اللبنانيون يضمّدون جراح بيروت | | صحيفة العرب

  • 8/21/2020
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

صدم اللبنانيون بالانفجار بعد أن مات منهم من مات وجرح الآلاف وفقد البعض. لكن، من بقي حيا قوّاه الانفجار وهبّ لمساعدة المنكوبين بما يستطيع، بعضهم اهتم بتوزيع الطعام والبعض الآخر أخذ على عاتقه تنظيف الشوارع وآخرون يرفعون الأنقاض، أملا منهم بأن تعود الحياة إلى بيروتهم سريعا. بيروت - رفض اللبنانيون مشهد الدمار في عاصمتهم وما خلفه انفجار مرفئها من صور للموت، أوقفت نبض الحياة وحوّلت قسما منها إلى أشلاء، فهبّوا في حركة تضامنية يلملمون جراحها ويضمّدون أشلاءها، مدفوعين بقوة الحياة في مواجهة الموت. وأحدث الانفجار صدمة أصابت اللبنانيين على امتداد الوطن، لكنهم اندفعوا في حركة تضامنية لتضميد جراح عاصمتهم تشكّل بارقة أمل في نفوس مثقلة باليأس. وقالت إيمان هاشم صاحبة مقهى “كافه إيمان” في شارع “الجميزة”، “أحدث الانفجار تحطيما كاملا لواجهات الزجاج في المقهى وتحطم كل شيء في المقهى، أكواب وفناجين وزجاجات إضافة إلى البرادات، كما تحطم ديكور المقهى والأبواب الخشية”. وتابعت، “أصبت بالإحباط واليأس، وقلت في نفسي لن أتمكن من العيش في هذا البلد بعد اليوم، وتمنيت لو أستطيع الخروج منه مع أولادي، ولكن اندفاع الشبان الذين نزلوا إلى الشوارع من كافة المناطق للمساهمة في رفع الأنقاض ومساعدة المحتاجين، شكّل بالنسبة إلي بارقة أمل في هذا الجيل الجديد”وأبدت هاشم عدم ثقتها بالتحقيق الذي تجريه السلطات القضائية، قائلة “القضاء اللبناني ليس نزيها وكل قاض محسوب على حزب ومحسوب على أحد السياسيين، والقاضي لا يصل إلى منصبه إلا بواسطة من أحد الأحزاب أو أحد السياسيين”. وأحدث الانفجار دمارا هائلا، فتضررت المنازل والمحال التجارية بطريقة متفاوتة، فهدّم بعضها فيما تطاير زجاج وأثاث البعض الآخر، كما تضررت العديد من المستشفيات وباتت أربعة منها غير صالحة للاستخدام. الشباب نزلوا إلى الشوارع للمساهمة في مواجهة الدمار الهائل الذي أصاب المنازل والمحال التجارية وقال مدير مصلحة الهندسة في بلدية بيروت جهاد بقاعي، “في الخامس من الشهر الحالي بدأت بلدية بيروت بإزالة كافة الردميات من الشوارع المتضررة بالتعاون مع الجمعيات الأهلية والأفراد المتطوعين، واتحاد البلديات الذين قدموا خدماتهم ولا يزالون، فأزلنا حتى الآن 80 ألف طن من الردميات من الشوارع، ولا تزال عمليات التنظيف مستمرة”. وتابع بقاعي “قمنا بمسح المنطقة الأكثر تضررا من العاصمة جراء الانفجار، في الوسط التجاري، ومناطق ‘الصيفي’، و’الجميزة’، و’غورو’، و’مار مخايل’، و’الرميل’، و’جزء من منطقة الأشرفية’، و’محيط مستشفى الروم’، ومنطقتي ‘المدور’ و’الكرنتينا” . وأعلن أن “عمليات المسح أظهرت وجود مئة من المباني بحاجة إلى تدعيم بسبب خطر انهيارها وأغلبها أبنية تراثية”. ونزل الشبان والشابات في اليوم التالي للانفجار إلى الشوارع المتضررة رغبة منهم في المساهمة في مواجهة الدمار الهائل . وقال سعادة سعادة أحد أعضاء جمعية، “أنا من كل لبنان”، “نحن هنا للمساعدة بمبادرة إنسانية، وقد قمنا