تأمل المعارضة في بيلاروس بحشد الآلاف إلى شوارع العاصمة مينسك الأحد للمشاركة في "مسيرة من أجل الحرية" ، بعد أسبوع على انتخابات جدلية أثارت احتجاجات غير مسبوقة ضد الرئيس ألكسندر لوكاشنكو. وقال لوكاشنكو الذي يواجه أكبر تحدّ في فترة حكمه على مدى 26 عاماً، السبت إنه حظي بدعم الرئيس الروسي فلاديمير يوتين الذي وعد بالمساعدة "لضمان أمن بيلاروس". واكتفى الكرملين بالتأكيد أن الرئيسين اتفقا في مكالمة هاتفية على حل سريع "للمشكلات" في بيلاروس، من دون الإِشارة إلى دعم للوكاشنكو. ويتعرض الرئيس البيلاروسي الذي حكم الجمهورية السوفياتية السابقة بقبضة من حديد منذ 1994، لضغوط متزايدة من جانب المتظاهرين في الشوارع ومن الخارج على خلفية قوله إنه فاز مجدداً في الانتخابات الرئاسية التي أُجريت الأحد بحصوله على 80% من الأصوات، وفق النتائج الرسمية. ونزل عشرات الآلاف إلى الشوارع احتجاجاً على نتيجة الانتخابات ودعماً للمرشحة المعارضة الرئيسية سفيتلانا تيخانوفسكايا (37 عاماً) وهي حديثة العهد في عالم السياسة ترشّحت بعد توقيف مرشحين آخرين من بينهم زوجها. وقمعت الشرطة بعنف المحتجّين وأوقفت أكثر من 6700 شخص فيما أُصيب المئات بجروح وقُتل شخصين. ومن منفاها في ليتوانيا حيث لجأت الثلاثاء، دعت تيخانوفسكايا إلى تجمعات سلمية خلال عطلة نهاية الأسبوع بما في ذلك مسيرة الأحد في مينسك في ذكرى مرور أسبوع على الانتخابات. ودعت المعارضة إلى أحد أكبر التجمعات في تحدّ للوكاشنكو الذي وصف المحتجين بأنهم "خراف" تُدار من الخارج ومجرمين. - تجمع مؤيد للوكاشنكو - ودُعي أيضاً لتجمع مؤيد للوكاشنكو خلال النهار في ساحة الاستقلال في وسط مينسك واحتشد بضعة مئات رافعين الأعلام الوطنية وهاتفين "من أجل بيلاروس!" و"من أجل لوكاشينكو!". وأفادت وسائل إعلام عن مشاركة لوكاشنكو في التجمع. وقالت سفيتلانا غورديينكو وهي مدرّسة لغة فرنسية تبلغ 55 عاماً، لوكالة فرانس برس إنها تشارك في التجمع "لأن بيلاروس كانت مستقرة في السنوات الـ26 الأخيرة". وأضافت "لم نعش بشكل سيء، لقد أخرجنا البلاد من تحت الركام ورممنا كل شيء". وأفادت تقارير عن الطلب من عمّال المشاركة في التظاهرة تحت طائلة خسارة عملهم ونقل مناصرين عبر حافلات من خارج المدينة. وشاهد صحافي في فرانس برس 20 حافلة قادمة من منطقة بريست قرب الساحة. والجمعة نفّذ مئات العمال في مصانع تديرها الدولة إضراباً عن العمل احتجاجاً على الانتخابات، في أول إشارة على أن قاعدة الدعم التقليدية التي كان لوكاشنكو يتمتع بها، بدأت تنقلب عليه. وتظاهر الآلاف من أنصار المعارضة في مينسك السبت، وتجمع كثيرون في الموقع الذي قُتل فيه أحد المحتجين ويبلغ 34 عاماً أثناء اضطرابات الاثنين. ووضع المتظاهرون وروداً في الموقع وهتف الحشد "شكراً!" رافعين شارات النصر. وحمل كثيرون صوراً لمحتجّين ضُربوا أثناء حملة القمع، في حين وقف رجل بملابسه الداخلية ليبرز الكدمات الظاهرة على جسده. واتهمت منظمة العفو الدولية السلطات بتنفيذ "حملة تعذيب واسعة النطاق" لسحق المعارضة. - مخاوف من تدخل روسي - وأعرب محتجّون عن خشيتهم من تدخل روسي لصالح لوكاشنكو. وقال أليكسي لينيش وهو مبرمج يبلغ 27 عاماً، "من الواضح أن رئيسنا لم يعد بإمكانه التعامل مع شعبه، هو يطلب المساعدة من الشرق". من جهتها، رأت أولغا نيستيروك وهي مصممة حدائق، أن "في حال تدخلت روسيا، فإن ذلك سيكون الأسوأ. أنا حقاً أخاف من ذلك". وتظاهر آلاف المواطنين مساء السبت أمام مقر التلفزيون الحكومي احتجاجاً على بثّهم الداعم للوكاشنكو والمشوّه لصورة الاحتجاجات. وخرج حوالى مئة من موظفي القناة من المبنى للانضمام إلى الحشد وقالوا إنهم يعتزمون تنفيذ إضراب عن العمل الاثنين. ونددت حكومات الدول الأوروبية بالانتخابات وبقمع الشرطة للمحتجين، واتفق وزراء الاتحاد الأوروبي الجمعة على تحديد سلسلة أهداف في بيلاروس لفرض عقوبات جديدة عليها. ودعا قادة دول البلطيق الثلاث، إستونيا وليتوانيا ولاتفيا، السبت إلى إجراء انتخابات جديدة. ونشرت صحيفة "ناشا نيفا" المعارضة مقطع فيديو يظهر فيه سفير بيلاروس لدى سلوفاكيا إيغور ليشينيا قائلاً إنه "مصدوم بقصص التعذيب والضرب" ومعرباً عن تضامنه مع المحتجّين. وأعلنت تيخانوفسكايا الجمعة إقامة "مجلس تنسيق" لضمان انتقال السلطة وطلبت من حكومات أجنبية "مساعدتنا في تنظيم حوار مع السلطات البيلاروسية". وطالبت السلطات بإطلاق سراح جميع الموقوفين وسحب القوات الأمنية من الشارع وفتح دعاوى جنائية بحق الذين أصدروا أوامر بشن حملة القمع. وقالت إنها ستنظم انتخابات جديدة في حال تنحى لوكاشنكو. ورفض لوكاشنكو السبت أي وساطة أجنبية لحل الأزمة في إشارة إلى خطة وساطة عرضتها بولندا وليتوانيا ولاتفيا، الدول المجاورة لبيلاروس والأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وقال "لن نعطي البلاد لأحد" مضيفاً "لسنا بحاجة إلى أي حكومات أجنبية ولا أي وساطات".
مشاركة :