أكد إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ سعود الشريم أن هناك حاجة إلى إظهار بعض التغافل والتغابي عن المكدرات، وذلك في العلاقات العامة والخاصة بين الشعوب والساسة والأسرة وأفراد المجتمع الواحد. وأوضح في خطبة الجمعة اليوم بالمسجد الحرام أن هذا التغافل هو من باب القوة لا الضعف، والحلم لا العجز، والصبر لا الخور، لأن اتساع الأذن لكل مسموع واتساع العين لكل مرئي كفيلان بتكدير الصفو وتفريق المجتمع ونصب خيام سوء الظن في القلب. وأضاف: لا مناص حينئذ من التغافل والتغابي أحيانا لتسير القافلة بأمان، لأن المنزل بعيد لا يحتمل الالتفات أثناء السير، ومن أخذ بكل زلة على كل أحد، فلن يبقى له في الدنيا زوجة ولا أخ ولا صديق ولا جار. وتابع: لا يشك عاقل أن التغافل أدب جميل يحمل صاحبه على تعمد الغفلة والتغابي مع علمه بما هو متغافل عنه، جلبا لمصلحة أو درءاً لمفسدة، وهو خلق نبوي كريم، إذ قال الله عن نبيه حين أخطأت بعض أزواجه: (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض)، وهو نهج نبوي شريف كما جاء في الحديث مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يبلغني أحد عن أصحابي شيئا، فإني أحب أن أخرج إليهم وأنا سليم الصدر). وبين الشريم أن المرء المحمود هو ذلكم المتغافل الذكي لا المتذاكي الغافل، فإن الأولى كياسة وفطنة والأخرى بلادة وحمق، مشيرا إلى أن التغافل قيمة رحبة تتسع للجميع وليست مختصة بأحد دون أحد، بل يشترك فيها الشريف والوضيع والأمير والمأمور والرئيس والمرؤوس والشيخ والتلميذ والأب والأولاد والزوج والزوجة، وأنه لا مناص منها لمن أراد توافقاً في هذه الحياة مع نفسه ومع الناس.
مشاركة :