوق بخيبة متعددة الجوانب في الشارع الجزائري، الأمر الذي بات يطرح استفهامات عميقة حول حظوظ الخروج من الأزمة ومآلات الوضع في البلاد. وفي هذا الشأن يرى الأكاديمي والقيادي السابق في حزب طلائع الحريات أحمد عظيمي، في تصريح أدلى به لصحيفة “ليبرتي” المحلية، أن “الجزائر تعيش أزمة مستمرة منذ عشرات السنين، وهي أزمة شعب لم يكمل ثورته، شعب حرر الأرض وتوقف عن مواصلة تحرير العقل وتحرير السلطة من المندسين، وأن من أسباب الأزمة تسيير شؤون الدولة بمزاج وعقلية الحاكم المطلق في زمن أصبحت هذه الأمور تسيّر في الدول المتطورة، من مراكز البحوث والدراسات الاستشرافية”. وأضاف عظيمي “الكثير من المحللين رأوا في الحراك الشعبي السلمي ثورة حضارية جاءت لتستكمل ثورة التحرير الوطنية، ولتؤسس دولة الحق والقانون التي كانت هدف شهداء الجزائر الأبرار. كما رأى البعض الآخر أن الحراك الشعبي جاء كتتويج لكل نضالات أحرار وحرائر الجزائر منذ استعادة السيادة الوطنية إلى اليوم وبأنه أصبح في تاريخ الجزائر ما قبل وما بعد الحراك”. ولفت عظيمي إلى أن “الحراك حقق الكثير ولم يحقق الأساسي بعد، فالكثير يتمثل في سقوط الرجل المريض ومعه العهدة الخامسة (عبدالعزيز بوتفليقة)، واعتقال ومحاكمة كبار الفاسدين والعابثين بالمال العام ومصالح الدولة، أما الأساسي فيتمثل في تحقيق الانتقال الديمقراطي الذي من دونه لا يمكن أبدا التأسيس لدولة الحق والقانون”. وشدد القيادي السابق على أن الحراك الجزائري مرتبط بورقة الانتقال الديمقراطي، فإن سعت السلطة الحالية، بكل صدق، نحو هذا الهدف فسيتقلص الحراك ليتحول مع الوقت، إلى قوة مساندة للمسعى، وإن أجلت السلطة أو تهاونت أو عطلت مسيرة التأسيس لدولة الحق والقانون فإن الحراك سيستمر وسيتوسع أكثر وقد يسير نحو التطرف أيضا، وهذا ما لا نريده لبلدنا. ويتناغم رأي عظيمي مع تقرير”مجموعة الأزمات”، الذي حذر السلطات الجزائرية من مغبة تجاهل الحراك وصد أبواب الحوار معه، لأن ذلك سيولد مجموعات متطرفة ستدخل في عنف معها، قد لا يختلف عمّا حدث في عشرية التسعينات. وذكر أحمد عظيمي، بأن “الفرصة مواتية مع هذا الوباء العالمي وانخفاض أسعار المحروقات، والدمار الذي لحق بالبلد بسبب السياسة الفاشلة لعشرين سنة من حكم الرجل الواحد، وما تبعه من شغور في أعلى هرم السلطة، لعقد حلف (مواطناتي)، أو حضاري، أو سياسي، لنسمِّه كيف ما أردنا إنما الهدف منه هو أن يضع الجميع؛ سلطة وأحزاب ومجتمع، كل اختلافاتهم جانبا ليسعوا، وفي إطار مسار تحقيق الانتقال الديمقراطي، من أجل إعادة الحياة إلى مؤسسات الدولة والنهوض بالاقتصاد الوطني والتعاضد الاجتماعي ووضع أسس صحيحة للركائز الثلاث للنهضة الحديثة: التعليم والبحث العلمي وتكنولوجيات الإعلام والاتصال“.

مشاركة :