اللبنانيون يلملمون جراح الانفجار باستئناف الأنشطة الصغيرة | | صحيفة العرب

  • 9/5/2020
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

بيروت - حاول اللبنانيون تضميد جراح الانفجار المدمر الذي هز العاصمة بيروت وكلف خسائر ضخمة بالعودة إلى الأنشطة الصغيرة والمهن الحرة لمواجهة التحديات المعيشية والاجتماعية. عاد أصحاب الأنشطة والمهن الصغيرة إلى أعمالهم في بيروت لتخفيف تداعيات الانفجار وتأمين قوتهم اليومي بعد تسبب الانفجار في تدمير منشآت وعقارات ومحلات كانت شريان حياة الأسر. ورغم عودة بعض الأنشطة الصغيرة والمهن الحرة إلا أن عزوف الناس عن التسوق وقلة الوافدين يصدمان العديد من التجار. ومنذ الانفجار قلّت الحركة في محيط الانفجار وبات أصحاب المحلات يبحثون عن الزبائن لاستعادة نشاط تجارتهم المعهودة. ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية صورا عن مكابدة اللبنانيين لإعادة أنشطتهم الصغيرة. وداخل محلها الصغير الذي ألحق انفجار بيروت المروّع أضراراً به، تنكبّ كلوديت على خياطة تنورة على ماكينتها القديمة الطراز التي تمكنت من إنقاذها. رغم المأساة التي أصابت حيّها وحياتها، تعلم أن الاستسلام ليس خيارا إن أرادت مواصلة تأمين قوت عائلتها. وتلملم الأحياء المجاورة لمرفأ بيروت جراحها مع حركة خجولة في أزقتها، بعد شهر من فاجعة أودت بحياة 191 شخصاً على الأقل وتسبّبت بإصابة أكثر من 6500 آخرين بجروح، عدا عن وجود سبعة مفقودين على الأقل، وفق تقديرات رسمية. وتقول كلوديت (60 عاماً) من داخل محلها في شارع الجميزة المجاور لمار مخايل، “تدمّر كل شيء هنا، لكنني قررت البدء من جديد، لأنه ليس لدي خيار آخر”. وتضيف “زوجي لا يعمل وابني طُرد من عمله بسبب الأزمة الاقتصادية. لديه ولدان وإيجار منزل وأنا مضطرة لمساعدته” في خضم أسوأ انهيار اقتصادي تشهده البلاد منذ العام الماضي حرم عشرات الآلاف من وظائفهم أو من جزء من مداخيلهم. عودة الحياة إلى شوارع بيروت بفضل استئناف أنشطة المقاهي والحانات ومحلات الخياطة والمخابز وعاودت بعض المحال فتح أبوابها في الشارع الذي يعد من بين الأكثر تضرراً جراء انفجار المرفأ المواجه. وتكفّلت منظمة غير حكومية باستبدال واجهة محل كلوديت المحطمة بأخرى جديدة، بينما تولّت هي كلفة إصلاح ماكينة الخياطة. ومنذ الانفجار، يعمل أفراد منظمات ومتطوعون وعمال كخلية نحل في الأحياء التي لحقها الدمار ويحصون الأضرار ويوزعون المساعدات والمواد الغذائية التي تتدفق إلى لبنان من دول عدة ويساعدون السكان على استبدال أبواب منازلهم ونوافذها. وتخشى كلوديت أن تكون قد خسرت زبائنها. وتقول “غالبيتهم كانوا يعيشون هنا في الشارع، ومعظمهم غادروا. أخشى ألا يعودوا”. على بعد أمتار من محلها، تفوح رائحة شطائر الزعتر المخبوزة في فرن أعاد فتح أبوابه بعد تأهيله من الصفر جراء أضرار كبيرة لحقت به. ويقول مالك الفرن حكمت قاعي “نحاول قدر المستطاع أن نستعيد الحياة لسبب واحد، وهو أنّه يبقى لدينا أمل بهذا البلد وبالمستقبل رغم كل شيء”. ويصف ما يقوم به بفعل “مقاومة”. وقدّر البنك الدولي قيمة الأضرار والخسائر الاقتصادية الناتجة عن الانفجار بأنها تصل إلى 8 مليارات دولار، بينما يحتاج لبنان بشكل عاجل إلى ما بين 605 و760 مليون دولار للنهوض مجدداً. وقبل الانفجار، كان شارع الجميزة المعروف بأبنيته ذات الطابع التراثي وبمقاهيه وحاناته، ينبض بالحياة وبزحمة لا تتوقف ليلاً نهاراً. واليوم، رغم رفع الركام من بعض نواحيه وإزالة أطنان الزجاج الذي تطاير في كل ناحية وصوب، لا يزال يفتقد حيويته المعهودة. عودة بعض الأنشطة عودة بعض الأنشطة ولم يسلم “مقهى إيمان” الذي يقع في زقاق متفرع عن الشارع الرئيسي، من الانفجار الذي ألحق أضراراً كبيرة به طالت تجهيزات المطبخ الرئيسية. ويوضح محسن الذي يتولى إدارة المقهى أن القيمين في المكان، وبعد إجراء أعمال تأهيل طفيفة، يكتفون حالياً بتقديم السندويشات، إذ هناك وجبات لا يقدرون على إعدادها بعد. ويقول “يسيّر أعمالنا اليوم المتطوعون والجمعيات”، مضيفاً “هم من يأتون إلينا لتناول الطعام”. وفي شارع مار مخايل، يقول شاب جلس مع أصدقاء في إحدى الحانات القليلة، “هذه طريقتنا في المقاومة، سنواصل.. الاحتفال بالحياة”. وشرّد الانفجار نحو 300 ألف من سكان بيروت بعد تضرر منازلهم أو دمارها وانقطاع الخدمات الأساسية عنها. وفي حانة أخرى عُلقت على واجهتها صورة روان، وهي نادلة قضت في الانفجار وتصدّرت قصتها وسائل الإعلام بعدما بكتها عائلتها وصديقاتها، يعاود بعض الزبائن التردّد إلى المكان بعد فتح أبوابه وإصلاح الأضرار. ويوضح مالك الحانة إيلي خوري “لم نُعِد فتح أبوابنا من أجل جني المال، أعدنا فتحها لنظهر أن الحياة يجب أن تستمر، إنها رسالة حياة”. ويضيف “تعرضنا في تاريخنا لحرب وقصف وانفجارات وفي كل مرة كنا ننهض من جديد وسنواصل فعل ذلك. إنّها معركتنا، وهي معركة وجود”.

مشاركة :