غزة 24 أغسطس 2020 (شينخوا) يخيم الظلام على غالبية أحياء وأزقة غزة عند حلول مساء كل يوم منذ نحو أسبوع على إثر تفاقم أزمة عجز التيار الكهربائي بما يزيد من محنة الحياة في القطاع المحاصر إسرائيليا للعام الثالث عشر على التوالي. وتوقفت محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة عن العمل منذ يوم (الثلاثاء) الماضي بسبب نفاد الوقود اللازم لتشغيلها على إثر إغلاق إسرائيل معبر (كرم ابو سالم) المنفذ التجاري الوحيد مع القطاع. وأدى ذلك إلى تدهور شديد في الخدمات العامة مع بلوغ العجز في الكهرباء إلى أكثر من 75 في المائة بحسب ما أعلن مسئولون في شركة توزيع الكهرباء في القطاع. ويعقد العجز الحاصل مهمة الطواقم الفنية لشركة توزيع الكهرباء الذين يجبرون على توزيع كميات الكهرباء المتاحة بواقع أربع ساعات وصل مقابل 20 ساعة فصل كل يوم. ويشتكى منسق الأحمال في شركة كهرباء غزة محمود أبو عمو لوكالة أنباء ((شينخوا))، من أن الحياة أصبحت ثقيلة جدا على سكان القطاع لكنها أشد ثقلا عليه وزملائه. ويوضح أبو عمو أنهم يتوزعون في الأحياء على مدار الساعة من أجل التحكم في عمليات التوزيع والفصل وفق جدول مضغوط يشكل عبئا كبيرا عليهم ويزيد من مخاطر عملهم. ويشير إلى أن عمليات الفصل والتوزيع للكهرباء شديدة التعقيد وتحتاج الكثير من الجهود لضبطها في ظل الكميات القليلة جدا المتوفرة من الكهرباء ما يعرضهم لانتقادات شعبية واسعة. ويحتاج قطاع غزة إلى 500 ميغاواط، وكل ما يتوفر منها لا يتجاوز 210 ميغاواط يتم توريد 120 منها من إسرائيل، و30 ميغاواط من مصر، والبقية تنتجها محطة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة قبل أن تتوقف عن العمل. وأغلقت إسرائيل الأسبوع الماضي معبر كرم أبو سالم التجاري مع قطاع غزة باستثناء إدخال المساعدات الإنسانية ردا على إطلاق بالونات حارقة من القطاع على جنوب أراضيها. ودفع ذلك إلى إعلان سلطة الطاقة في غزة عن توقف محطة توليد الكهرباء بكامل قدرتها الإنتاجية عن العمل نتيجة إيقاف توريد الوقود اللازم لتشغيل المحطة من إسرائيل. ومع طول ساعات قطع الكهرباء في ذروة موسم الصيف، تعتمد المصالح التجارية والمصانع في قطاع غزة على مولدات بديلة وهو ما يزيد من تكاليف النفقات التشغيلة. ويقول منذر أبو الكأس صاحب مطعم ومتجر لبيع اللحوم في غزة لـ ((شينخوا))، إنهم يجبرون على الاعتماد على مولدات الكهرباء البديلة مع تفاقم أزمة اقتطاع الكهرباء ما يضاعف مصاعب عملهم. ويوضح أبو الكأس أن طول فترة انقطاع الكهرباء يهدد بفساد السلع والمنتجات فيما اللجوء إلى تشغيل المولدات لضمان استمرار عمل الثلاجات والأجهزة الأخرى يحتاج إلى تكاليف مالية مضاعفة بما يشكل عبئا كبيرا. وحذرت وزارة الاقتصاد في غزة من مخاطر استمرار أزمة عجز الكهرباء ما يلحق خسائر كبيرة بمجمل مكونات اقتصاد القطاع ويضيف أعباء جديدة على القطاع الاقتصادي المنهك. وأبرزت الوزارة في تقرير أن الكهرباء تعد أحد أهم أشكال الطاقة التي تدير عجلة الاقتصاد في القطاع الذي يعاني أصلاً من نقص مزمن في إمدادات الطاقة. وأوضحت أن العديد من السلع والخدمات الأساسية تضررت خاصة قدرة المخابز ومطاحن الدقيق ومحطات تحلية المياه على تلبية احتياجات السكان فيما أن اللجوء إلى تشغيل المولدات البديلة لساعات إضافية يلحق مزيدا من الخسائر بتلك المنشآت. كما تنخفض القدرة الإنتاجية للمصانع مقابل ارتفاع تكاليف صيانة المعدات والماكينات بسبب الانقطاع المتكرر فيما يؤدي توقف المصانع والمعدات الإنتاجية إلى زيادة معدل البطالة بحسب الوزارة. وتعد أزمة الكهرباء متجددة في قطاع غزة منذ فرض الحصار الإسرائيلي منتصف عام 2007 وتجددت لفترات متقطعة كل عام تقريبا على خلفية الارتباط بالأوضاع الميدانية. وتصاعدت التحذيرات من تداعيات خطيرة على الوضع الإنساني المتدهور أصلا في صفوف 2 مليون نسمة يقطنون قطاع غزة في حال استمرار أزمة تفاقم عجز الكهرباء. وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة عن تقليص خدماتها التشخيصية والمساندة بسبب تفاقم أزمة انقطاع الكهرباء والنقص الحاد للوقود اللازم لتشغيل مولدات المستشفيات. ووجه الناطق باسم الوزارة أشرف القدرة عدة نداءات تحذير متكررة من التداعيات الخطيرة للأزمة على عمل المستشفيات الحكومية لاسيما حياة الأطفال الخدج في الحضانات، ومرضى العنايات المركزة والفشل الكلوي، فضلا عن عمل العمليات الجراحية والولادات القيصرية. وبحسب القدرة فإن وحدة حضانة الأطفال الخدج يتواجد فيها بالمتوسط أكثر من 110 أطفال، موزعين بين حضانات متفرقة، تحيط بهم عشرات الأجهزة الطبية الدقيقة التي تتابع تطوّر حالاتهم الصحية لحظة بلحظة. وأضاف أن وحدة حضانة الأطفال الخدج بمجمع الشفاء الطبي (كبرى مستشفيات غزة) هي من أكثر الأقسام اعتمادا على التيار الكهربائي، إذ أن كلّ أجهزتها بما في ذلك أجهزة المراقبة الحيوية وأجهزة التنفس الصناعي، تعتمد بشكل مباشر على التيار الكهربائي. كما حذرت شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية في غزة من الآثار خطيرة لأزمة تفاقم عجز الكهرباء في غزة على الخدمات الأساسية، وفي مقدمتها القطاع الصحي وإمدادات مياه الشرب. وذكرت شبكة المنظمات في بيان صحفي أن الأزمة تتسبب بخسائر كبيرة في المنشآت الصناعية والتجارية والزراعية التي تعتمد على الطاقة الكهربائية ما سينعكس سلبا الخدمات المقدمة للسكان. وطالبت كافة الأطراف الدولية بتحمل مسؤوليتها تجاه وقف تدهور الأوضاع في قطاع غزة وتجنيبه المزيد من الويلات عبر الضغط على إسرائيل لرفع الحصار وإدخال كافة المواد وفي مقدمتها الوقود اللازم لتشغيل محطة توليد الكهرباء.
مشاركة :