جدل البوركيني والبكيني يفسد التمتع على السواحل في الجزائر

  • 7/19/2017
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

جدل البوركيني والبكيني يفسد التمتع على السواحل في الجزائر تثير سباحة المرأة المتحررة في شواطئ الجزائر المطلة على البحر المتوسط خلافا داخل مختلف أطياف المجتمع، الأمر الذي نتج عنه تقسيم غير معلن لشواطئ تسبح فيها النساء بالبكيني وبحرية، وأخرى يرتادها الإسلاميون بالجلباب والجبة والخمار والبوركيني.العرب  [نُشر في 2017/07/19، العدد: 10696، ص(20)]البوركيني والفيس كيني موضة في الشواطئ الجزائرية الجزائر - يشهد موسم الاصطياف في الجزائر توافدا كبيرا من مختلف شرائح المجتمع على الشواطئ العامة، فمنهم من لا هم لهم سوى الاستمتاع بمياه البحر في موسم صيفي لاهب، فلا شأن لهم بمن يلبس البكيني أو البوركيني، ومنهم من يتخذ شواطئ منعزلة يطلق الجزائريون على بعضها شواطئ “الملتزمين”، أو “شواطئ الإخوة”، أو”الشواطئ الإسلامية”، أو”شواطئ السلفية”، حيث فرض مرتادوها اللباس الشرعي واللحى والأهازيج الدينية وإقامة الصلاة على الرمال الذهبية متهمين من يخالفهم بالتبرج. وأصبحت الشواطئ الجزائرية بذلك منقسمة إلى قسمين، واحدة مغلقة، وأخرى مختلطة ترتادها جميع الشرائح من المجتمع، فهناك من يرتدي لباس البحر الذي يقتصر على السروال القصير بالنسبة إلى الرجال والبكيني بالنسبة إلى النساء، وهناك من يرتدي الملابس المحتشمة من الملتحين والنساء المنقبات والمحجبات لكن ذلك خلق جدلا، ادى الى إطلاق حملات وحملات مضادة. تقول ليديا وهي طالبة جامعية إنها لا ترى حرجا في ما تلبسه في البحر أو يلبسه الآخرون، مضيفة، “أسبح بالبكيني أحيانا وأحيانا أخرى بمايوه موحد لأني سمينة بعض الشيء.. ووالدي لا يرى مانعا من أن أذهب إلى البحر مع صديقاتي وزملاء الدراسة لأنه يثق في ما أقوم به، ولست من النوع الذي يعيش حياة فاضحة كما يرانا الكثيرون”. ويقول المختص في علم الاجتماع رشيد ميموني إن الشواطئ المختلطة في الجزائر ليست بالضرورة غير محتشمة أو محترمة، هناك عائلات محترمة ومتدينة ومحافظة على عاداتها وتقاليدها تأتي بغرض الاستجمام والتمتع بالبحر. وتقول سهام صديقة ليديا “نحن فتيات متحررات ولدينا ضميرنا الديني الخاص بنا، ونشعر بحرية كبيرة في هذا الشاطئ”. أما رفيقة من مجموعة ليديا المكونة من شباب وبنات، فتؤكد أنها تحترم المجتمع الجزائري لأنها واحدة منه وهي محافظة، لكنها تلبس ما يريحها في البحر، فتسبح في المايوه وترتدي على الشاطئ “الباريو” وهو عبارة عن قطعة قماش كبيرة ملونة تربطها على الخصر من جانب واحد تستر بها الجزء السفلي من الجسم، وأحيانا أخرى تلبس تنورة قصيرة جدا من نوع “البورتفاي” وقميصا يربط على مستوى الرقبة فقط، فهي تريد أن تستمتع بماء البحر وبرونزاج على الرمال تتفاخر به أمام صديقاتها في الأعراس والأفراح.