قمة عمّان تفتح أفقا لتوسيع التعاون الاقتصادي بين مصر والأردن والعراق | محمد حماد | صحيفة العرب

  • 8/26/2020
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

طرحت قمة عمّان الثلاثاء حزمة كبيرة من الفرص لتعزيز التعاون الاقتصادي بين كل من الأردن ومصر والعراق، حيث ركزت على القطاعات الإستراتيجية التي تحتاج إلى تقارب سياسي، منها قطاع الطاقة، وفتح أفق جديد أمام انسياب حركة التبادل التجاري وتدفق الاستثمارات بين الدول الثلاث. القاهرة - فتحت القمة الثالثة حول مسار آلية التعاون الثلاثي بين مصر والأردن والعراق في العاصمة عمّان مجالا جديدا لتطوير التعاون على المستوى الإقليمي. ويرجح اقتصاديون أن تعمق هذه القمة مسارات التعاون المعلن وتعزز أطر العلاقات الاقتصادية بعد أن انطلقت أولى الجولات في القاهرة العام الماضي. وتزامن انعقاد القمة مع تطورات تشهدها منطقة الشرق الأوسط على صعيد الحديث عن عملية السلام، ما يمكن أن يوسع نطاق التعاون، ويزيد تدفق الاستثمارات المنبثقة من المعاني التي يحملها التقارب الإقليمي. ويعد قطاعا النفط والغاز من الملفات المهمة بين الدول الثلاث، لكونهما يحملان قيمة إستراتيجية، ويحتاج كلاهما إلى توافق على المستوى السياسي، وجانب من الخلافات الراهنة في المنطقة تنطلق من التباين حول قواعد كلاهما. وتملك الدول الثلاث مجموعة من القواسم المشتركة، تؤهلها لتقديم نموذج غاب كثيرا عن المنطقة، إذا أحسن توسيع أطر التنسيق والخروج من العباءات التقليدية. ونفذت القاهرة مشروع “خط غاز شمال الأردن 36” بطول حوالي 56 كيلومترا من خلال التكامل والتنسيق بين شركة فجر الأردنية، وتعد الذراع الاستثمارية بين البلدين في مجال النفط والغاز، وشركات إنبي وبتروجت وغاز مصر. مصر تنقل تجربتها في توصيل الغاز الطبيعي للأردن وتوسع استثماراتها النفطية بالعراق وأعلنت الحكومة المصرية استنساخ تجربتها في مجال توصيل الغاز الطبيعي للمنازل في السوق الأردنية، وتقديم جميع أشكال الدعم لعمّان في هذا المجال، في الوقت الذي يعاني فيه الأردن من أزمات حادة في مجال المحروقات. وقال وزير البترول المصري في تصريحات سابقة لـ”العرب”، إن “التعاون بين مصر والأردن في مشروعات الغاز الطبيعي يشهد انطلاقة حقيقية وتدعمه إرادة سياسية قوية من قيادة البلدين”. وقامت شركة فجر، المملوكة بالكامل لشركة فجر المصرية، بتعزيز استخدامات الغاز الطبيعي في الأردن من خلال شبكة الغاز الطبيعي والاستفادة من كافة التسهيلات المرتبطة بها. وقامت الشركة المصرية بمد خطوط تصل إلى حوالي 500 كيلومتر لتزويد محطات الكهرباء والصناعات الأردنية المختلفة باحتياجاتها من الغاز الطبيعي. وأدى ذلك الأمر إلى زيادة مساهمة الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء بالأردن لنحو 90 في المئة من خلال 11 محطة توليد، خاصة وأن عمان في أمس الحاجة إلى الطاقة بشتى أنواعها وهي تعد من البنود الباهظة في الموازنة السنوية للدولة. جمال القليوبي: القمة تتواكب مع ظروف اقتصادية حساسة بسبب كورونا جمال القليوبي: القمة تتواكب مع ظروف اقتصادية حساسة بسبب كورونا ووقعت القاهرة اتفاقا مع شركة الكهرباء الوطنية الأردنية لتشجيع القطاع الصناعي لاستخدام الغاز الطبيعي، إلى جانب توصيل وبيع الغاز لشركة مناجم الفوسفات بالعقبة. وإمعانا في التعاون مع مصر، كان الأردن من أوائل الدول التي وقعت على اتفاق تأسيس منتدى غاز شرق المتوسط، والذي يضم دولا عديدة في المنطقة، وقد تم الإعلان مؤخرا عن تحويله إلى منظمة دولية لمواجهة الأطماح التركية في مكامن ثروة الغاز في البحر المتوسط. ويفتح التعاون الثلاثي بين القاهرة وعمّان وبغداد الباب أمام العراق للانضمام لمنتدى شرق البحر المتوسط، خاصة وأنه لا توجد قيود جغرافية تمنع انضمام بغداد أو غيرها، فهناك دول عدة تشارك في المنتدى من خارج حدوده. وتولي القاهرة أيضا السوق العراقية أهمية خاصة في مجال الاستثمارات البترولية عبر شركة بتروجيت، التي تشارك في عدد من المشروعات بقطاع النفط العراقي. وتنفذ الشركة التي تمتلكها وزارة البترول المصرية المرحلة الثانية من مشروع غاز الزبير في العراق لصالح شركة المشاريع النفطية، وجرى توقيع اتفاق مشاركة لتعزيز التعاون مع الشركة العامة للمعدات الهندسية الثقيلة، وهي