البيروقراطية تجهض «الشرطة المجتمعية»

  • 9/7/2014
  • 00:00
  • 24
  • 0
  • 0
news-picture

في الوقت الذي عزا فيه مسؤول أمني سابق إجهاض تجربة "الشرطة المجتمعية" في السعودية إلى "بيروقراطية" الأجهزة الحكومية، بالرغم من أن التطبيق أكد مساهمتها في انخفاض معدل الجريمة، ودعا أعضاء في اللجنة الأمنية في مجلس الشورى ووزارة الداخلية إلى تطبيقها وعدم العودة إلى نقطة الصفر وذلك بالاستفادة من التجارب المحلية والدولية، معتبرين أن "الشرطة المجتمعية" تمثل إنذارا مبكرا لما قد تتعرض له الأحياء من خطورة على أمن سكانها، مدللين على ذلك بحادثة "تمير" التي رصدتها الأجهزة الأمنية أخيرا. وأكد العميد الدكتور محمد المنشاوي مدير الضبط الجنائي في شرطة العاصمة المقدسة سابقا أن بيروقراطية الأجهزة الحكومية ساهمت في إجهاض تطبيق مشروع الشرطة المجتمعية الذي قدمته شرطة العاصمة قبل عشر سنوات للمديرية العامة للأمن العام، وأظهرت نتائجها انخفاض معدلات الجريمة بنسبة 90 في المائة، مضيفا أن الدراسات التي تم تقديمها لا تزال حبيسة الأدراج. وتسعى "الشرطة المجتمعية" إلى إيجاد تعاون بين رجال الأمن ورجال الفكر والثقافة والمربين، وإيجاد حالة ثقافية من الأمن الاجتماعي، خصوصا في الجرائم ذات العلاقة بالممارسات الأخلاقية والسلوكية مثل تعاطي المخدرات والانحراف، وذلك عبر افتتاح مركز للشرطة المجتمعية في كل حي سكني أو في أي تجمع سكاني، ليتولى حفظ الأمن بالتعاون مع السكان في الأحياء والتجمعات المختلفة. العميد محمد المنشاوي حازت شرطة العاصمة المقدسة السبق في تطبيق تجربة "الشرطة المجتمعية" على أرض الواقع وذلك بعد أن تم اقتصار التجربة في حيي الملك فهد والمسفلة عام 1424هـ، حيث أكدت نتائج الدراسات العلمية والميدانية لقسم الإحصاء والدراسات الجنائية فيها رضا المواطنين في العاصمة المقدسة وتقبلهم بشكل كبير للمشروع. وقال العميد الدكتور محمد المنشاوي المشرف على التجربة حينها، إن نتائج التجربة في مكة المكرمة ذهبت ضحية بيروقراطية الأجهزة الحكومية، مشيرا إلى التجربة التي تم تنفيذها على مدى ثلاثة أشهر عام 1424هـ ساهمت في انخفاض نسبة الجريمة 90 في المائة، حيث جرى تطبيقها وفق أسس علمية بعد صدور موافقة وزارة الداخلية على تنفيذها. وأضاف "الفكرة تتمحور حول مراقبة الأحياء فلا يدخل شخص غريب يشكل خطرا على أمن سكانها، وقد رفعنا بالتجربة بعد تطبيقها للمديرية العامة للأمن العام إلا أنها دخلت في متاهات بيروقراطية وما زالت، كما عملت العديد من الدراسات من ضمنها دراسة دكتوراه بعنوان "تأصيل الشرطة المجتمعية والعديد من الدراسات المحكمة" التي نتمنى الاستفادة منها بدل أن تبقى في الأدراج وتضيع بين بيروقراطية الجهات الحكومية". عبدالله السعدون وأبدى المنشاوي أسفه حيال مصير الدراسات والتجارب التي نفذت قائلا، "إنه مع تنقلات قيادات الأمن العام اكتفي بتنظيم ندوة عن "الشرطة المجتمعية"، كما سبق أن عقدت اللجنة المكلفة بدراسة الموضوع اجتماعا وصادف وجود مسؤولين من شرطة العاصمة المقدسة فيه، واتضح أن اللجنة ليس لديها علم بالتجربة، وتلقينا مكافآت وإشادة وتقدير إلا أن ما قدمناه ذهب لـ"سلة المهملات". وحول الفروقات ما بين مصطلح "الشرطة المجتمعية" ونظام "العسة" أكد العميد المنشاوي أن "العسس" جزء من أعمال "الشرطة المجتمعية"، لافتا إلى أنها مطبقة في عدد من دول العالم وكل دولة تطبقها على طريقتها الخاصة، وتتمحور حول تكثيف التواصل الاجتماعي في الحي. محمد السعدان وأضاف أن تجربة شرطة العاصمة المقدسة جاءت بمساهمة كبيرة من عمد الأحياء عبر انتقاء أعضاء