يحرص بعض المصطافين على صلاة الظهر والعصر جماعة في بعض الشواطئ التشهير بالفتيات أطلق جزائريون على مواقع التواصل الاجتماعي حملة تحت اسم "استري روحك" أي "استري نفسك"، لدعوة الفتيات والنساء إلى الكف عن الذهاب إلى الشواطئ بلباس يرون فيه "إثارة للشباب". ويصور القائمون على الحملة، التي انطلقت منذ أيام، البنات خلسة بلباس السباحة وينشرونها على مواقع التواصل الاجتماعي، قصد إحراجهن والتشهير بصورهن. ولقيت الحملة انتقادات واسعة، إذ اعتبرها متابعون تشهيرا غير أخلاقي بفتيات يمارسن حقهن الطبيعي في السباحة، ولم يخولن أحدا أن يلتقط لهن الصور. واعتبر المنتقدون المبادرة إساءة للمرأة الجزائرية، لا سيما أن بعض الصور أججت مشاكل كثيرة وسط العائلات بسبب تداولها على المنصات الاجتماعية. وأطلق غاضبون حملة سموها “واش دخلك؟” (أي ما شأنك) للدفاع عن حرية النساء في ارتياد الشواطئ وعدم التشهير بهن. واستنكرت رئيسة الجمعية الوطنية الجزائرية لترقية المرأة وحماية الشباب نادية دريدي، التعدي على حريات الأشخاص، مطالبة ضحايا هذه الصفحات بتقديم شكاوى لدى الجهات الأمنية. وفي ردة فعل غير متوقعة، دعا عدد كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي إلى تنظيم يوم خاص للسباحة دون ملابس في شواطئ بجاية، بتاريخ الـسابع من أغسطس المقبل، وذلك بعد الحملة التي شنها محافظون والتي طالبوا من خلالها بالحشمة في الشواطئ. ودعت مجموعة من النساء عبر مواقع التواصل الاجتماعي على اختلافها من فيسبوك وتويتر وإنستغرام إلى النزول إلى شواطئ بجاية مطلع أوت المقبل والسباحة عاريات. ويعود سبب تنظيم هذه الحملة حسب رأي الكثير من الفتيات إلى المطالبة بالحرية، وفي هذا الشأن تقول منال طالبة جامعية “كل شخص حر في حياته وعلى الجميع احترامنا، لنا الحرية في السباحة بالملابس التي نريدها سواء كانت محتشمة أو غير محتشمة”. وتقول صفية “أنا شخصيا أسبح بلباس السباحة والكل يتحرش بي، ألا يعرفون أن هناك ما يسمى بالحرية الشخصية؟، لذلك أنا مع تنظيم يوم خاص لوضع حد لهؤلاء الأشخاص الذين يتدخلون في ما لا يعنيهم”.ما يعتبره البعض تبرجا يعتبره البعض الآخر تحررا بحر الإخوة قسم آخر من الشواطئ الجزائرية يرفض فيه الملتزمون والملتزمات التوجه نحو شواطئ تعكر صفو متعتهم، سواء من خلال ملابس المصطافين التي يعتبرونها فاضحة أو المعاكسات بين الشباب والفتيات أو بسبب أصوات الموسيقى المنبعثة من هنا وهناك. ففي بعض شواطئ العاصمة الجزائر، منها الصابلات (شرق) والمنارة (10 كلم غرب)، يلتقي ملتحون ومحجبات بلباسهن على الشاطئ وينزلن إلى الماء بالجبة والحجاب وحتى الجلباب. ويقول زهير عبادو، جزائري طويل ذو لحية سوداء كثيفة، “بسبب مشاهد العري المنتشرة في مختلف شواطئ البلاد، قدمت إلى هنا حيث لا وجود لتلك الصور السيئة التي كنّا نراها فقط في الشواطئ الأوروبية، وبالتالي أفضل أن أقضي نهاية الأسبوع أو الإجازة في الشواطئ الخاصة بـ’الإخوة’ و’الأخوات’ (الملتحين والمتجلببات)”. ويضيف المتحدث “لا تحدث هنا مشاكل ولا معاكسات، الجميع هنا يحترم بعضهم البعض، وكل واحد منشغل بالسباحة أو بالاستجمام مع أفراد عائلته”. وفي السياق، لفت زهير إلى أنّه يقصد شاطئ المنارة منذ أكثر من ثلاث سنوات بمعية زوجته وأولاده ولم يحدث أن واجهته مشاكل من أي نوع كانت. وأشار إلى أنّ الدخول إلى الشاطئ ممنوع بطريقة غير مباشرة على المتبرجين والمتبرجات لاقتناع هؤلاء بأنّ هذا الشاطئ خاص بالملتزمين من الملتحين وعائلاتهم أو