يوري ديمتريف، مؤرخ روسي، حُكم عليه بالسجن لمدة ثلاثة أعوام ونصف العام، بسبب الأبحاث التي يقوم بها بشأن الجرائم التي تم ارتكابها في عهد الديكتاتور السوفيتي جوزيف ستالين.ومن الناحية الرسمية، فقد أدانت المحكمة في بتروزافودسك ديمتريف بتهمة التحرش بابنته بالتبني. إلا أن منظمات حقوق الإنسان، ومن بينها منظمة «ميموريال»، التي عمل بها ديمتريف، وصفت الاتهام بأنه مجرد تلفيق يهدف إلى إسكاته.وهناك الكثير من الحالات المماثلة لديمتريف في روسيا، وهي في ازدياد.وفي قضية ديمتريف، حين أعلنت المحكمة الحكم، كان الارتياح واضحًا في مقطع فيديو عرضته منظمة «ميموريال» لوقائع المحكمة في شمال روسيا، بينما طالب ممثلو الادعاء بالحكم عليه بالسجن لمدة 15 عامًا.ووصفت «ميموريال» الاتهامات التي يواجهها المؤرخ بأنها «وحشية بشكل خاص»، وذلك لأنها تتعلق بطفلة أيضًا، حيث قالت إن «ديمتريف ليس الضحية الوحيدة؛ لأن القضية تتضمن ابنته (بالتبني) أيضًا، كما أنها محرومة من العيش بين أفراد الأسرة».ولا يرى الخبراء أي دليل على إدانة ديمتريف، إلا أن السلطات لم يرُق لها حقيقة أنه كان يُجري أبحاثًا بشأن الجرائم التي ارتكبت في عهد ستالين. وقالت وزارة الثقافة في كاريليا إنه من الممكن أن يضر ذلك بـ «سمعة روسيا الدولية».واكتشف ديمتريف مقبرة جماعية تضم نحو 7000 جثة في ساندارموخ في عام 1997، في إطار بحثه بشأن الضحايا الذين كان يتم إعدامهم في عهد ستالين بجمهورية كاريليا.ويعتبر هذا هو الموقع الأكبر في المنطقة الذي شهد تنفيذ عمليات إعدام في ذروة الفترة التي أُطلق عليها اسم «الإرهاب العظيم»، وذلك في عامي 1937 و1938.ونظّم ديمتريف مناسبة سنوية لإحياء ذكرى هؤلاء الضحايا، حيث كان الحدث يجذب الكثيرين من مختلف دول العالم، بالإضافة إلى تسببه في إثارة غضب السلطات الروسية وأولئك الذين يحترمون ستالين.من ناحية أخرى، قالت منظمة «هيومن رايتس ووتش» في بيان لها إن «محاكمة ديمتريف جرت في سياق جهود السلطات الروسية للتقليل من جرائم ستالين لأقصى حد، وتعزيز الجماعات القومية التي تهاجم الأشخاص المتفانين في الكشف عن الحقائق بشأن الجولاج (وهي معسكرات الاعتقال السوفييتية)، وتشويه الجماعات المستقلة التي تقوم بالتحقيق بشأن الانتهاكات التي تم ارتكابها في عهد ستالين وتقوم بإحياء ذكرى الضحايا، من خلال وصفهم بأنهم عملاء أجانب ويعيدون صياغة أحداث التاريخ». وذكرت وسائل الإعلام أن المحققين اقتحموا منزل ديمتريف أثناء غيابه في عام 2016، وصادروا بيانات من على جهاز الكمبيوتر الخاص به، تتضمن صورًا عادية لابنته بالتبنّي، وبحسب تقييمات نفسية، فإن ديمتريف هو أب وجد، وليس لديه ميول للتحرش بالأطفال.ويرى المنتقدون أن القضية هي واحدة من بين الكثير من القضايا الأخرى، ويشير النشطاء إلى أن الجهود المبذولة لقمع أولئك الذين يعارضون النظام أو يفكرون بشكل مختلف، تزداد سوءًا. وعادة ما يتم سجن المتظاهرين والنشطاء، بوصفهم أعداء للدولة، لأسباب من بينها التطرف.وكان جهاز الأمن الداخلي الفيدرالي الروسي اتهم الصحفي السابق، إيفان سافرونوف - الذي أثار فضائح عامة بشأن صناعة الأسلحة - بأنه جاسوس لحلف شمال الأطلسي (الناتو).من ناحية أخرى، تسبب اعتقال الحاكم الإقليمي سيرجي فورجال، وإقالته من منصبه، في حدوث ضجة مشابهة لاعتقال سافرونوف.ويُحتجز فورجال في موسكو لاتهامه بتنظيم عددٍ من جرائم القتل.ويقول مراقبون روس إن الكرملين توصّل إلى الكثير من الأفكار للتخلص من الحكام غير المحبوبين في الماضي، حيث كانوا يحاكمون في كثير من الأحيان بتهم الفساد والاحتيال، إلا أن تهم القتل تلك تفوق كل التهم السابقة.ويقول منتقدو الكرملين إن العقوبات القاسية تهدف إلى بث الخوف بين المواطنين، إلا أن هناك المزيد والمزيد من الروس الذين يحتجون على الظلم الذي يشهدونه.
مشاركة :