إنجاز أمني استباقي جديد نقف له احتراماً وتقديراً. ذلك المتمثل في القبض على (431) متهماً يشكلون خلايا عنقودية لتنظيم داعش الإرهابي، بحسب بيان وزارة الداخلية. يقظة أمنية تحفزنا على تفعيل اليقظة الفكرية والتجديد فيها وتطوير البرامج والأنشطة المرتبطة بها. البيان يقول إن غالبية المقبوض عليهم من المواطنين، وهذا أمر خطير يدفعنا إلى فتح الملفات الوطنية بكافة أشكالها، والبحث في جذور هذه الظاهرة الخطيرة المدمرة التي تعادي كل ماله علاقة بالدين والأمن والسلام والتعايش. المنجز الأمني فخر وطني حري أن يدفع بالمواطن والمقيم الى المشاركة من خلال مواقعهم المختلفة. المسؤولية مسؤولية الجميع، في البيت والمدرسة والمسجد ومواقع العمل. هذا الإرهاب عدو للجميع ومن واجب الجميع دعم الجهود الأمنية بكل الوسائل. لا يكفي أن نشكر رجال الأمن أو نندد ونستنكر. علينا أن نبحث عن منابع الإرهاب الفكرية ومصادر تمويلها. الجهود الأمنية حققت وتحقق إنجازات عظيمة. أما على المدى البعيد فلا بد أن ندرك أن المنظمات الإرهابية لم تظهر علينا بين يوم وليلة وبالتالي فإن القضاء عليها يتطلب جهوداً أمنية وفكرية وتربوية تنبثق من استراتيجية وطنية تستند على أبحاث ودراسات تقوم بها الجامعات ومراكز الأبحاث. أمن الوطن لا يتحقق بالخطب الإنشائية وردود الأفعال العاطفية، هذا التفاعل له صفة وقتية تأثيرها محدود جداً في ردم منابع الإرهاب والانتصار على الفكر التكفيري. إن تحول الإرهاب إلى ظاهرة أو أزمة عالمية وانتشاره في مواقع كثيرة هو مؤشر على أن تشخيص هذه الأزمة لم يرق إلى المستوى المطلوب ولم يتمكن حتى الآن من الوصول إلى جذور الأزمة، واكتفى بالحلول الأمنية فقط. هناك جهود مبذولة على المستوى الفكري لكنها بحاجة إلى مراجعة وتقييم وتطوير. مراجعة تطرح الأسئلة وتبحث بشجاعة عن المنابع الفكرية، ولماذا ظهرت هذه المنابع؟ وكيف انتشرت، وكيف تمكنت من التغرير بالشباب؟ وهل يقتصر دور المواطن وقطاعات الدولة المختلفة على التصفيق لرجال الأمن والإشادة بالجهود الأمنية، ثم الاستسلام للاتكالية والسلبية؟ إن مكافحة الإرهاب أمنياً وفكرياً هدف يمكن تحقيقه عملياً بجهود كافة مؤسسات الدولة، وفئات المجتمع. المسؤولية الاجتماعية للمؤسسات والشركات يجب أن تقوم بدور فاعل في دعم مشروع وطني متكامل يشمل تمويل الأبحاث، واستقطاب الشباب في برامج تأهيل وتدريب، ودعم البرامج الثقافية، والجهود الأمنية، وكل ما من شأنه المساهمة في حماية الوطن، وتعزيز الأمن، ونشر ثقافة العلم والعمل والبناء والتكافل والتعايش والحوار والمحبة والتسامح. الإرهاب في قبضة الأمن فشكراً لحماه الوطن في الداخل وعلى الحدود. شكراً على جهودكم وإنجازاتكم. وبعد الشكر علينا أن نضع التطرف الفكري الذي يولد الإرهاب في قبضة الوطن، وتحت سيطرة الفكر البناء، يجب أن نقف أمام المرآة ونتحلى بالشجاعة ونسأل أنفسنا: أين الخلل؟
مشاركة :