إحدى شركات وزارة النفط العراقية. وتعمل بتروجيت في البصرة جنوب العراق بمنطقة الرميلة شمال البصرة ضمن مجمع شركات البترول المصرية بالعراق في تصنيع المعدات المجهزة والمؤهلة لكافة أنواع أبراج التقطير والمبردات الهوائية والمبادلات الحرارية وأوعية الضغط والمنشآت الحديدية والمواسير. وتعليقا على هذه القمة قال جمال القليوبي، أستاذ الطاقة والتعدين بالجامعة الأميركية في القاهرة، في تصريح لـ”العرب” إن “القمة الثلاثية جاءت في ظروف بالغة الحساسية، وتزامنت مع تداعيات وباء كورونا على اقتصاديات الدول”. رشاد عبده: اللقاء خطوة نحو التكامل العربي وقد تنضم له دول أخرى رشاد عبده: اللقاء خطوة نحو التكامل العربي وقد تنضم له دول أخرى وأوضح أن مصر لديها استثمارات مشتركة مع شركة جنوب نفط العراق عبر شركة كويت إنرجي، من خلال الاستثمار في البحث والتنقيب والتنمية والتطوير بحقل فيحاء، ويصل متوسط إنتاجيته إلى نحو 25 ألف برميل. وتشير التقديرات إلى أن القاهرة تستورد الزيت الخام من حقول البصرة بمتوسط 1.5 مليون برميل شهريا مقابل تصدير الغاز المسال للعراق. وتتعدد نوافذ التعاون المصري مع العراق، الذي يستورد حوالي 6 آلاف ميغاواط من الكهرباء من إيران، وفي ظل ضغوط طهران لرفع لأسعار الكهرباء، قد تتخلى بغداد عن إمداد الكهرباء الإيرانية، مع الزيادة السنوية في استهلاك الكهرباء التي تبلغ نحو 20 في المئة. وتشي هذه الحالة بإمكانية فتح أفق واعد للتعاون بين القاهرة وبغداد في مجال الاستثمار بقطاع الكهرباء وبالتالي بناء محطات تعتمد بشكل مباشر على الغاز الطبيعي، وهو ما قد يبعد العراق تدريجيا من فلك الارتهان للغاز الإيراني. ويحتاج العراق، ثاني أكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، إلى ربط وإعادة هيكلة البنية التحتية لقطاع البترول، خاصة حقول البصرة وكركوك وشمال بغداد، وهذا الملف يشهد تعاونا بين البلدين من خلال الشركات المصرية العاملة في السوق العراقية. ووفق الأرقام الرسمية، يصل حجم التبادل التجاري بين العراق ومصر نحو 1.2 مليار دولار سنويا، ولكنه يعد قليلا بالنظر إلى دول أخرى في المنطقة. ويقول خبراء اقتصاد إن ذلك الرقم يمكن مضاعفته الفترة المقبلة، من خلال تعزيز آليات التعاون عبر مسار التعاون في ظل قبول المنتجات المصرية في السوق العراقية، ما يعزز عمق التعاون المشترك القائم على تعظيم المصالح المشتركة لدول المسار. مصر تعلن توصيل الغاز الطبيعي للمنازل في السوق الأردنية مصر تعلن توصيل الغاز الطبيعي للمنازل في السوق الأردنية وتشهد دول مثلث المسار تعاونا في مجالات متعددة، حيث تصل الاستثمارات الأردنية في مصر لنحو مليار دولار، من خلال 1945 شركة بمختلف القطاعات في مقدمتها قطاع الدواء، بقيادة شركة الحكمة الأردنية في مصر. وكان الأردن في مقدمة الدول التي وقعت اتفاق المناطق الصناعية المؤهلة مع إسرائيل، ويمنح الدول الموقعة عليه حق تصدير المنتجات للسوق الأميركية بإعفاء تام من الجمارك، وبعد توقيع القاهرة عليه اتجهت لاستنساخ تجربة الأردن في الاتفاق بهدف تعزيز صادراتها للسوق الأميركية. وقبل عام وقعت مصر والأردن اتفاقا لإنشاء مجلس تنسيقي للتعاون الاستثماري بين البلدين، خلال اجتماعات الصناديق العربية في البحر الميت، لتعزيز العلاقات الاستثمارية الثنائية وتطوير التعاون وإنشاء إطار تنظيمي فعال لخدمة المستثمرين. وأكد الخبير الاقتصادي المصري رشاد عبده أن القمة الثلاثية خطوة على طريق التكامل الاقتصادي العربي، على أمل أن تنضم دول أخرى في مراحل لاحقة، لاسيما أن العراق دولة غنية بالمواد النفطية. وأوضح أن مصر لديها عمالة كبيرة في الأردن، وفرصها واعدة لتعزيز التعاون، بما يمثل حماية لها، فضلا عن إمكانية جذب كبار المستثمرين للدخول إلى مصر، وتوجيه استثمارات مقابلة في مجال المقاولات للأردن، ومن ثم زيادة في تحويل العملة الصعبة وزيادة في الصادرات. ويعتبر الأردن محورا مهما في تعزيز التبادل التجاري لمصر مع العراق، عبر نفاذ منتجات الأخيرة للسوق العراقية، كما أنها على تخوم مشروع “نيوم” السعودي. ولدى كثير من المراقبين قناعة بأن يجعل هذا المشروع الضخم البالغ تكلفته نصف تريليون دولار مصر والأردن والسعودية مركزا لتدفق التجارة والاستثمار في المستقبل.

مشاركة :