النفايات تشوه وجه بيروت الجميل بعد إقفال مطمر رئيسي

  • 7/25/2015
  • 00:00
  • 6
  • 0
  • 0
news-picture

في العديد من شوارع بيروت، بدأت تفوح رائحة عفنة ناتجة عن تكدس النفايات منذ أيام في المكبات ومن حولها بعد أن أقفل محتجون مطمراً رئيسياً كانت تنقل إليه، مفجرين أزمة مزمنة يختلط فيها الاهمال مع فساد سياسي. قرب تلال القمامة الفائضة عن المستوعبات الخضراء والتي تملأ الارصفة وتضيّق الممرات المخصصة للسيارات، يرفع المارة طرف ملابسهم الى انوفهم لتجنب الرائحة المزعجة، وفي بعض الاماكن، يرش عمال اكوام النفايات بمسحوق ابيض يتضمن مبيدات لابعاد الفئران والحشرات. وغرقت بيروت ومدن وبلدات جبل لبنان، وهي من المناطق السكنية الاكثر كثافة، في القمامة بعدما بدأ مواطنون في نهاية الاسبوع الماضي اعتصاما قرب مطمر في منطقة الناعمة على بعد حوالى عشرين كيلومترا جنوب بيروت كانت تنقل اليه نفايات هذه المناطق على مدى السنوات الماضية. وكان سبق لسكان الناعمة والمناطق المجاورة ان احتجوا قبل اشهر على وجود المطمر على مقربة من منازلهم وتلقوا وعودا من الحكومة بإقفاله ضمن مهلة محددة، واقدموا في نهاية المهلة في 17 يوليو على اقفاله بالقوة رافضين تمديد العمل فيه مرة اخرى. وقال يوسف الحلبي (28 عاما) المقيم في بلدة عرمون القريبة من الناعمة اثناء مشاركته في الاعتصام داخل خيمة على الطريق المؤدي الى المطمر "في بيروت، مرت اربعة او خمسة ايام لم ترفع خلالها النفايات، ولم يعد الناس يتحملون. نحن نعاني من نفايات لبنان منذ 17 عاما على الاقل". واضاف "لا يمكننا ان نفتح نوافذنا بسبب الغازات المنبعثة من القمامة، أدعو الوزراء الى زيارة منزلنا ليروا ان كان في امكانهم تحمل الوضع". وبدأ العمل في مطمر الناعمة منذ 1997، وجهز بتقنيات تسمح باحراق الغازات السامة الموجودة في النفايات المعدة للطمر منعا لتلويث الارض والهواء. وكان يفترض ان يكون حلا موقتا لمشكلة مزمنة تعود الى اكثر من عشرين سنة، لكن اي حل جذري لم ير النور بسبب الانقسامات السياسية، وكان يفترض دفن حوالى مليوني طن من النفايات في مطمر الناعمة، ويعتقد الخبراء اليوم انه بات يضم حوالى 15 مليون طن. ويزيد من تعقيد المشكلة انتهاء عقد شركة "سوكلين" المسؤولة عن جمع النفايات في المناطق المعنية بالازمة، فيما لم يتوصل مجلس الوزراء المؤلف من ممثلين عن غالبية الاطياف السياسية الى اتفاق على تجديد العقد او استبدال الشركة. وكتب وزير السياحة السابق فادي عبود بعد بدء الازمة الحالية في مقال وزعه على وسائل الاعلام ان "انعدام الحلول" لمشكلة النفايات في لبنان "مرتبط ارتباطا مباشرا بلعبة المصالح، وقد بات الموضوع واضحا وضوح الشمس"، محذرا من ان "غياب اي خطة واقعية" قد يقود الى "كارثة بيئية حقيقية". ولا توجد في لبنان مصانع لاعادة معالجة النفايات، بينما فرزها يقتصر على مبادرات تقوم بها منظمات غير حكومية او شركات خاصة، ويقول خبير البيئة مروان رزق الله "لو تم تبني خطط من قبل، ولو تم اقرار طرق معالجة من قبل، لكنا رمينا كمية من النفايات أقل بكثير مما فعلنا في هذا المطمر". ويشدد رزق الله على حاجة لبنان الى تدوير نفاياته وفرزها بشكل افضل داخل المنازل، فيصبح في الامكان تحويل النفايات العضوية التي تشكل اكثر من خمسين في المئة من مجموع النفايات في البلد الى سماد. ويضيف "لا يمكننا ان نكتفي بايجاد مطمر آخر شبيه بمطمر الناعمة، علينا ان نجد موقعا آخر، هذا صحيح، لكن نحتاج الى اعتماد تقنيات مختلفة، الى التخفيف من كمية النفايات الصلبة والى التدوير أكثر". ويتطلب كل ذلك قرارات حكومية وعملا حثيثا، في وقت يعاني لبنان من شلل حكومي ونيابي في ظل شغور منصب رئاسة الجمهورية منذ اكثر من سنة، بسبب ازمة سياسية معقدة، وبالتالي، لا تظهر في الافق اي بوادر حل سريع. في هذا الوقت، دعا وزير البيئة محمد المشنوق البلديات الى محاولة ايجاد حلول، كل منها على مستوى منطقتها. واعلن بعد اجتماع مجلس الوزراء الخميس ان الحكومة "تسعى الى ايجاد مطامر في كل المناطق اللبنانية"، واعدا بالعمل على التخفيف من كمية النفايات الموجودة في الطرق.

مشاركة :