رجب الشرنوبي يكتب: انتخابات الشيوخ.. قراءة تحليلية

  • 8/13/2020
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

منذ ساعات قليلة انتهت الجولة الأولي لإنتخابات مجلس الشيوخ،أسفرت نتائج هذه الجولة عن فوز القائمة الوحيدة التي ترشحت في الأربع دوائر الكبري كما أسفرت أيضًا عن فوز عدد من المرشحين للمقاعد الفردية بينما سينتظر عدد آخر النتائج النهائية بعد خوضهم جولة الإعادة في سبتمبر القادم، وعلي مدار اليومين الماضيين كان هناك عدد من الملاحظات والظواهر والمؤشرات والحقائق التي تأكدت ،والتي  يجب ألا يتم التغاضي عنها حتي نستفيد بنتائج رصدها وتحليلها في تحسين البيئة السياسية والأداء السياسي بما يعود علي جودة التمثيل السياسي للمواطنين ، وهو مايحقق طموحهم ويكون بمثابة تمثيلًا حقيقيًا معبرًا عنهم مايعني جودة المنتج التشريعي الناتج عن هذا التمثيل.أول هذه الحقائق التي تتأكد من وقت لآخر تمثلت في قدرة الدولة علي تنظيم مثل هذا الإستحقاق الدستوري بهذا الحجم وسط هذه التحديات الدولية والتوترات الإقليمية علي الحدود المصرية..هذا التنظيم الرائع الذي خلا تقريبًا من أي حوادث يمكن أن تشوه سير العملية الإنتخابية وهو تعبير حقيقي عن مدي حالة الأمن والاطمئنان والهدوء والاستقرار التي أصبح عليها الشارع المصري رغم هذه التوترات..نجاح الدولة في تنظيم هذا الحدث الضخم الذي أشرف عليه قرابة الثمانية عشر ألف  قاضٍ  وأكثر من مائة وعشرين ألف موظف في أكثر من أربعة عشر ألف لجنة.. بتأمين كامل من القوات المسلحة والشرطة مع كل الخدمات الصحية والتنظيمية اللازمة..رسالة واضحة إلي كل من تسول له نفسه العبث بالأمن القومي ومصالح الشعب المصري بأن مصر قيادة وشعبًا وجيشًا وشرطة كيان واحد لا يمكن النيل منه.الظاهرة التي لا يمكن نفيها أن معدلات المشاركة تعتبر متدنية إذا ماقورنت بنسب المشاركة التي تعودنا عليها في السنوات الأخيرة..ربما يرجع هذا التدني لعدة أسباب بعضها ليس لأحد ذنب أو تقصير فيه مثل تأثيرات جائحة كورونا والإرتفاع الحاد في درجات الحرارة..هناك أسباب أخري بعضها يتعلق بإتساع الدوائر وعدم معرفة معظم الناخبين بالمرشحين بشكل مباشر..إضافة إلي أن وجود قائمة واحدة في هذا الإستحقاق تعبر عن أحد عشر حزب وسط أكثر من مائة حزب سياسي أعطي أنطباعًا لدي الكثيرين بأن النتائج شبه محسومة وفضل عدم المشاركة.أثبتت نسب المشاركة ونوعية المشاركين في الإستحقاق أن نسبة ليست بالقليلة إنما ذهب إلي لجان الإقتراع دعمًا للوطن وقيادته السياسية لشعور المواطنين بضرورة الإستجابة للوقوف في وجه التحديات التي تستهدف مصر ومستقبل أبنائهم، وقد جاءت كالعادة السيدات في المقام الأول يليها مشاركة كبار السن مع مشاركة محدودة من الشباب بما يدعم هذا الإتجاه.وجود أكثر من مائة حزب سياسي في الساحة السياسية ليس مؤشرًا حقيقيًا عن نجاح التجربة الحزبية في مصر حتي الأن، بل أن هذا الاختبار الجاد أثبت بما لا يدع مجالا للشك أن معظم الأحزاب بإستثناء عدد قليل جدًا منهم ليس لها وجود حقيقي بالشارع و ليست قريبة من المواطنين وخاصة فئة الشباب..والأرقام لاتكذب و ممثلو هذه الأحزاب بين المواطنين بالقري والأحياء فشلوا فشلًا زريعًا في عمل الحشد المطلوب.الحقوق والمكاسب السياسية لكل مواطن سواء بالمشاركة أو الممارسة لن تتحقق إلا بإرادة فعلية من المواطن نفسه.. تبدأ أول الخطوات الفعلية التي تترجم هذه الإرادة بضرورة المشاركة الفعلية وعدم التخلي عن حقه الذي منحته إياه مواد الدستور..من الضروري أن يؤمن المواطن المصري  بأن هذه المشاركة البسيطة في مثل هذه الإستحقاقات يمكن أن تؤثر علي حياته وأسرته ومستقبل أولاده بشكل كبير.تثقيف المواطنين ورفع مستوي الوعي السياسي لهم تقع مسئولياته في المقام الأول علي الأحزاب السياسية وبرامجها وتواجدها بين كافة فئات المجتمع وكذلك مؤسسات المجتمع المدني..كما يقع جزء من هذه المسئولية أيضا علي مؤسسات الدولة ذات الصلة من إعلام"حكومي وخاص"بأنواعه وثقافة وفنون وكل المؤسسات التي تشارك في صنع وجدان وهوية المواطن المصري..بعد عدة سنوات سيكون طفل وطفلة اليوم هما شاب وفتاة الغد.

مشاركة :