بمبادرات كثيرة من بينها الذهاب برفقة حلاقين متطوعين في الجمعية إلى منازل المسنين في منطقة ‘الجميزة ومار مخايل’ أو المصابين لقص شعرهم في منازلهم”. وأضاف، “قمنا أيضا بتوزيع وجبات الطعام على أصحاب المنازل المتضررة الذين لا يزالون متواجدين بمنازلهم، فيما جمعيات أخرى تقدم المساعدات في المجال النفسي، وفي مجال الطبابة”. وتابع سعادة، “ما دفع الشبان والشابات لمد يد العون وتقديم المساعدة هو إنسانيتهم، بالإضافة إلى الظلم الذي تعرض له لبنان وهذا الجيل الجديد هو من سيتابع بناء الوطن”. وقالت السيدة مارينا من سكان منطقة “الجميزة”، التي فضلت عدم ذكرها اسمها كاملا، الجمعيات الموجودة في شارعي “الجميزة ومار مخايل” أتت للمساعدة وقام أعضاؤها برفع حطام الأثاث والردم، كما قاموا بتعبئة استمارات لتسجيل الأضرار”. اللبنانيون يتقاسمون طعامهم اللبنانيون يتقاسمون طعامهم وحمّلت مارينا “السلطة السياسية الحالية والسابقة منذ العام 2014 مسؤولية ما حصل”، قائلة “نحن بانتظار من سيعوض على اللبنانيين المتضررين في أرزاقهم ومن سيعوض على من زهقت أرواحهم، أما الدولة اللبنانية فهي ‘شاطرة بالحكي’، أي لا تقوى إلا على الكلام فقط”. وأحيل ملف انفجار المرفأ إلى المجلس العدلي، وأصدر المحقق العدلي في تفجير المرفأ القاضي فادي صوان، مذكرة توقيف وجاهية بحق المدير العام للجمارك بدري ضاهر، كما أصدر مذكرة مماثلة بحق مدير استثمار المرفأ حسن قريطم. وقالت إيمان العلى من جمعية “سنابل النور” في منطقة “مار مخايل” ببيروت، “إن واجبنا الإنساني يدفعنا لتقديم المساعدة لمن يحتاجها في أي منطقة في لبنان، وليس فقط لأبناء مدينة طرابلس شمال لبنان حيث مركز الجمعية”.وأضافت “كل اللبنانيين أصيبوا بالأذى جراء انفجار مرفأ بيروت الذي تسبب بمقتل اللبنانيين من كل الطوائف وهذا درس ينبغي أن نتعلّم منه. ونحن نقوم بالتنسيق مع عدد من الجمعيات في بيروت ومع بلدية بيروت لتقديم المساعدات التي يحتاجها أهل العاصمة بعد الانفجار”. وتابعت العلى، “حاليا نقوم بتقديم حصص غذائية وملابس نؤمنها من خلال حملات التبرع، إضافة إلى ذلك يقوم فريق من المتطوعين المنتسبين إلى الجمعية برفع الأنقاض والدمار وتنظيف المنازل والطرقات من الردم الناجم عن التدمير الجزئي أو الكلي للمنازل أو لمحتوياتها”. وأضافت “نرصد أيضا وضع الأطفال في المناطق المتضررة لمعرفة من منهم بحاجة لمساعدة نفسية أو اجتماعية أو غيرها ونؤمن لهم التواصل مع جمعيات متخصصة”. وتواصل الجمعيات الأهلية وعدد من الشبان من كافة المناطق اللبنانية بمبادرات فردية، مساعدة المتضررين في عدد من شوارع العاصمة المتضررة من الانفجار . وقالت شادية قصير “أنا هنا للمساعدة، لأن بلدي بحاجة للمساعدة، لقد أتيت من الضاحية الجنوبية بمبادرة فردية، وهذا أمر يشعرني أني أواجه بطريقة ما تداعيات الانفجار”. وعن تفسير حالة التضامن التي شهدتها شوارع العاصمة لمواجهة تداعيات الانفجار، قال شوقي الدويهي أستاذ الأنتروبولوجيا في الجامعة اللبنانية، “ربما يرجع ذلك إلى غياب مؤسسات الدولة لأن السلطة بفرقائها المتعددين أفرغت الدولة من كل فعاليتها”.

مشاركة :