طرابلس - لم تمنع الاعتقالات وحملة القمع الواسعة بحق المحتجين في طرابلس من مواصلة احتجاجات المواطنين على تردي الأوضاع الأمنية والحياتية بالعاصمة الليبية بعد يومين فقط على إعلان وقف العمليات العسكرية والتوصل إلى اتفاق لاقى ترحيبا عربيا ودوليا. واحتج مواطنون ليبيون على سوء أوضاعهم المعيشية في طرابلس قابلتها الميليشيات الموالية لحكومة فايز السراج بحملة قمع واسعة واعتقالات في صفوف الشبان الذين يعبرون عن غضبهم مما وصفوه بأنه موت بطيء بسبب تردي الخدمات العامة والفساد والضغوط الاقتصادية قبل أن يتوجهوا إلى ساحة الشهداء في وسط طرابلس حيث جرى تفريقهم بإطلاق النار. وقالت وزارة الداخلية التابعة لحكومة السراج إنها "فتحت تحقيقا في إطلاق مندسين النار خلال تظاهرة سلمية في العاصمة طرابلس"، معتبرة أنها محاولة لإثارة الفتنة وزعزعة الثقة بين المواطنين والأجهزة الأمنية. ودعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الاثنين لإجراء تحقيق فوري وشامل في استخدام القوة ضد المتظاهرين في طرابلس. وقالت في بيان إن "حق التجمع السلمي والاحتجاج وحرية التعبير هو حق أساسي من حقوق الإنسان ويندرج ضمن التزامات ليبيا بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان". ودعت إلى "إجراء تحقيق فوري وشامل في الاستخدام المفرط للقوة من جانب أفراد الأمن الموالين لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس يوم الأحد، ما أسفر عن إصابة عدد من المتظاهرين". ولفتت إلى أن "الدافع وراء هذه التظاهرات كان الشعور بالإحباط من استمرار الظروف المعيشية السيئة، وانقطاع الكهرباء والمياه، وانعدام الخدمات في جميع أنحاء البلد". وفي وسط العاصمة طرابلس هتف المتظاهرون وبغالبيتهم من الشبان "ليبيا! ليبيا!" و"لا للفساد"، مؤكدين أنهم ضاقوا ذرعا من تدهور الخدمات، والانقطاع المتكرر للكهرباء والمياه وطوابير الانتظار الطويلة أمام محطات توزيع الوقود. وعبر الهاتف قال المتظاهر العشريني أيمن الوافي لوكالة الصحافة الفرنسية "نحن تعبنا... يكفينا ما نحن فيه... كفانا العيش بدون أمل بعكس باقي الناس!". وكان المتظاهرون قد تجمّعوا أمام مقر الحكومة ثم انتقلوا إلى ساحة الشهداء في وسط طرابلس متجاهلين القيود المفروضة لاحتواء فياروس كورونا الذي تتسارع وتيرة إصاباته في البلاد. ومساء أطلقت قوات الأمن النار في الهواء لتفريق المتظاهرين. اقرأ أيضاً: الجيش الليبي يفضح نوايا السراج من إعلان وقف إطلاق النار وقال الوافي عبر الهاتف "تركنا التظاهرة في ساحة الشهداء عندما سمعنا إطلاق رصاص في الهواء لتفريق المتظاهرين". ومنذ سقوط نظام معمّر القذافي في العام 2011، تشهد ليبيا نزاعات متتالية أرهقت شعب البلد الذي يملك أكبر احتياطي نفطي في أفريقيا. وتأتي التظاهرة بعد يومين على إعلان الطرفين التوصل إلى وقف لإطلاق النار وتعهّدهما تنظيم انتخابات. وعزز هذا الإعلان الآمال بتحسن الأوضاع في ليبيا، لكنه لم يبدد الشكوك في إمكان تطبيقه نظرا إلى أن البلاد تشهد منذ سنوات أعمال عنف وتدخلات خارجية مباشرة خاصة بعد إرسال أنقرة للمرتزقة والمستشارين العسكريين لمساعدة حكومة الوفاق. وقال شهود عيان في طرابلس إن المتظاهرين حطموا مركبات تابعة لميليشيات مسلحة وطالبوا رئيس الحكومة بالرحيل. وعلى الرغم من نفي وزارة الداخلية إطلاق النار، إلا أن صور منتشرة على مواقع التواصل الاجتماعي تظهر عناصر بلباس عسكري يطلقون النار باتجاه المتظاهرين. وطالب المتظاهرون برحيل الحكام في طرابلس بعد فشلهم في إيجاد حلول عاجلة لمشكلات الليبيين على مدار الأعوام السابقة التي تلت سقوط نظام العقيد الليبي الراحل معمر القذافي. ويقول هؤلاء إن التدخلات الخارجية وخاصة التدخل التركي الداعم لميليشيات حكومة الوفاق زاد من معاناة المواطنين، بعد أن أصبحت تلك الميليشيات تعيش على حساب متطلبات وتلبية احتياجات الليبيين. وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل هتافات للمواطنين الليبيين تطالب بإسقاط المجلس الرئاسي في طرابلس، بعد التظاهرات الحاشدة ضد الفساد وسوء الخدمات العامة والسيطرة على منظومة الاعتمادات المالية ودعم المرتزقة السوريين بأموال الليبيين.
مشاركة :