عفا الله عما سلف | مقالات

  • 7/22/2015
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

مرت الكويت بأزمات سياسية كثيرة انتهت جميعها بحكمة قيادتها وموالاة شعبها لهم بسياسة لا غالب ولا مغلوب، وتغليب المختلفين مصلحة البلد على خلافاتهم. ففي ثلاثينات القرن الماضي قامت شبه ثورة قتل فيها ناس وحبس آخرون وخرج البعض من البلاد، ولكنهم عادوا جميعاً بعد فترة ليشاركوا في إعداد الدستور وبناء الكويت الحديثة نواباً ووزراء بعد الاستقلال. وفي السبعينات حدث ما يسمى بأزمة المفرقعات الصوتية، وسجن بعض الشباب المتحمس وهرب آخرون منهم للخارج، ولكنهم عادوا في ما بعد نواباً ووزراء دون أي مساءلة. وفي ثمانينات القرن نفسه أصابت البلد فتنة سقط فيها ضحايا أبرياء، أطفال وشيوخ، وسجن البعض، وفرَّ آخرون، وبعد تحرير البلد من العدوان العراقي الغاشم، رجعوا لأعمالهم ووظائفهم بعد عفو طال جميع من عليه أحكام من جميع التهم، ومنهم من شارك في العمل السياسي والنقابي والتعاوني. ومنذ عام 2006 والكويت تعيش في دوامة أزمة سياسية لم تحل حتى الآن بسبب مطالب شعبية لإصلاحات سياسية ودستورية ورفض لقوانين حكومية- أقرتها المحكمة الدستورية وتم العمل بها-. أنا شخصياً أختلف مع غالبية أفكارهم وخاصة طريقة طرحهم لهذه المبادئ، ولكن هذه الأزمة لم تطلق فيها رصاصة واحدة، أو يقتل فيها فرد، أو تخرب بها منشأة، ومن تجاوز القانون أو مسَّ المقام السامي، أو عاب بقضائنا النزيه صدر بحقه عقوبات وأحكام مشددة، منها سحب الجنسية والسجن مع التنفيذ، أو الحبس مع وقف النفاذ، ودفع كفالات مالية باهظة، ولكن غالبية من شارك في هذه الأزمة لم يتجاوزوا القانون ولهم تاريخ وطني مشرف، وثقل سياسي واجتماعي ومالي، وعودتهم للعمل السياسي تعزيز له، وتقوية لقراراته ودعم لشرعيته. وقد طلب بعض هؤلاء من نواب وناشطين سياسيين مقابلة صاحب السمو حفظه الله ورعاه، فاستقبلهم سموه استقباله لعياله، فقدموا له الشكر والولاء، وسمعوا منه نصائحه، وخرجوا من عند سموه وهم فرحون متفائلون من لقائه، ولكن قلة من نواب المجلس الحالي وخصوم سياسيين لهم، يخشون مزاحمتهم على الكراسي والمناصب، إذا عادوا إلى الساحة ويطالبونهم بالاعتذار العلني، ويحرضون السلطة على إقصائهم، وكأن هناك معركة فيها منتصر يحق له وضع شروطه، ومهزوم عليه تقديم تنازلات، وهذا أمر لم نعهده كشعب وحكام، فقد اعتدنا سياسة عفا الله عما سلف، وفتح صفحة جديدة لخدمة بلدنا بإخلاص. الغريب في الأمر أن هؤلاء المحرضين اعتادوا الحديث بوجوب رص الصفوف، والتمسك بالوحدة الوطنية، في وجه رياح السموم الطائفية والفئوية، وهم اليوم من يطالب بإقصاء شريحة ليست قليلة في المجتمع لخلاف في الرؤى السياسية. *** إضاءة: «من شبَّ على شيءٍ شابَ عليه»...

مشاركة :