منتخبين خضعوا لدورات مكثفة وتم توزيعهم على ساعات معينة للعمل كدورية مجتمعية بلباس مدني ووسائل نقل مختلفة ويقومون برفع تقارير لعمدة الحي الذي بدوره يقوم بالتواصل مع الجهات الأمنية تشمل ملاحظات مختلفة كالتجمعات المشبوهة ومراقبة المساكن المهجورة، وغيرها من الملاحظات. أكد الدكتور نواف الفغم نائب رئيس لجنة الشؤون الأمنية في مجلس الشورى تأييده وبشدة لتطبيق "الشرطة المجتمعية" في السعودية، وقال، "دورها لا يستطيع القيام به أي جهاز حكومي أو أهلي، لذا أؤيد وبشدة إحياءها من جديد"، مضيفا "نظام مراكز الأحياء الذي تمت دراسته في الشورى وتم الرفع به للمقام السامي سيسهم في نجاح "الشرطة المجتمعية" فهي إنذار مبكر في الحفاظ على أمن الأحياء، كما أن إلغاء "العسس" جاء بعد إنشاء ما يعرف بالأمن الشامل، وإنشاء منظومة الأمن الصناعي الذي ينحصر دوره في حماية المنشآت الخاصة". فيما أوضح الشيخ محمد السعدان عضو اللجنة الأمنية في مجلس الشورى أن مناقشة جدوى "الشرطة المجتمعية" لم تعرض في مجلس الشورى، إلا أن إنشاءها في الأحياء مطلب شعبي الكل يؤيده ويشد على أزر الأجهزة الأمنية نظرا لكونه يصب في المصلحة العامة. نواف الفغم وقال "جميعنا يؤيد تطبيقها خاصة أن الأحياء شبه خالية عن أعين الرقيب ويحصل بها الكثير من الجرائم والسرقات، كما أنه من المعروف أن المدن تتوسع أفقيا وهذا ما يدعو إلى زيادة التغطية الأمنية كذلك الأمر بالنسبة للأسواق، لذا فإن تعزيز الأجهزة الأمنية واجب والحاجة تحتمه وتطور المجتمع وتغيره وظهرت أمور لم نكن نتوقع حدوثها في الحسبان". إلى ذلك، اعتبر اللواء ركن عبد الله السعدون عضو مجلس الشورى حادثة "تمير" الأخيرة خير دليل وبرهان على ضرورة اتساع مشاركة المواطنين في كل ما يخص الحفاظ على أمن البلد، مضيفا أن مشاركتهم تطوعا تعد إضافة وشيئا ضروريا لكل مجتمع تشعر المواطن والمقيم أنه شريك ومسؤول ويجب أن يكون يقظا تجاه مسؤولياته. ومشيرا في الوقت نفسه إلى ضرورة دراسة تنفيذه وتطبيق "الشرطة المجتمعية" على عدد من الأحياء السكنية ومن ثم تقييمها وإما أن تعمم أو يكتفى بها في حال عدم جدواها، فالتجربة خير برهان. وأضاف "في أوروبا يبلغون عن كل ما يعتقد أنه يشكل خرقا للأمن سواء كان يخص المبلغ أم جاره أم أحد المارة ويتم التعامل معه أمنيا، لذا يجب أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون ونستفيد من تجارب الدول المتقدمة في هذا الجانب خاصة أنها تحرص على مشاركة المجتمع المدني في الشؤون الخاصة بها وتضمن تفاعله ونجاح التجربة، فالمواطن يعيش في هذا المكان ويعرف الحي أكثر من غيره ويجب تجربة "الشرطة المجتمعية" والاستفادة من تجارب الدول المتقدمة. أكثر من 600 يوم تحديدا هي الفترة التي انقضت بعد أن أعلن معهد الملك عبد الله للبحوث والدراسات الاستشارية في جامعة الملك سعود فوزه بعقد تقديم خدمات استشارية للمديرية العامة للأمن العام، التي ترغب في تأسيس الشرطة المجتمعية وتفعيلها. ويأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه معهد الملك عبد الله للدراسات والبحوث الاستشارية عن فوزه بعقد تقديم خدمات استشارية للمديرية العامة للأمن العام التي ترغب في تأسيس "الشرطة المجتمعية" وتفعيلها قبل عامين، وأفصحت حينها مصادر خاصة لـ"الاقتصادية" أن بدء تطبيق "الشرطة المجتمعية" في مناطق السعودية لم يتحدد، مؤكدة أنه لم يأت توجيه من وزارة الداخلية بتطبيقها، لافتة إلى أن الأمن العام بحث جدوى تأسيسها مع العديد من الجهات سواء الجامعات أو المعاهد، إضافة إلى إقامة ندوتين تم خلالهما مناقشة تطبيقها.

مشاركة :