جدد الرئيس التونسي موقفه من قضية المساواة في الميراث، إذ تمسك بمواقفه السابقة التي أعلن عنها خلال حملته الانتخابية، ووصف النقاش الدائر منذ سنوات في البلاد بشأن المساواة في الميراث بين الجنسين "بالخاطئ وغير البريء"، في خطوة قد تمهده لاستبعاده نهائيا في عهدته الرئاسية. وفقد بذلك أنصار المبادرة الأمل في إمكانية نجاحها، وتعرض سعيد إلى النقاش الدائر في هذه المسألة في كلمة له الخميس بمناسبة احتفاء تونس بعيد المرأة، واعتبره انحرافا عن القضايا الجوهرية التي تشغل بال التونسيين. وقال سعيد "اعتمد البعض على الفصل 21 من الدستور الذي ينص على المساواة بين المواطنين والمواطنات. وترك الكثيرون مطالب الشعب وانكب اهتمامهم على هذا الفصل وتتالت التأويلات". ويرى مراقبون ان حركة النهضة الإسلامية عملت طيلة الفترة الماضية على عامل الوقت لإجهاض المبادرة التي أطلقها الرئيس الباجي قائد السبسي منذ سنة 2017 ولم يتعرض البرلمان إلى مناقشته أو التصويت عليه حتى تاريخ وفاته في يوليو 2019. وأثار مشروع القانون منذ طرحه لأول مرة جدلا وردود أفعال غاضبة من الطبقة المحافظة وكبار علماء الدين في تونس وخارجها مقابل الترحيب به من الطبقة العلمانية ومنظمات حقوقية. ويستند مؤيدو المبادرة ورافضوها إلى الدستور لتمريرها أو إسقاطها. وفي حين يؤكد داعموها على أن الدستور ينص على المساواة التامة بين الجنسين، يستند معارضوها على المرجعية الإسلامية للدولة التي يؤكد عليها الفصل الأول من الدستور. وأبدى الرئيس سعيد وهو أستاذ قانون دستوري، اعتراضه على مبادرة السبسي حتى قبل ترشحه إلى السباق الرئاسي. وقال سعيد في كلمته بالقصر الرئاسي أمام ممثلين من الأحزاب والمنظمات الوطنية "قامت الثورة في تونس من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية وإذا كان النقاش والصراع قد تحول إلى صراع حول الإرث والميراث فهو صراع خاطئ وغير بريء وكأن للتونسيين والتونسيات حسابات في المصارف الأجنبية". وتابع الرئيس "التونسيون يطالبون بالعدالة والحرية ولم يستشهد أبناء هذا الشعب من أجل هذه القضايا المفتعلة التي حسمها القرآن ولم تكن مصدر فرقة وانقسام". وفي نوفمبر2018، صادقت الحكومة على مشروع القانون الأساسي المثير للجدل، المتعلق بالمساواة في الإرث بين الرجل والمرأة. ويتعلق مشروع القانون بإضافة بند في قانون الأحوال الشخصية تحت عنوان "أحكام تتعلق بالتساوي في الإرث". وعقب تصديق الحكومة عليه، تمت إحالة المشروع إلى البرلمان في ديسمبر2018، لكن سرعان ما توقفت النقاشات حول المبادرة، صلب اللجنة البرلمانية. وأثار مشروع القانون جدلا بين مختلف التيارات السياسية والفكرية في البلاد، وتظاهر احتجاجا عليه آلاف التونسيين في أغسطس 2018 أمام مقر البرلمان بالعاصمة، وفي العديد من ولايات البلاد.
مشاركة :