«المنفي» لربيع الأمين... الهروب ليس حلاً في الغربة

  • 7/24/2015
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

يُحاول المخرج اللبناني الشاب ربيع الأمين، البحث عن ذاته في «المنفي» فيلمه الجديد، عبر لغة سينمائية جديدة ومبتكرة، لكنها كئيبة وحزينة. لغة طغت عليها لقطات تصويرية طويلة مع حركة كاميرا بطيئة، تعبّر عن نفسية بطل العمل (فادي صقر) الذي قد يكون أيَّ واحد منا في المنفى بعيداً من وطنه وأهله. أسئلة كثيرة يطرحها الأمين في العمل، عن الهوية والانتماء والأرض والتأقلم والذكريات والماضي والحاضر والمستقبل والتشتت الفكري والاكتئاب ومحاسبة المدينة التي أجبرته على المغادرة. ثمة محاسبة مستترة لبيروت، المدينة التي يكاد الفيلم يقول لنا إنها لم تقدم شيئاً لشبابها، بل أورثتهم حروبها الكبيرة قبل الصغيرة. ينتمي الأمـــين إلى جيل الحرب، ومن هذا المنطلق، يجرّب كغيره من أبناء جيله السينمائيين، البحث عن أجوبة لأسئلة غيبية، حول الحرب والســـلاح وما سبباه من أذى نفسي. يتناول الفيلم يوميات رجل وعائلته في المنفى، ومدى تدهور حالته النفسية هناك، في بلد طقسه جليدي. الاستقرار الذي ينعم به هذا البلد لم يساعد الرجل على التأقلم أو نسيان الماضي، بل زاد تعلقه به، وكأن تذكر الماضي والحنين إلى الوطن بات عادة يومية، كالتدخين أو شرب قهوة الصباح. لا يجد الرجل متعة في الحديث الى زوجته ولا في حضور حفلة راقصة، كأنه يبحث عن كل ما يذكّره ببيروت، تلك المدينة التي طردته، لكنه ما يزال يحن إليها بلا أسباب منطقية. ثمة سؤال لا بد من طرحه بعد مشاهدة العمل، هل ما زالت الحرب «الثيمة الأساس» لدى المخرجين الشباب، ولماذا لم يتحرروا منها بعد؟ الملاحظ أن الحرب اللبنانية أخذت حيزاً كبيراً من تفكير المخرجين، خصوصاً الشباب منهم، لما فيها من غموض واعتباطية. واللافت أن طرق معالجتها تختلف من واحد الى آخر. قرّر الأمين في فيلمه معالجة الأسباب النفسية للحرب، وما سببته من اكتئاب وعصبية لدى كثيرين. ومن هنا، فإن الحرب غير واضحة في الفيلم، بل مستترة، ولا يوجد ما يوحي بأنها موجودة، لكن آثارها تظهر من خلال تصرفات البطل وأحاديثه وحركته الموتورة. ثمة جو حميمي في العمل، وساعد على ذلك، حسن اختيار مواقع التصوير، كما أن صورة العمل جميلة، وزاد من جمال اللغة السينمائية، اعتماد المخرج لقطات طويلة من دون أي تقطيع، لإيصال أفكاره. لكن الصورة وحدها لا تكفي لصناعة فيلم جيد إذا لم يكن النص قوياً ومتيناً كالصورة، إضافة الى ما يعانيه الفيلم من الخطابية المباشرة في بعض المشاهد. كما بدا أيضاً أن ثمة مبالغة من بعض الممثلين في تقديم الحالة النفسية، ما أوقع بعضهم في الرتابة أو التصنع في تقديم الدور. نذكر أن الأمين كان قد أنجز قبل «المنفي» فيلماً آخر هو «أحمد الياباني»، وهو عمل وثائقي حاز جائزة لجنة التحكيم في «مهرجان بيروت الدولي للأفلام الوثائقية»، كما أنه يعمل حالياً على إنجاز «الأشجار أيضاً تموت»، على اعتبار أنه فيلمه الروائي الطويل الأول، وهو يعيش بين مونتريال وبيروت.

مشاركة :