كانت ياسمين سمير رفقة عائلتها في منتجع مخصص للأثرياء على الساحل الشمالي الذي يعتبر امتدادا لشواطئ البحر المتوسط في مصر، حين تعرضت لمواجهة أخريات حيث كانت ترتدي البوركيني، وهو لباس سباحة ترتديه المسلمات المحافظات لتغطية كامل الجسم. وسرعان ما اجتمعت نساء مطالبات سمير بالرحيل، حيث وصفت إحداهن ذوقها بالقبيح. وكانت سمير في المنتجع للترفيه عن نفسها مع ارتفاع درجات الحرارة في مصر، لكن الحادثة التي حصلت معها الشهر الماضي تحولت إلى نقاش وطني حول ما يمكن للمرأة أن ترتديه وأين. وسلط الضوء على الضغوط والتناقض بين الطبقات والمجتمع والدين في الدولة المحافظة ذات الأغلبية المسلمة. وقالت سمير “أصبت بالذعر في البداية، لكنني قررت عدم التراجع”. وانتشر فيديو للمواجهة على نطاق واسع يظهرها مع زوجها في المسبح وهما يتجادلان مع النساء. وترتدي غالبية النساء الحجاب وتشجع السلطات الدينية على ذلك. لكن النساء اللاتي يرتدين الحجاب أو البوركيني، يواجهن التمييز والازدراء من بعض دوائر الأثرياء حيث يُنظر إلى مثل هذا اللباس على أنه دليل على التخلف. ويرفض بعض أصحاب فنادق وقرى سياحية في مصر ارتداء البوركيني داخل حمامات السباحة، بدعوى أنه ناقل للأمراض وملوث للمياه، ما يجبرهم على تغييرها واستهلاك كميات كبيرة منها يوميا. وفي العديد من المجمعات الخاصة المنتشرة على سواحل مصر، يُنظر إلى البوركيني بسخرية وتُفرض سياسة صارمة تمنع السباحة بالملابس التي تغطي كامل الجسم حتى لو كانت مصنوعة من الليكرا. وفي المقابل، وفي عدد من الشواطئ العامة في مصر، التي تتردد عليها الطبقات الدنيا، تسبح معظم النساء مرتديات الحجاب وأردية طويلة، وتواجه النساء اللاتي يرتدين لباس سباحة كاشف التحرش. ويمكن أن تواجه تلك التي تظهر على وسائل التواصل الاجتماعي وهي ترتدي ثوب السباحة عاصفة من الإهانات المخزية. وأصرت النساء اللاتي واجهن سمير على أن ملابس السباحة التي ترتديها غير صحية. لكنها تقول إنهن كن غير راضيات عن مظهرها. وفي مقطع الفيديو الذي صوره أحد الشهود، صدّت سمير وزوجها مصطفى حسن المنتقدات واحدة تلو الأخرى. النساء اللاتي يرتدين الحجاب أو البوركيني، يواجهن التمييز والازدراء حيث يُنظر إلى لباسهن على أنه دليل على التخلف ونشرت الزوجة مقطع الفيديو على فيسبوك، أين حصد أكثر من مليون مشاهدة و18 ألف مشاركة، وأعرب العديد من المستخدمين عن دعمهم لها. وقالت سمير إنها تلقت دعما من نساء عبر الإنترنت قلن إنها منحتهن الشجاعة للسباحة بالبوركيني. وأشارت دعاء محمد، التي ترتدي الحجاب منذ عقد، إلى أن الحظر غالبا ما يكون تمييزا اقتصاديا مستترا، فبالنسبة للمؤسسات، تنتمي النساء اللاتي يرتدين الحجاب إلى الطبقات الدنيا أو المتوسطة ولذلك فإنها تفضل الامتناع عن تقديم أي خدمات لهن بحجة أنه ممنوع على المحجبات ارتياد هذا المكان أو ذاك. ويظهر هذا التمييز في استغلال لوائح من الممنوعات الوهمية، حيث يؤكد موظف (فضل عدم ذكر اسمه) يعمل بـ”ستيلا سيدي عبدالرحمن” المكان الذي وقعت فيه حادثة سمير، أن المنتجع لا يعتمد أي سياسة ضد البوركيني، طالما أنه مصنوع من مادة تُعتمد في خياطة ملابس السباحة. وتشجّع وزارة السياحة المصرية النساء اللاتي يواجهن مشاكل بسبب البوركيني على تقديم شكوى إليها. وفي 2017، كانت دينا عيسى في مسبح منتجع في مدينة العين السخنة المطلة على البحر الأحمر حيث تقضي مع عائلتها عطلة العيد، عندما طُلب منها المغادرة لارتدائها البوركيني. لم ترغب عائلتها في إحداث بلبلة، فطلبت منها الخضوع. وتعيش عيسى اليوم في ولاية أوهايو الأميركية أين تذهب للسباحة كل أسبوع، مؤكدة أنه لم يطلب منها أحد المغادرة بسبب ملابس السباحة التي ترتديها. ويمكن أن يدين المجتمع المنضبط في الكثير من الأحيان امرأة ترتدي البكيني أيضا، حيث أفادت يسرا محمد حمودة، وهي باحثة بالجامعة الأميركية بالقاهرة، أنها كانت ضحية لرد فعل عدواني على منتجعات الساحل الشمالي عندما كانت ترتدي البكيني. وترجع يسرا ما تعرضت له إلى الذكورية والطبقية المتجذّرة، وليس الدين، قائلة “هناك نظام طبقي أبوي في المجتمع المصري، يحكم على المرأة على أساس الطبقة التي تنتمي إليها”. وارتدت محمد حجابها في عدد من النوادي في مدن ككوبنهاغن دون أن يوقفها أحد. وشددت على أنه “يجب أن نتعلم كيف نعيش ونترك الآخرين يعيشون حياتهم في مصر. أنا لا أفهم سبب هذه البلبلة”.
مشاركة :