تجمع آراء الخبراء والمتابعين للشأن التونسي على أن عدم الاستقرار السياسي وتداعيات الإغلاق بسبب كورونا يقللان من فرص إنعاش الاقتصاد التونسي ويفاقم من التحديات، في وقت تظهر المؤشرات حالة من عدم اليقين تسببت في تراجع الاستثمارات المحلية والأجنبية ما يراكم جبل الخسائر. تونس - تكشف المناكفات السياسية في تونس بعد استقالة ثاني حكومة بعد بضعة أشهر، أن التجاذبات السياسية باتت حجر عثرة أمام الإصلاح في ظل وضع صحي صعب ونقص الموارد والإمكانيات، ما يجعل فاتورة كورونا أشد وقعا على الاقتصاد التونسي نظرا لضربها مختلف موارد الدولة من السياحة والتصدير والاستثمار الخارجي. ويقف الاقتصاد التونسي على طرفي معادلة أحدهما سياسي مرتبط بالمناكفات السياسية، والآخر صحي له علاقة بالتبعات الاقتصادية والمالية لتفشي جائحة كورونا. ويقول خبراء إن “الأزمة السياسية التي تعيشها البلاد حاليا ساهمت في تعميق تداعيات أزمة كورونا، على الوضع الاقتصادي الذي يعاني من أزمة هيكلية منذ سنوات”. وتسعى تونس إلى تشكيل حكومة جديدة بعد استقالة حكومة إلياس الفخفاخ، بسبب اتهامات بتضارب المصالح التي وُجهت إلى رئيس الحكومة المستقيل. وكلف الرئيس قيس سعيّد، وزير الداخلية في الحكومة المستقيلة هشام المشيشي بتشكيل الحكومة، وهو شخصية مستقلة، وسط أجواء مشحونة يعيشها البرلمان التونسي، إثر محاولة سحب الثقة من رئيسه راشد الغنوشي، وصراع خفّي بين رئيسي الجمهورية والبرلمان. محمد الصادق جبنون: تونس تواجه خطر التخفيض في ترقيمها السيادي محمد الصادق جبنون: تونس تواجه خطر التخفيض في ترقيمها السيادي ووفق تقديرات الحكومة المستقيلة، فإن الاقتصاد سيسجل انكماشا بنسبة 6.5 بالمئة في 2020، وتوقعات بارتفاع نسبة البطالة. ونسبت وكالة الأناضول للخبير الاقتصادي رضا الشكندالي قوله إن “اقتصاد تونس يئن تحت وطأة الأزمة الصحية الناجمة عن كوفيد – 19”، والتجاذبات السياسية المحلية التي وصفها بـ”الكوفيد السياسي”. وقال الشكندالي إن “تقديرات المؤسسات الدولية حول تأثيرات الأزمة الصحية التي تسبب بها فايروس كورونا، تشير إلى انكماش اقتصاد البلاد بـ6.5 بالمئة، وتراجع المداخيل الجبائية بحوالي 5 مليارات دينار (1.83 مليار دولار)، وارتفاع نسبة البطالة بخمس نقاط مئوية إلى 20 بالمئة”. وأضاف “هذه التقديرات ستتعمّق مع الكوفيد السياسي”. ولفت إلى أن كورونا تسبّب في تراجع الطلب الخارجي، وتراجع الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالخارج وهي أساسا السياحة والنقل والتصدير. وشدّد على أن “التجاذبات السياسية ستزيد الضبابية وحالة عدم اليقين لدى المستثمرين المحليين، ما سيؤدي إلى انكماش الاستثمار الخاص المحلي، وبالتالي الاستثمار الأجنبي المباشر”. وتابع “في ظل هذه الأوضاع، فإن نسبة الانكماش قد تصل إلى حدود 10 بالمئة والحكومة الجديدة يجب أن تكون حكومة كفاءات وطنية، ولا يهم أن تكون سياسية أو غير سياسية، لضمان نجاح الانتقال الديمقراطي”. ومن جانبه اعتبر محمد الصادق جبنون، الخبير الاقتصادي أن “أزمة كوفيد – 19 “أكبر أزمة اقتصادية عرفتها منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على امتداد 50 سنة”. وقال جبنون إن “الأزمة الصحية أثرت على الاقتصاد التونسي، حيث أن نسبة الانكماش المتوقعة في حدود 7 بالمئة مرشحة للارتفاع، كما أننا قد تجاوزنا 20 بالمئة في نسبة البطالة”. رضا الشكندالي: التجاذبات ستزيد الضبابية لدى المستثمرين المحليين رضا الشكندالي: التجاذبات ستزيد الضبابية لدى المستثمرين المحليين وقدر أن 35 بالمئة من المؤسسات ستقدم على تسريح العمالة وإمكانية توقفها عن النشاط وارد، و61 بالمئة من المؤسسات لم تعد تستطيع الحصول على تمويل مصرفي. ورأى جبنون أن حل الأزمة الاقتصادية الحالية هو سياسي، عكس الأزمات السابقة. وقال “غياب حكومة مستقلة لا يسندها ائتلاف حزبي متوافق، لا يمكن أن تكون لها مصداقية أمام المقرضين الدوليين، كما أن تونس تواجه خطر التخفيض في ترقيمها السيادي”. وزاد “الأوضاع تتطلب أرضية سياسية مستقرة لتنفيذ الإصلاحات الهيكلية بسرعة”. وفي وقت دمّرت تداعيات كورونا قطاعات اقتصادية، أبرزها السياحة مصدر البلاد الرئيسي للعملة الصعبة، فإنها بحسب جبنون، فتحت المجال أمام قطاعات أخرى مثل الزراعة والصناعات الغذائية والتكنولوجيا والطاقة المتجدّدة، وهي قطاعات كثيفة التشغيل. واعتبر الخبير الاقتصادي أن “الأزمة السياسية تضرب مباشرة الثقة التي تعتبر محركا رئيسيا للاستثمار”، مبينا “أن هناك تراجعا بـ95 بالمئة في الاستثمار الأجنبي”. وسجل اقتصاد تونس انكماشا بـ1.7 بالمئة في الربع الأول من العام الحالي، فيما بلغ معدل البطالة 15.1 بالمئة. وفقا لبيانات حكومية، فقد كلّفت الجائحة الحكومة التونسية خسائر بقيمة 5 مليارات دينار (1.83 مليار دولار)، ما ساهم في تعميق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد. وعانت أغلب القطاعات الاقتصادية تعطلا، وتوقفت مراكز الإنتاج في الأشهر الثلاثة الماضية بسبب الجائحة، وكذلك بسبب احتجاجات في مناطق عدة من البلاد، خصوصا في مناطق إنتاج النفط والفوسفات. وهبطت عائدات البلاد من السياحة إلى 1.16 مليار دينار (424 مليون دولار) في يوليو الماضي، من 2.79 مليار دينار (1.02 مليار دولار) قبل سنة.
مشاركة :