اتفق خبراء ومحللون سياسيون على أن سياسات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أجبرت دول شرق وجنوب المتوسط، ودول الشرق الأوسط بشكل عام، على استبعاده من أي أطر للتعاون الإقليمي نتيجة ممارساته العدوانية، مما زاد من شعور شعبه بالعزلة والقلق. وأدى النزاع المتصاعد في شرق البحر المتوسط على حقوق التنقيب عن النفط والغاز في البحر إلى اشتعال التوترات بين تركيا ودول الاتحاد الأوروبي وشرق المتوسط، حيث وصف أحد الخبراء الإقليميين الوضع بأنه «الأكثر خطورة» منذ سنوات، نظراً للتصرفات التركية المريبة وحالة إثارتها المستمرة للمشاكل. وقال إيان ليسر، نائب الرئيس في مركز أبحاث صندوق مارشال الألماني في بروكسل، لشبكة «سي إن بي سي» الأميركية إن السياسات التركية بشكل عام تغذي التوترات في المنطقة في السنوات الأخيرة، بجانب عدم سعيها إلى حلول واقعية للمشاكل التي تواجهها في المنطقة. وأضاف أن «جنون الشك والارتياب» الذي يعاني منه أردوغان والطبقة السياسية الحاكمة دفع المؤسسة السياسية إلى النظر إلى سلوك حتى الحلفاء التقليديين «بشعور من انعدام الأمن». وتابع: «يمكن أن تسوء الأمور»، في إشارة إلى مخاطر تصعيد النزاع بين أنقرة وأثينا، موضحاً أن «جميع الأطراف تدرك المخاطر، ولكن من الواضح أن هذا أخطر وضع واجهناه بين البلدين في المنطقة منذ سنوات عديدة». وقال المحللون لشبكة «سي إن بي سي» الأميركية إن استبعاد تركيا من التنمية الإقليمية لتحالفات الأمن والطاقة حول شرق البحر المتوسط جعل أنقرة تشعر بأنها «محاصرة بشكل متزايد»، لافتين إلى أن ذلك أمر طبيعي نظراً للسياسات التي ينتهجها أردوغان منذ سنوات عدة وتدخله بشكل مباشر وغير مباشر في الدول المحيطة، وكذا تهديده المستمر لأوروبا في قضية اللاجئين، وهي أمور جعلت الجميع ينظرون إليه كمصدر للتهديد وليس كحليف موثوق به. وفي يناير 2019، وقع سبعة من وزراء الطاقة اتفاقاً لإنشاء منتدى غاز شرق المتوسط. ويتكون من اليونان وقبرص وإسرائيل ومصر والأردن وإيطاليا والأراضي الفلسطينية. ومن جانبه قال إمري بيكر، مدير شؤون أوروبا في مجموعة أوراسيا لاستشارات المخاطر السياسية، إن استراتيجية تركيا مؤخراً هي التركيز على منطقة شرق المتوسط، وخاصة بعد أن تأكدت أنقرة من عدم وجود مكان لها في أطر التعاون الحالية. وأوضح أن الأزمة في تركيا ليست أيديولوجية، بل إنها أزمة براجماتية، تعود إلى فشل الطبقة السياسية الحاكمة في أنقرة في وضع استراتيجية طويلة الأمد تعتمد على تحالفات مع دول المنطقة تشعر من خلالها بالأمان، وتُشعر الأطراف الأخرى بعدم التهديد. وأكد أن إثارة المشاكل المستمرة والتراجع عنها بدلاً من السعي إلى حلها دليل واضح على هذا الفشل، الذي يدفع ثمنه المواطن التركي من رفاهيته واستقراره، مشيراً في هذا الصدد إلى القضية القبرصية، وليبيا وسوريا، والقضية الكردية، ومؤخراً قضية التنقيب في شرق المتوسط. وأكد الكاتب أن تركيا لن تجد حلولاً لكل هذه القضايا ولن تجني منها أي مكاسب.
مشاركة :