تجدد الاحتجاجات السياسية يعيد الجزائر إلى المربع الأول للأزمة | صابر بليدي | صحيفة العرب

  • 10/10/2020
  • 00:00
  • 34
  • 0
  • 0
news-picture

الجزائر - يسعى الحراك الجزائري لاستعادة زخمه وذلك بعد تجدد الاحتجاجات السياسية للأسبوع الثاني تواليا منذ توقفها خلال شهر مارس الماضي، بسبب تفشي وباء كورونا ليعاد بذلك صراع الشارع والسلطة إلى مربع الصفر، رغم المسارات السياسية المنتهجة، بدءا من الانتخابات الرئاسية وصولا إلى الاستفتاء الدستوري المقرر في الفاتح من نوفمبر الداخل. وشهدت العاصمة الجزائرية والعديد من مدن البلاد كعنابة ومستغانم وبجاية والبويرة، الجمعة، مسيرات شعبية متفاوتة المشاركة، رفعت خلالها شعارات ومطالب سياسية مناهضة للسلطة، أحيت بها زخم الحراك الشعبي الذي أخلط أوراق السلطة منذ تفجره في فبراير 2019. وجاء تجدد الاحتجاجات السياسية في الجزائر، بالموازاة مع استعداد السلطة لتنظيم الاستفتاء الشعبي على الدستور الجديد في الفاتح من نوفمبر الداخل، وشروع القوى المؤيدة له في الحملة الدعائية منذ الأربعاء الأخير، من أجل إقناع الجزائريين بتزكيته عبر صناديق الاقتراع. ويبدو أن رهان السلطة الجديدة بقيادة الرئيس عبدالمجيد تبون، على عامل الوقت والإجراءات المشددة على الحريات السياسية والإعلامية، لوأد زخم الحراك الشعبي، قد فشل في المهمة، بعدما تجددت الاحتجاجات السياسية، بمناسبة الذكرى الـ32 لانتفاضة الخامس أكتوبر 1988. ولم تنجح التدابير المتشددة تجاه الحريات السياسية وملاحقة الناشطين المعارضين عبر القضاء، في إنهاء حالة الغليان الشعبي، الأمر الذي يعرض الاستحقاق الدستوري للإرباك قبل ثلاثة أسابيع، كما حصل مع الانتخابات الرئاسية الأخيرة، التي جرت في أجواء شعبية متوترة. ورغم التوجه إلى تفكيك الزخم الشعبي من الداخل عبر مغازلة ناشطين معروفين بمزايا ومناصب سياسية، وحتى خلط أوراق المعارضة التقليدية باستقطاب بعض أطيافها، إلا أنها فشلت بإقناع الشارع بالانخراط في المسارات التي حددتها، انطلاقا من تعديل دستوري عميق ثم انتخابات تشريعية ومحلية مبكرة في الأفق القريب. احتجاجات سياسية عفوية انطلقت من عدد من الأحياء الشعبية بالعاصمة وذكر شهود عيان لـ”العرب”، بأن “احتجاجات سياسية عفوية انطلقت من عدد من الأحياء الشعبية بالعاصمة، على غرار الحراش وبلوزداد وبلكور، كما احتشدت أعداد أخرى في ساحة موريس أودان ومحيط البريد المركزي، رغم الحضور الأمني القوي”. وفي مدينة عنابة (شرق) احتشد العشرات في ساحة الجمهورية وسط العاصمة، لتجديد العهد مع المطالب والشعارات المناهضة للسلطة، وهي نفسها التي تكررت في مسيرات أخرى بعدد من المدن على غرار بجاية والبويرة ومستغانم وتلمسان. وذكر هؤلاء بأن قوات الأمن التي كانت في زي رسمي ومدني قامت باعتقال العشرات من المحتجين والناشطين في عنابة والعاصمة، ليتكرر سيناريو الاثنين الماضي لما كان من بين هؤلاء طلبة جامعيون وحتى قصر، منهم من أحيل على المحاكمة بتهمة التحريض على التجمهر والمشاركة في مظاهرة غير مرخصة. لكنها تلك القوات اضطرت للانسحاب من الطرق والمقاطع في مدينة بجاية، تحت ضغط المحتجين، بينما شهدت مداخل وتخوم العاصمة غلقا شبه كلي للحيلولة دون الالتحاق بوسط العاصمة، رغم استمرار العمل بحظر التنقل بين الولايات بدعوى مواجهة وباء كورونا. وتفضي الشعارات والمطالب المعبر عنها في الاحتجاجات المتجددة، إلى أن القطيعة المعلنة بين الشارع والسلطة من بداية العام الماضي، لم تتحرك من مكانها رغم مرور أكثر من عام على بداية الأزمة، وإلى أن الخطوات التي قطعتها السلطة بغية استعادة الوضع العادي في البلاد لم تحقق شيئا. ولا زالت شعارات “دولة مدنية وليست عسكرية”، و”النظام القاتل”، و”ارحلوا كلكم”، و”تبون مزور جاء به العسكر”، تمثل أبرز العناوين في الاحتجاجات التي تكشف عن أزمة محتقنة لم تستطع السلطة الجديدة تطويقها. ورغم تعدد الخلفيات الفكرية والأيديولوجية في الحراك الشعبي، إلا أنه لا يزال محتفظا بعقيدته المناهضة للسلطة كخطوة أولى في فلسفته دون إيلاء الأهمية للتوجهات المتضاربة والمتحالفة ضد السلطة، حيث لوحظ في عدد من مسيرات أمس والاثنين الماضي، تواجد أشخاص وناشطين علمانيين وإسلاميين على خط ومسار واحد. وعبّر محتجون في أحياء شعبية ذات توجهات إسلامية، كحي الجبل في ضاحية الحراش بالعاصمة، عن خلفيتهم الأيديولوجية، لما رددوا شعار “يا للعار يا للعار تصلي الجمعة في الدار”، و”الله أكبر حرروا بيوت الله”، في إشارة لمواصلة الجهات المسؤولة حظر صلاة الجمعة والجماعة في غالبية مساجد البلاد، وهي المواقع التي كانت تمثل نقاط انطلاق الاحتجاجات قبل أن تعلق في مارس الماضي.

مشاركة :