«البيروقراطية» تجهض المشروعات الصغيرة في ليبيا

  • 8/15/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

يمضي الشاب الليبي زكريا الجعفري، ساعات طويلة في مركز يملكه للتدريب البشري بالعاصمة طرابلس، يحلم في التوسع باتجاه مساعدة أبناء بلده، لكنه يشتكي عددا من العقبات التنظيمية التي تواجهه مع وزارة العمل والتأهيل المسؤولة عن اعتماد الشركات المختصة في مجال التدريب، والمناهج والشهادات التي تمنح للمتدربين.ويعكس الجعفري (27 عاماً) في شكاياته جانبا كبيراً من قصص أقرانه من الشباب الليبيين من أصحاب المشاريع الصغيرة، الذين يرغبون في التوسع نحو القطاع الخاص بحثاً عن فرص جديدة للعمل، لإعالة أسرهم بعيداً عن القطاع الحكومي المتضخم بـ«أعداد عمالة هائلة».واستهل الجعفري حديثه إلى «الشرق الأوسط» بوجود تعاملات وصفها بـ«غير القانونية» تواجه الشركات الناشئة، بـ«التعنت معها مما يجبرها على عدم استكمال إجراءاتها»، ورأى أن الشرائح التي يتم إقصاؤها هي التي «لا تملك علاقات مع المسؤولين في الدولة». بحسب قوله.ويوضح الجعفري أن انطلاقه نحو النشاط التدريبي قبل خمسة أعوام وافتتاح مركزه بالعاصمة جاء بعد «فترة من عمله كمترجم بإحدى الشركات الكبرى ورصده لظاهرة استغلال الشباب حديث التخرج للعمل ساعات طويلة دون مقابل مادي عادل، وقال: «رصدت ذلك أيضاً في أماكن كثيرة مثل المصانع والمقاهي والمطاعم والمحال التجارية».وتابع: «في بداية نشاطي الخاص كان الدخل جيداً، ولكن بسبب إجراءات الحظر لفيروس (كورونا) انخفض بنسبة كبيرة جداً بسبب طول المدة التي بات البرنامج التدريبي يتطلبها».أما بيّه عبد القادر المهدي، التي تنتمي إلى مدينة سبها بالجنوب الليبي، فمشكلتها وإن اختلفت عن معاناة نظرائها من أصحاب المشاريع الصغيرة ممن تعرضوا لخسائر بسبب عجزهم عن تسويق بضائعهم في ظل التوترات الأمنية التي اجتاحت مناطق جنوب العاصمة لمدة 14 شهراً، فإنها تتقاسم معهم المعاناة بسبب انقطاع التيار الكهربائي المتكرر في كل من طرابلس ومدن الجنوب أيضاً.وأوضحت بيّه في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنها تمتلك مشروعاً صغيراً حيث تصنّع الحلوى في منزلها وتبيعها للمواطنين، وقالت: «لكن بسبب انقطاع الكهرباء المتكرر كثيراً تتعرض بضاعتي للتلف لكونها لا تتحمل الحرارة العالية مما دفعني لقصر نشاطي على شهور الشتاء فقط، ولهذا يتسبب في خسائر».واستكملت: «إلا أنه ومع تفشي فيروس (كورونا) في مدن الجنوب تراجعت القدرة الشرائية للمواطنين، بدرجة كبيرة جداً، وللأسف الدولة لا تدعم أصحاب المشاريع الصغيرة كي نتمكن من الاستمرار في السوق وتقديم الخدمة اللازمة».وفقا لنتائج الإحصاءات النصف سنوية التي نفذها مركز المعلومات والتوثيق التابع لوزارة العمل والتأهيل بحكومة «الوفاق»، فإن أعداد الموظفين في القطاع العام ضمن منظومات مكاتب العمل والتأهيل بالمناطق تجاوز الثلاثة ملايين موظف في عموم ليبيا. فيما بلغ عدد العاملين في القطاع الإداري قرابة المليون ونصف المليون موظف، وبلغ عدد العاملين خارج الجهاز الإداري 600 ألف موظف.المطالب ذاتها تبنتها أيضا خديجة الصالحين، والتي عملت حتى قبل الالتحاق بالمرحلة الجامعية بعدة مهن في الشويرف (جنوب غربي ليبيا) من أجل الإنفاق على دراستها والحصول على الخبرة وتجميع رأس مال تبدأ به مشروعها القائم على التسويق والدعاية للعديد من المنتجات والمحال عبر الإنترنت، وتحويل الأموال أيضاً.وتقول الصالحين (32 عاماً) بعد تخرجي في مجال التقنية الطبية كاختصاصية علاج طبيعي وطوارئ حصلت منذ 2011 على دورات عديدة في التنمية البشرية وإدارة الأعمال ثم دخلت المجال بلا أي دعم لا حكومي أو حتى عائلي، متابعة: «البدايات كانت مبشرة واستطعت تطوير العمل والانتقال إلى مدن طرابلس ومصراتة وبنغازي، إلاّ أنه في ظل جائحة كورونا وما تبعها من حظر تجوال بالفترات الماضية انخفض الدخل بمقدار 50 في المائة تقريبا».وتطالب الصالحين «بوجود صندوق حكومي لدعم رواد الأعمال في ظل الأزمات وحالات الطوارئ التي يتعرضون لها خاصة مع كثرة أعدادهم حالياً»، مشيرة إلى أنها «استطاعت عبر مشروعها توفير دخل شهري جيد لعدد من مندوبي المبيعات والتوصيل والسائقين فضلاً عن استفادة موظفي وأصحاب الشركات التي تتعامل معها من منتجي الملابس والإكسسوارات والمكياج».في السياق ذاته، يقول الخبير الاقتصادي عيسى راشون، إن أغلب الشباب الليبي اتجه للبحث عن تكوين شراكات مع بعضهم البعض أو البحث عمن يدعمهم من رجال الأعمال، بعد «تيقنهم منذ سنوات عديدة من فساد المؤسسات الحكومية المختصة بدعم المشروعات الصغيرة بالبلاد».وأوضح رشوان في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «البيئة الخاصة بالمشروعات الصغيرة واعدة ومليئة بالفرص المضمونة النجاح»، موضحا أن «الجميع يعتمد في ليبيا على الاستيراد وبالتالي يحتاج لموردين ومقدمي خدمات من الداخل الليبي، بالإضافة إلى تقدم خدمات ما بعد البيع، لكن الأزمات التي تواجه أصحاب المشكلات الصغيرة تعيق استمرارهم في السوق».

مشاركة :