غير الملتحين كذلك، لكن هناك استثناءات، “فمثلا عندما نجد امرأة غير محجبة تريد السباحة هنا، فهذا لا يشكل حرجا بالنسبة إلينا ولا نضايقها أو نطلب منها المغادرة، والأمر سيان بالنسبة إلى شخص آخر ملتزم”. ومن جهتها، تؤكد مريم داية فتاة محجبة أنّ تجربة شخصية سيئة حدثت لها في الماضي بأحد الشواطئ بالعاصمة دفعتها لأن تقصد شاطئا أكثر احتشاما والتزاما. تقول مريم “أردت المجيء إلى شواطئ الصابلات التي تمت تهيئتها مؤخرا، والسبب هو أنّ الفضاء عائلي وآمن وأكثر احتشاما”. وترى المتحدثة أنّ اختيار شواطئ منزوية بعيدا عن الشواطئ المعروفة في أي مكان ساحلي ليس من قبيل رغبة شخصية تتعلق برجال ملتحين أو نساء محجبات، ولكن بسبب مرتادي البحر من الشباب الطائشين والسكارى واللصوص. أما انيسة فتقول “نهرب من الشواطئ المختلطة ونذهب إلى الشواطئ العائلية، لكن أحيانا نرى نساء عاريات عند دخولهن بالملابس العادية إلى البحر، في اعتقادهن أن هذا أفضل وأنهن مستورات، لكن من المفروض عدم السباحة بالجبة خاصة إن كانت فاتحة اللون، لأنها داخل الماء تطفو وعند الخروج من الماء تلتصق بالجسم فتبينه وتفصله فيظهرن كأنهن بالبكيني، أنا أختار بعناية ما ألبسه داخل البحر؛ أختار ملابس داكنة اللون من قميص ليس فضفاضا كثيرا كي لا يطفو في البحر، ومعه سروال لأن الملابس الفاتحة اللون عند ملامستها الماء تصبح شفافة تماما”. وظهرت في الآونة الأخيرة موضة غزت الشواطئ الجزائرية تتمثل في ما يعرف باسم “رأس كيني” أو “فيس كيني”، وهو بمثابة قناع للرأس والوجه تلبسه النساء لا يظهر سوى العينين والأنف والفم، ويمتد ليغطي الرقبة. وأثار هذا اللباس الجديد جدلا واسعا في الجزائر بعد الجدل الذي أثاره البوركيني في الوطن العربي، فأعربت المحجبات عن ارتياحهن الكبير لاختراع الفيس كيني باعتباره يغطي منطقة الرأس بأكملها فيوفر عليهن ارتداء الحجاب من جهة ويحمي وجوههن من أشعة الشمس الحارقة من جهة ثانية. ومن جهة أخرى أثارت هذه الظاهرة استهجانا كبيرا عبر مواقع التواصل الاجتماعي فاعتبر البعض موضة الفيس كيني عبارة عن “أقنعة مخيفة تشبه المومياوات”، وقال البعض الآخر “نساء يتعرين من الأسفل ويغطين وجوههن”. وعلق البعض “هل خفتن على وجوهكن من أشعة الشمس الحارقة ولم تخفن على أجسادكن؟”، في إشارة إلى النساء غير المحجبات اللواتي فضلن ارتداء الفيس كيني. وآخرون رأوا في هذا القناع الجديد تخلفا لأن الذهاب للشواطئ غالبا ما يكون بغرض السباحة والتعرض لأشعة الشمس من أجل البرونزاج والفيتامين دي للجسم."فيس كيني".. يتعرين من الأسفل ويغطين وجوههن لكل شاطئه يجذب شاطئ الفار في العاصمة الجزائرية المصطافين الملتزمين من الرجال فقط، فالنساء غير مرحب بهن حتى ولو كنّ يقطن بقربه. يقول رشيد أحد المصطافين “بعدما التزمت بالدين الإسلامي التزاما كليا والتحيت ابتعدت عن شواطئ الفسق والفتن، وأصبحت أقصد شاطئ الفار حيث أجد راحتي التامة، هنا لا وجود للموسيقى فالإخوة يسبحون على أصوات الأناشيد والمدائح الدينية”. وعلى شاطئ المنارة أو الفار، يحرص المصطافون على الالتزام بصلاتي الظهر والعصر، حيث يبادر بعض الشباب إلى رفع الأذان، ويسارع الجميع إلى مغادرة البحر