القاهرة تفتح تجارة الغاز الطبيعي أمام القطاع الخاص | محمد حماد | صحيفة العرب

  • 8/12/2020
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

طرحت القاهرة تجارة وتداول الغاز الطبيعي أمام المستثمرين، بعد أن كانت حكرا على الحكومة، تزامنا مع تجاوزها فجوة الاستهلاك القاسية خلال السنوات الماضية، وبلوغها مرحلة الاكتفاء الذاتي، وتحقيق فائض للتصدير. القاهرة - فتحت القاهرة آفاقا استثمارية جديدة أمام رؤوس الأموال المحلية والأجنبية في مجال تجارة وتداول الغاز، وسمحت للقطاع الخاص بطرق هذا القطاع الذي ظل حكرا على الشركات الحكومية على مدى عقود ولأسباب إستراتيجية. وافق جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز على الترخيص لنحو 15 شركة دفعة واحدة لطرق باب القطاع الجديد، إلا أن الشركات الحكومية استحوذت على نصيب الأسد في القائمة، ربما لجاهزيتها وسرعة تحركها حتى لا تتخلف عن درب المنافسة مع الشركات الخاصة. ضمت قائمة التراخيص الجديدة شركات: المصرية للغازات الطبيعي جاسكو، وغاز مصر، والمصرية لتوزيع الغاز الطبيعي للمدن، تاون جاس وغاز الأقاليم، ريجاس وسيناء للغاز، وأوفر سيز والوطنية للغاز، ناتجاس وغاز القاهرة، والفيوم للغاز، وماي جاس. وشملت القائمة أيضا: سيتي جاس، ووادي النيل للغاز، ووترانس جاس، وريبكو جاس، فضلا عن منح رخصة للشركة القابضة للغازات الطبيعية إيجاس، في مجال شحن الغاز. وتعد هذه الخطوة أولى فعاليات الجهاز القوية، منذ تدشينه خلال ثلاث سنوات، وبعد أن حققت القاهرة اكتفاء ذاتيا من الغاز الطبيعي والتحول إلى التصدير. وحدد الجهاز قيمة رسوم إصدار ترخيص نشاط النقل بواقع 0.044 سنت للمليون وحدة حرارية، ورسوم ترخيص نشاط التوزيع بقيمة 0.016 سنت للمليون وحدة حرارية، وقيمة رسوم نشاط شحن الغاز بواقع 0.024 سنت للمليون وحدة حرارية، ونشاط التوريد بنحو 0.006 سنت. وكشفت بيانات وزارة البترول والثروة المعدنية بمصر، عن متوسط معدلات إنتاج الغاز الطبيعي حاليا بنحو 7.2 مليار قدم مكعب يوميا، في حين تدور معدلات الاستهلاك حول 6 مليارات قدم مكعب يوميا، ما يفتح أفقا جديدا لتصدير الغاز أمام شركات القطاع الخاص. ويستحوذ قطاع الكهرباء على نحو 60.3 في المئة من إجمالي استهلاك البلاد من الغاز الطبيعي، أما قطاعات الصناعة والمنازل وتموين السيارات والبترول ومشتقاته فتستحوذ على 39.7 في المئة. ووقعت وزارة البترول خلال السنوات الست الماضية نحو 84 اتفاقية مع شركات عالمية للبحث عن الغاز والبترول باستثمارات تصل إلى نحو 15 مليار دولار، في شرق وغرب البحر المتوسط والبحر الأحمر والصحراء الغربية، ما ينذر بوفرة جديدة مرتقبة في إنتاج الغاز الطبيعي. وقال محمد سعدالدين، رئيس جمعية مستثمري الغاز، إن منح جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز تراخيص للعمل في توزيع وتوريد الغاز لشركات القطاع الخاص في مصر يعزز من تدفق الاستثمارات للقطاع. وأضاف لـ”العرب”، أن القاهرة لجأت إلى تدشين الجهاز عام 2017، بعد أن أعلنت عن رغبتها في التحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز الطبيعي في المنطقة، وبالتالي كان عليها تأسيس جهاز ينظم هذه الحركة، ويهدف إلى عدم احتكار الحكومة للأنشطة المتعلقة بالغاز الطبيعي، ومن ثم أصبح من حق شركات القطاع الخاص تصدير واستيراد وبيع الغاز دون مشكلات. وبات أمام شركات القطاع الخاص في الوضع الجديد اللجوء للجهاز المستقل عند أي مشكلات، فضلا عن وجود كيان يمنح تراخيص مزاولة النشاط بعيدا على الإجراءات البيروقراطية. كانت