ربيع مجلس الأمن - يوسف القبلان

  • 10/23/2013
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الدول القوية عسكريا تسيطر على مجلس الأمن وتفرض مطالبها بمعايير المصالح وليس بمعايير أخلاقية أو انسانية. هذه السيطرة هي نوع من الديكتاتورية العالمية التي حان وقت الاعتراض عليها لتذكير الأعضاء الدائمين أن معايير مجلس الأمن وآليات عمله تحتاج الى تطوير واصلاح يتفق مع أهداف المجلس ومبادئه. ازدواجية المعايير صارت عنوانا لهذا المجلس. المصالح السياسية والاقتصادية هي التي تصنع القرارات وليس حقوق الانسان أو القوانين الدولية. قضية واحدة تكفي لفضح أن العدالة غائبة وأن بعض الدول هي فوق القانون. لنأخذ قضية فلسطين كمثال: كانت هذه القضية وما زالت مسرحا لاستخدام الفيتو لمصلحة اسرائيل أما القرارات التي تعبر ضد اسرائيل فهي مجرد قرارات ادانة أو شجب أو استنكار أو تعبير عن القلق ومثل هذه القرارات لم ولن تعيد حقوق الفلسطينيين ولم ولن تحقق العدالة. في عام 1967 صدر عن مجلس الأمن القرار رقم 242 وجاء فيه ضرورة انسحاب القوات المحتلة من الأراضي التي احتلت في حرب 67. نحن الآن في 2013 فما هي أخبار ذلك القرار؟ وفي عام 1985 صدر عن مجلس الأمن القرار رقم 573 يدين فيه العدوان الاسرائيلي على تونس الذي تسبب بخسائر في الأرواح والممتلكات و(يحث) المجلس الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على أن تتخذ (تدابير) (لثني) اسرائيل عن أعمال عدوانية مماثلة. ولمزيد من الدهشة والاستنكار فان هذه الاعمال العدوانية التي أشار اليها القرار حدثت قبل الاعتداء على تونس وحدثت بعدها في مواقع عربية مختلفة في مصر ولبنان وغيرها ولا يزال مجلس الأمن يحث على اتخاذ (التدابير) طبعا لم تتخذ تلك التدابير لأن العدوان الاسرائيلي تكرر في مواقع عربية أخرى وكان مجلس الأمن يكتفي بالتعبير عن القلق أو باستخدام أحد الأعضاء للفيتو لمساندة اسرائيل رغم بشاعة الجرائم الاسرائيلية كما حصل في غزة، وفي جنين عام 2002، وفي صبرا وشاتيلا وغيرها كثير مما يصعب حصره. وفي عام 1990 صدر قرار مجلس الأمن رقم 672 يدين أعمال العنف التي ارتكبتها اسرائيل في الحرم القدسي الشريف كان نتيجتها مقتل 20 فلسطينيا واصابة 150 شخصا، وبعد هذا الحادث ترفض اسرائيل استقبال بعثة الأمين العام (فيحثها) مجلس الأمن على أن تمتثل لقرار مجلس الأمن رقم 672. أكتفي بما سبق من أمثلة وليس الهدف التذكير بأن اسرائيل دولة فوق القانون فهذه حقيقة معروفة ولكن للتذكير بأن نظام مجلس الأمن وهيكلته وآلية التصويت كلها تحتاج الى مراجعة وتغيير يتفق مع متغيرات دولية كثيرة فلا يمكن أن تكون خمس دول فقط تملك العضوية الدائمة وحق النقض الفيتو، ولا يمكن أن تكون معايير الانتصار في الحرب العالمية الثانية هي التي تعتمد في تحديد العضوية الدائمة. مجلس الأمن بحاجة الى ثورة تطالب بنظام جديد واضح. العالم يريد مجلس أمن جديدا في آلية ومعايير تشكيله، وفي صلاحياته وآلية اتخاذ قراراته وكيفية تنفيذها. العالم يريد مجلس أمن ديموقراطيا ينشد العدالة ويراعي الظروف الانسانية قبل المصالح السياسية. العالم يريد أن لا يكون مجلس الأمن هو الخصم والحكم. العالم لا يريد وجود أعضاء غير دائمين لتحقيق ديموقراطية شكلية. العالم يريد من مجلس الأمن ايقاف الحروب وقتل الأبرياء سواء بالسكاكين أو بالسلاح الكيماوي. شعوب العالم تتظاهر وترفع أمام مجلس الأمن عبارة تقول: لا للمعايير المزدوجة، لا للفيتو، لا للمصالح السياسية على حساب القضايا الانسانية.

مشاركة :