واشنطن، باريس – أ ب، رويتـــرز، أ ف ب – شكّل مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني أمس، لجنة لدرس الاتفاق المُبرم بين طهران والدول الست المعنية بملفها النووي، بعدما مثل أمامه وزير الخارجية محمد جواد ظريف ورئيس المنظمة الإيرانية للطاقة الذرية علي أكبر صالحي، مشددَين على أن الاتفاق «متوازن»، و «لن يؤثر في البرنامج الصاروخي» الإيراني، ولو أن التوصل إليه تطلب «مرونة هادفة ومحسوبة بدقة» في مفاوضات مع «جنود الشيطان». في غضون ذلك، أبدى وزير الخارجية الأميركي جون كيري «انزعاجاً» و «قلقاً» من تصريحات أدلى بها مرشد الجمهورية الإسلامية في إيران علي خامنئي. وقال لقناة «العربية»: «هذه سياسته. لكنني أعرف أنه عادة ما تتطور الأمور في شكل مختلف عن التصريحات التي تُدلى علناً. إذا كانت هذه هي السياسة، فهذا أمر مزعج ومقلق جداً». وتطرّق إلى التصدي لتدخل طهران في المنطقة، قائلاً: «اعتقاد الرئيس (باراك) أوباما وتقديراتنا العسكرية والاستخباراتية، هي أن لدى كل الدول العربية إمكانات مهمة جداً غير مُستغلة في التصدي لأي من هذه النشاطات، إذا استطاعت تنظيم نفسها في شكل سليم». وقدّم ظريف للبرلمان نسخة من الاتفاق الذي شكا النائب الأصولي إسماعيل كوثري من أنه «حدد نشاطاتنا العسكرية لخمس سنوات، وصنع صواريخنا لثماني سنوات، مع أننا نمارس نشاطات تنفذها الدول الأخرى». أما رئيس البرلمان علي لاريجاني، فاعتبر أن موقف طهران من الاتفاق «مرتبط بتصرفات الدول الغربية»، لافتاً إلى انه «يستطيع أن يكون مفتاحاً للتعاون مع هذه الدول». وأشاد ظريف بالاتفاق، لافتاً إلى أن «مفاوضينا أثبتوا أن تخصيب اليورانيوم والبحوث والتطوير (النووي) المرتبط بها، وكل المنشآت الإيرانية، لن تتعطل أبداً». واعتبر أن الاتفاق أفشل «المشروع الصهيوني في التعامل مع إيران بوصفها تهديداً أمنياً»، وزاد: «المطلب الأساس للطرف الآخر كان عدم امتلاك إيران قنبلة نووية، من خلال فرض قيود وعمليات مراقبة. ما ناله الطرف الآخر هو تحصيل حاصل، اذ إن إيران لم ولن تسعى إلى (صنع) سلاح نووي». وذكّر ظريف بأن «التفاوض هو عملية أخذ وعطاء، يتنازل كل طرف عن بعض مطالبه من أجل تحقيق مصالح أكثر أهمية، إلى حين التوصل إلى ما هو متوازن». وتابع: «أهداف إيران الرئيــــسة التي أصررنا عليها، تحقّقت»، خصوصاً «إلغاء كل العقوبات الاقتصادية والمالية المفروضة من مجلس الأمن وأميركا والاتحاد الأوروبي، دفعة واحدة وفي يوم الاتفاق، كما أن سائر العقوبات ستُلغى في غضون سنوات». واعتبر أن «أبرز إنجاز» حققته طهران، تمثل في «تأييد مجلس الأمن تخصيب اليورانيوم في إيران»، و «اعترافه رسمياً بالمستقبل التجاري والصناعي لبرنامج التخصيب الذي لن يتوقف ولو ليوم». وأشار إلى أن القرار الرقم 2231 الذي أقره مجلس الأمن الإثنين، يطلب من طهران في شكل «غير ملزم، الامتناع عن النشاطات في مجالات الصواريخ الباليستية المصممة لحمل أسلحة نووية، وبما أن إيران لم تسع إلى ذلك أبداً، فإنه لن يؤثر في برنامجنا الصاروخي». ولفت إلى أن «مراقبة» منشآت عسكرية ستتم «وفق «أساليب دولية معمول بها في إطار البروتوكول الإضافي» الملحق بمعاهدة حظر الانتشار النووي. وخاطب النواب قائلاً: «أقول لكم كما قلت للمرشد (علي خامنئي) إننا بذلنا أقصى ما في وسعنا للحفاظ على غالبية الخطوط الحمر، إن لم يكن كلها». أما صالحي، فوصف ما تحقّق في فيينا بأنه «ضخم»، معلناً انه «يتحمل المسؤولية الشرعية والوجدانية والعرفية والعقلانية عما أُنجِز في المفاوضات النووية، على الصعيد التقني». ونبّه إلى أن المفاوضات «لم تكن سهلة، لا سيّما أنها كانت في إطار التحدي أمام جنود الشيطان». وصوّت أعضاء البرلمان بغالبية 136 نائباً ورفض 29 وامتناع 5، لمصلحة طلب بتشكيل لجنة خاصة لدرس الاتفاق النووي، علماً أن النائب الأصولي علي رضا زاكاني، اعتبر انه «لا يحق لمجلس الأمن إصدار قرار حول الاتفاق النووي، من دون المصادقة عليه في المجلس الأعلى للأمن القومي ومجلس الشورى». وكان رئيس تحرير صحيفة «كيهان» المتشددة حسين شريعتمداري كتب: «بمجرد النظر إلى الاتفاق، يمكن المرء أن يرى أن بعض الخطوط الحمر الأساسية لإيران لم يُحافظ عليها». لكن رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني، انتقد «مَن يغلق عينيه ويفتح فمه ليطلق تصريحات تخريبية»، وزاد: «ليس سهلاً دخول مفاوضات مع أبرز ديبلوماسيّي الدول الست الكبری في العالم».
مشاركة :