•• أحد الشعراء .. قال ذات مرة : ياحصن ياللي واقفٍ دايم على جال الطريق أشوف في راسك وفي جنبك ومن حولك رسوم •• أما أنا – فكلما رأيت حصون آبائي وأجدادي بمنطقة الباحة , ينطلق من أعماقي هاتف عفوي صاخب .. يقول : ( شموخ .. رغم أنف الرياح ) !! . •• في مقال سابق لي – هنا – بعنوان ” الكنز المفقود في الباحة ” وعدت بالكتابة عن الحصون أو القلاع في الباحة , وبداية أجد أنني غير مطمئن لتسميتها بـ ( القلاع ) فهذا شيء وذاك شيء أخر , ذلك لان للقلعة مواصفات بناء معروفة , فهي مجموعة مبان من دورين أو ثلاثة ويحيط بها سور , وعلى السور أبراج , تلك هي القلعة .. أما ما يوجد في الباحة ونراه منتشرا بكثرة , فإنها أميل إلى ( الحصون ) لا (القلاع ) . •• ثم أنني سبق وأن رأيت بعض تقارير صحفية تقول أن عدد الحصون بمنطقة الباحة يقارب الـ 80 حصنا , وثمة من قال أنها تزيد على المئتين ، وان بعضها يعود لأكثر من 300 سنة .. لكنني أشك في صحة هذه الأرقام , وأراها قليلة , عطفا على عدد قرى المنطقة التي تزيد على 1200 قرية , فإذا كان في كل قرية فقط حصنان , فان عليكم الحساب بعد ذلك ؟ . •• كما أنني أرجح أن عمر أقدمها ربما يصل إلى ألف سنة أو يزيد , قياسا بتاريخ استيطان زهران وغامد لأرض المنطقة , قادمين من جنوب الجزيرة العربية , قبيل انهيار سد مأرب منذ ألفي سنة تقريبا . •• والثابت أن بعضها قد بُني في حِقبٍ تاريخية بعيدة , وكان الباعث الرئيس لها , ليس العدوان وإنما لحماية القرى والأودية الزراعية .. كأنما هي – بالأصل – مداميك تنمية , وعناوين سلام ومحبة , وهي عادة ما تبني إما فوق قمم الجبال أو على حدود القرى , بحيث تكون مشرفة عليها . ** وظلت مادة بنائها من الحجارة المتوفرة بالبيئة , أما أسلوب بنائها فكان عجيبة من العجائب , وقد اخبرني احد الأصدقاء المهندسين عندما كان برفقة زملاء أجانب له من نفس التخصص , ممن زاروا المنطقة مؤخرا , أنهم ظلوا مبهورين بأسلوب بنائها , وقرروا العبقرية الهندسية الفطرية لأبناء المنطقة القدامى , ممن لم يدخلوا جامعة ولم يعرفوا تعليما أكاديميا , حيث تفتقت عبقريتهم , على ذلكم الفكر الإبداعي في البناء . •• ومؤخرا .. وجه سمو أمير المنطقة , أمانة المنطقة والبلديات , بأهمية المحافظة على الحصون وحمايتها من الاندثار . وأكد الأمير في تصريح صحفي على أهمية أن تظهر تلك الحصون بما يليق بها , من حيث تشجير المنطقة المحيطة بها وإنارتها , لتعكس جمالها وتلفت نظر الزائرين والمصطافين القادمين إلى المنطقة. •• وقال الأمير: ( إن هذه الحصون الأثرية تمثل إرثا تاريخياً لا يمكن إغفاله وأنها تجسد عظمة أولئك الرجال الأفذاذ الذين شيدوها , ونحن من واجبنا المحافظة عليها , وتحسينها بما يليق بها , وحمايتها من الاندثار كونها علامة من علامات هذه المنطقة الغنية بها وبالمعالم الأثرية الأخرى ) . •• أمانة الباحة وعبر إدارة تنمية السياحة بها , ناقشت مؤخرا المشاريع المعتمدة للقرى التراثية في المنطقة , التي تم اعتمادها ضمن ميزانيات البلديات , ومن ذلك مشروع القرية الأثرية بالأطاولة , وقرية ذي عين في المخواة . •• وأظن أن زائري المنطقة لابد أن يقف الواحد منهم مشدودا أمام تلك الحصون , ومنها كمثال حصني قرية المَلَدْ جنوب مدينة الباحة , كنموذج باذخ لحصون المنطقة , وبالتالي سيلمح ثبات ذلكما الحصنين العتيدين , أمام متغيرات الظروف المناخية , كشاهد تاريخي للأجيال المتعاقبة. •• الذي اعتقده .. أن حزمة الحصون القائمة حاليا بالمنطقة , تعيش حالة من الإهمال , وبعضها صار موحشا , لا احد يجرؤ على الاقتراب منها … وهي بهذه المثابة قد تكون مطمعا لضعاف النفوس .. ومن غير الطبيعي أن يستمر تجاهل تلك ” الثروة ” السياحية التاريخية الثقافية ؟ . •• ما أود إضافته هنا .. هو اقتراح أقدمه .. بين يدي مقام إمارة منطقة الباحة … ** اقترح – أن يتم حصر جميع أو أبرز حصون المنطقة , ثم إقرار تسمياتها الحالية , وشرائها من ملاكها أو ورثتهم , وإلحاقها بهيئة السياحة , لترميمها , وإدارتها سياحيا واقتصاديا .. وطلب ضمها إلى – منظمة التراث والثقافة العالمية ( اليونسكو ) .. لتكون واحدة من … (مفردات التراث الإنساني العالمي).
مشاركة :