لأداء الصلاة في الوقت المحدد. ويسبح معظم الرجال الذين يقصدون شاطئ الفار بلباس مكون من قميص وسروال يغطي الركبتين، التزاما بتغطية حدود العورة لدى الرجال وفقا للشرع. الصافي شاب يخيم يوميا على شاطئ الفار منذ الصباح في إجازته يقول “رغم افتقاد الشاطئ لوسائل الراحة المتوفرة في الشواطئ الأخرى، إلا أن الأجواء الإيمانية التي تغمره على الدوام تجعل الجميع يستغني عن هذه الأشياء”. ويقول حميد، كهل ملتح يرتاد شاطئ الفار مع أصدقائه، “أنا أرتاد شاطئ الفار لأستمتع بالشمس والبحر، معظم الإخوة يجدون راحتهم هنا بسبب افتقادهم لأماكن الراحة أمام تحول معظم الشواطئ إلى أماكن للعري وقلة الحياء، نتيجة اختلاط الرجال بالنساء اللواتي يرتدين ملابس شبه عارية”. أما صديقه مجيد فيقول إنه كلما أتيحت له فرصة الذهاب إلى البحر، يقصد شاطئ الفار الخالي من النساء المتبرجات بألبستهن الفاضحة التي ترمز إلى مظاهر فساد الأخلاق والاختلاط، مؤكدا “أن الإنسان يجب أن يميز بين الحلال والحرام، وعليه ألا يتعدى الحدود، لوجود ضوابط شرعية وأخلاقية لا يجوز التطاول عليها، “لكن ما يحدث في شواطئنا بعيد كل البعد عن الالتزام بالجانب الشرعي، ونحن نرى ظواهر دخيلة أرادت أن تنفث سمومها في مجتمعنا”. ويذكر أنه في صيف 2014 بادر شباب الأحياء الشعبية الساحلية بالعاصمة الجزائر، بتشكيل لجان قصد فرض الاحتشام والاحترام في الشواطئ، بالتعاون مع لجان المساجد والأئمة الذين قاموا بحملات توعية تحت شعار “شواطئ إسلامية بقيم جزائرية”. مقابل استحواذ الرجال على بعض الشواطئ في المحافظات الساحلية الجزائرية، بعث مستثمر جزائري شاطئا مخصصا للنساء فقط ولا يدخله من الذكور إلا من هم دون سن العاشرة. وفي شاطئ مارينا بالم ببلدية برج البحري شرق العاصمة الجزائر تجتمع في فصل الصيف من النساء الصغيرة والكبيرة، الكنّة وحماتها، شاطئ تتقاسمه المرأة العاطلة والعاملة، المتبرجة والمتحجبة، الفقيرة والثرية، لما يتيحه لهن من حرية بعيدة عن تحديق الرجال وتحرشاتهم التي لا يسلمن منها في بقية الشواطئ. إنه شاطئ نسائي بامتياز؛ فكل الخدمات يسهر على تقديمها طاقم مؤنث متخصص، حيث تعمل بالكافيتيريا فتيات شابات، يحضرن الشاي والقهوة ويبعن الحلويات والمقبلات، حتى الحماية المدنية تجدها من النساء فقط، وانتشلت العديد من النساء فتيات في مقتبل العمر من غرق محقق، وقد ارتدين زيا موحدا وهن يسهرن على راحة المصطافات. شاطئ مارينا بالم مسيّج في جميع حدوده لكي يضمن تخفيا عن الأنظار وسترا للنساء، وخارج تلك الحدود تقوم قوارب الأمن التابعة للمركّب بدوريات وجولات لإبعاد المتطفلين، لا سيما الشباب الذين يحاولون التسلل سباحة أو بالـ”جيت سكي” والاقتراب من النساء للمعاكسة والتحرش. ويقول رضا بورايو صاحب مشروع مارينا بالم وهو رجل أعمال جزائري مقيم في الإمارات، إنه بعث هذا المركب السياحي على شاطئ مهمل مهجور كانت تملأه النفايات، “بعثت هذا المشروع لأرى نساء من مختلف محافظات الجزائر من عنابة وتلمسان وتمنراست حققن أمنيتهن في السباحة دون قيود أو حرج، فبعض النساء يقسمن أنهن لم ينزلن للبحر في حياتهن، وأخريات يؤكدن أنهن طلقنه منذ أكثر من 15 عاما”.

مشاركة :