مع اقتراب موعد إعادة الانتخابات البلدية في اسطنبول تتجه تركيا إلى المزيد من الغموض لتغرق في حالة من الإرباك الاقتصادي والسياسي مدفوعة بمحاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان التي لا تهدأ لبث الفرقة السياسية وتشتيت المعارضة خوفا من انتكاسة جديدة تعمق أزمة حزب العدالة والتنمية الحاكم. واتهم قياديان في حزب مؤيد للأكراد اليوم الجمعة أردوغان بمحاولة بث الفرقة في صفوف الأكراد قبل إعادة انتخابات بلدية اسطنبول التي تجرى يوم الأحد والتي تعتبر اختبارا حاسما لشعبية الرئيس وحزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم. كما أعاد حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد التأكيد على دعمه لمرشح المعارضة لمنصب رئيس بلدية اسطنبول أكرم إمام أوغلو الذي حصل على أكبر نسبة من الأصوات في الانتخابات البلدية التي جرت في مارس/آذار. ووجه أردوغان مرارا انتقادات حادة لمرشح حزب الشعب الجمهوري واتهمه بـ"الإرهاب" وبأنه على صلة بشبكة فتح الله غولن الذي تتهمه أنقرة بالتورط في محاولة الانقلاب الفاشل في يوليو/تموز 2016.وأمرت هيئة الانتخابات التركية تحت ضغوط شديدة مارسها الرئيس التركي، بإعادة التصويت في اسطنبول بعد مزاعم من حزب العدالة والتنمية بوقوع مخالفات خلال الاقتراع وهي خطوة أدت لزيادة المخاوف بشأن وضع الديمقراطية في تركيا. وذكرت وكالة الأناضول التركية الرسمية للأنباء أن عبدالله أوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني المسجون دعا أنصار حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد يوم الخميس لالتزام الحياد السياسي قبل انتخابات بلدية اسطنبول في إشارة إلى أنه ربما يقترح عليهم الامتناع عن التصويت. وكان الدعم الكردي أساسيا في مساعدة إمام أوغلو على التغلب بهامش بسيط على مرشح الحزب الحاكم بن علي يلدريم في انتخابات مارس/آذار. وقال أردوغان في مقابلة تلفزيونية إن بيان أوجلان يشير إلى "صراع خطير على السلطة"، فيما بين القيادات الكردية. ورد الرئيسان المشاركان لحزب الشعوب الديمقراطي برفين بولدان وسيزاي تيميلي في بيان مشترك بالقول "مساعي الرئيس أردوغان لتأليب حزبنا ضد السيد أوجلان عبر نص مسرب بطريقة غير أخلاقية يظهر مدى اليأس الذي وصل إليه". وأضاف البيان "ليس هناك تغير في إستراتيجية حزب الشعوب الديمقراطي الانتخابية ولا في خطواته التكتيكيةويزداد المشهد السياسي في تركيا قتامة في ظل ممارسات تعتبرها المعارضة انتهاكا للحريات ومحاولات من أردوغان للتفرد بالسلطة. وبرز مرشح حزب الشعب الجمهوري خلال الانتخابات البلدية كمنافس هدّد عرش أردوغان وأنذر بإنهاء 16 عاما من سيطرة العدالة والتنمية على المشهد السياسي. والانتخابات التي يجري إعادتها على رئاسة بلدية اسطنبول العاصمة الاقتصادية والحيوية من حيث الثقل الانتخابي بالنسبة للإسلاميين، تشكل اختبارا حاسما للرئيس التركي وتظهر مخاوف جدية من للانتخابات الرئاسية القادمة. ودفعت الضغوط التي يمارسها الرئيس التركي على خصومه ضمن حملات ممنهجة تستهدف تشتيت المعارضة الرئيسية وداعميها من الأحزاب الأخرى المناوئة لحكم أردوغان، تركيا إلى حالة من الإرباك الاقتصادي وعدم الاستقرار في قيمة الليرة. وهبطت قيمة العملة الوطنية التركية اليوم الجمعة متضررة من قلق المستثمرين بشأن نتيجة انتخابات بلدية اسطنبول التي ستجرى يوم الأحد وأيضا الشكوك التي تحيط بعملية صنع السياسة النقدية تحت قيادة أردوغان. وبحلول الساعة 15:11 بتوقيت غرينتش سجلت الليرة 5.8170 مقابل الدولار، منخفضة بأكثر من 1 بالمئة من مستوى الإغلاق أمس الخميس البالغ 5.7550 . وفي وقت سابق اليوم الجمعة هبطت الليرة إلى 5.8250. وقال اردوغان يوم الخميس إنه ما زال يعارض سياسة بلاده النقدية لتشديد الائتمان وتعهد بـ"حل حاسم" قريبا لخفض أسعار الفائدة الرئيسية من مستواها الحالي البالغ 24 بالمئة. وفي العام الماضي رفع البنك المركزي التركي أسعار الفائدة إلى بعض من أعلى المستويات الموجودة في الأسواق الناشئة بعد أزمة للعملة دفعت معدل التضخم للصعود فوق عتبة 25 بالمئة. وتباطأ التضخم منذ ذلك الحين إلى 18.71 بالمئة، لكن أسعار الفائدة بقيت بلا تغيير مع انزلاق الاقتصاد إلى الركود.".
مشاركة :