عكس تخطي الدين العام في بريطانيا حاجز تريليوني إسترليني بسبب التكاليف الباهظة لقيود الإغلاق نتيجة أزمة كورونا، حجم التحديات الهائلة التي تواجه الحكومة من أجل امتصاص الزيادة الضخمة في الإنفاق الحكومي، التي تراوحت من مخطط كبير لدعم الوظائف وتخفيضات ضريبية إلى خصومات لمرتادي المطاعم. لندن - تسببت قيود الإغلاق في تخطي الدين العام البريطاني عتبة تريليوني جنيه إسترليني، في سابقة تاريخية تعكس وطأة وباء كوفيد – 19 على الاقتصاد وتدفع الحكومة إلى التحذير من “قرارات صعبة” سيتعين اتخاذها. وتسجل المملكة المتحدة تدهورا سريعا في ماليتها العامة نتيجة كلفة تدابير دعم الاقتصاد المتخذة في الأشهر الماضية لمواجهة عواقب الأزمة الصحية. وبلغ الدين العام تحديدا 2004 مليارات إسترليني الشهر الماضي، بزيادة تقدر بنحو 227.6 مليار إسترليني بمقارنة سنوية، حيث تجاوز الدين لأول مرة منذ 1961، مئة في المئة من إجمالي الناتج الداخلي مسجلا 101 في المئة، وفق أرقام نشرها المكتب الوطني للإحصاءات الجمعة. وأنفقت الحكومة عشرات المليارات دعما للاقتصاد منذ فرض الحجر المنزلي، وركزت نفقاتها بصورة خاصة على تدابير البطالة الجزئية المتبعة سعيا لحماية الوظائف. وفي الوقت نفسه، أدى الركود الحاد الناجم عن توقف النشاط الاقتصادي على مدى أسابيع إلى تراجع كبير في العائدات الضريبية، ولاسيما مع التخفيض المؤقت للضرائب على قطاعات تعاني من الأزمة مثل الفنادق والمطاعم. وتشير الأرقام الرسمية إلى أن الدين العام قفز بنحو 200 مليار إسترليني منذ اجتاحت أزمة فايروس كورونا بريطانيا. وتسبب كل ذلك إلى ارتفاع العجز في الميزانية العامة إلى مستويات غير مسبوقة مسجلا 150.5 مليار جنيه إسترليني في الفترة الفاصلة بين أبريل ويوليو، بينما يتوقع خبراء أن يتخطى 300 مليار إسترليني خلال السنة المالية 2021/2020 التي تنتهي في مارس المقبل. مايكل هيوسون: الوضع المالي سيتحسن بانتهاء البطالة الجزئية في أكتوبر مايكل هيوسون: الوضع المالي سيتحسن بانتهاء البطالة الجزئية في أكتوبر وقال وزير المالية ريشي سوناك في بيان إن “الأزمة شكلت ضغطا هائلا على المالية العامة في وقت يعاني فيه اقتصادنا، ونتخذ تدابير لدعم الملايين من الوظائف والشركات.. ومن دون هذه المساعدة، لكان الوضع أسوأ بكثير”. وحذر من أن إعادة تصحيح المالية العامة ستتطلب “قرارات صعبة” لم يوضحها. وقد تضطر الحكومة في المستقبل إلى زيادة الضرائب أو الحد من بعض النفقات العامة. ويرجح محللون أن يواصل العجز في المالية العامة الارتفاع هذا الشهر مع تسديد آخر دفعات من تدابير البطالة الجزئية للعمال المستقلين وتمويل برنامج دعم الوجبات في المطاعم. غير أن الوضع المالي سيتحسن بعد ذلك مع انتهاء البطالة الجزئية للموظفين بنهاية أكتوبر، رغم خطر تزايد موجة تسريح الموظفين التي تطول البلد حاليا بشدة. ونسبت وكالة رويترز إلى مايكل هيوسون المحلل لدى شركة سي.أم.سي ماركتس قوله إن “هذا قد يمنح وزير المالية هامش تحرك ضئيلا هذا الخريف” حين يعلن ميزانية تنتظر بترقب كبير. ويبقى أن الاقتصاد البريطاني تخطى الأسوأ على الأرجح، وأن النشاط باشر انتعاشة كبيرة منذ مايو الماضي، مع إعادة فتح المتاجر والمصانع تدريجيا. كما عاود استهلاك الأسر الارتفاع، وهو ما تظهره أرقام مبيعات التجزئة الصادرة الجمعة عن المكتب الوطني للإحصاءات. وازداد الاستهلاك بنسبة 3.6 في المئة في الشهر الماضي، مواصلا منحاه التصاعدي ومتخطيا مستواه ما قبل تفشي الوباء، لكن وتيرة نمو المبيعات سجلت تباطؤا حادا عن الزيادة المسجلة في مايو ويونيو تحت وطأة صدمة الحجر. وأوضح مكتب الإحصاءات أن مبيعات التجزئة تلقت دعما في يوليو من قطاعي الملابس والوقود. في المقابل، تراجعت حركة البيع على الإنترنت، لكنها لا تزال أعلى بأكثر من النصف عن مستواها في فبراير، ما يشير إلى عادات استهلاكية جديدة باتت راسخة لدى الأسر البريطانية. ورأت الخبيرة الاقتصادية في شركة كابيتال إيكونوميكس روث غريغوري أن هذه الأرقام “تبشر بالخير بالنسبة للاستهلاك في الربع الثالث، لكن من المفترض أن تتضاءل الزيادات الآن مع تبدد مفاعيل إعادة فتح المتاجر والمساعدات المالية”. وذكرت هيئة الإذاعة البريطانية “بي.بي.سي” أن الحكومة البريطانية اقترضت الشهر الماضي 26.7 مليار إسترليني، إثر تداعيات جائحة كورونا على المالية العامة. وكان الاقتصاد البريطاني قد دخل مرحلة ركود في الربع الثاني من عام 2020، مع تسجيل الناتج المحلي الإجمالي للبلاد انكماشين متتالين، مدفوعا بالضربات القوية التي تعرضت لها مختلف القطاعات جراء تفشي الوباء.
مشاركة :