الهيئة العامة للبترول، هي المتحكم الرئيسي في حركة السوق قبل بزوغ نجم الجهاز، الأمر الذي ضيع فرصا استثمارية كبيرة على البلاد. ويضمن الوضع الجديد، شفافية المنافسة بين الشركات المحلية والأجنبية، والالتزام بمعايير العمل في مجال تجارة وتداول الغاز الطبيعي. ومن أهم شروط دخول الشركات هذا النشاط التمتع بالملاءة المالية الكبيرة، والخبرة السابقة في القطاع، علاوة على الاشتراطات الفنية المتعلقة بكل نشاط، سواء النقل أو التوزيع أو التوريد. وقال حسين الغزاوي رئيس لجنة الطاقة بجمعية رجال الأعمال المصريين الأفارقة، إن دخول شركات القطاع الخاص للعمل بقطاع الغاز أولى ثمار خطط التحول إلى مركز إقليمي لتجارة وتداول الغاز. وأوضح لـ”العرب”، أن تعدد الشركات العاملة بالقطاع بعد قرار جهاز تنظيم أنشطة سوق الغاز يشعل المنافسة بين الشركات، ما يضمن سعرا عادلا وخدمة أفضل للمستهلك، إلى جانب عوائد اقتصادية للقرار على المدى المتوسط والطويل من شأنها ضم قطاع واعد لأجندة البلاد الاستثمارية. وتقود جماعات الضغط التي تمثل مصالح المستثمرين حملات للضغط على وزارة البترول والثروة المعدنية لخفض أسعار الغاز الطبيعي للمصانع، ورفعت عددا من المطالبات لرئاسة مجلس الوزراء. وأقرت اللجنة الوزارية للطاقة بيع الغاز للمصانع بنحو 4.5 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، وهي وحدة القياس في مجال الغاز، إلا أن هذه المستويات لا ترضي طموحات المستثمرين الذين يطالبون خفض هذه المستويات لـ3 دولارات. وعلى صوت جماعات الضغط تزامنا مع تفشي وباء كورونا وما خلفه من تداعيات سلبية على النشاط الاقتصادي، أعلنت وزارة البترول عن حزمة مبادرات تستهدف التيسير على المصانع التي تستخدم الغاز الطبيعي في عمليات التشغيل والإنتاج. وشملت المبادرة إعفاء المصانع الخاصة والحكومية من ديون مستحقة واجبة السداد لوزارة البترول بقيمة 330 مليون دولار الناتجة عن بنود خاصة بعقود توريد الغاز الطبيعي للمصانع. وأمعنت في الحوافز وألغت غرامات التأخير المتراكمة على المصانع بأثر رجعي والتي تعود إلى عام 2009، وإعفاء جميع المصانع بنسبة تصل إلى نحو 65 في المئة من غرامة تجاوز حدود الاستهلاك المنصوص عليها في تعاقداتها مع وزارة البترول. وكشف مصدر مطلع بوزارة البترول أن الوضع الجديد يسمح للمصانع التعاقد من الشركات المرخص لها بمزاولة تداول وتجارة الغاز للحصول على احتياجاتها. وأشار المصدر لـ”العرب”، إلى أن الاتجاه الجديد يفتح الباب أمام تعدد مصادر حصول المصانع على الغاز من خلال الشركات الحكومية أو الخاصة، ويضمن سعرا عادلا للغاز وفق آليات السوق، والكف عن لصق تهم احتكار الوزارة لفرض مستويات سعرية مبالغ فيها. وسبق هذا الإجراء موافقة القاهرة للقطاع الخاص باستيراد الغاز الطبيعي من إسرائيل، ورغم أنه كان تطبيعا دبلوماسيا اقتصاديا، إلا أنه فتح نافذة جديدة أمام الشركات لتعدد مصادر الحصول على الغاز بالسعر الذي تراه مناسبا. ووقعت شركة “دولفينوس” التي يمتلكها رجل الأعمال المصري علاء عرفة اتفاقا مع شركة “ديليك” للحفر الإسرائيلية لاستيراد الغاز التي تمتلك حقلي غاز “تمار ولوثيان” الإسرائيليين، مدته عشر سنوات بمقتضاه تستورد مصر غازا طبيعيا من إسرائيل بقيمة 15 مليار دولار. وبموجب العقد يوجه استخدام الغاز الإسرائيلي لاستخدامات مصانع القطاع الخاص، ورغم دخول الاتفاق حيز التنفيذ منذ منتصف يناير الماضي، غير أن أصحاب المصانع يواصلون شكوى ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي رغم تعدد المصادر.

مشاركة :