في الصغر كُنت اشتري (مجلة ماجد) باستمرار، وكان يوم الأربعاء يومًا مميزًا عندي، بسبب صدور العدد الأسبوعي الجديد من مجلتي العزيزة، التي كنت أنتظرها بشوق من أربعاء إلى أربعاء، هذه المجلة ذات التاريخ العريق، نالت شهرة كبيرة في الوطن العربي أجمع. ذكريات الطفولة مع (مجلة ماجد) لا تنسى، ذكريات تركت أثرًا إيجابيًا على جيل كامل، وما زلت أتذكر إعلانها (هيا نشتري ماجد.. ماجد لكل الأولاد.. ماجد لكل البنات.. تباع صباح كل أربعاء والثمن درهمان)، وأذكر أنها انطلقت بمناسبة السنة العالمية للطفولة 1979. (مجلة ماجد) لم تعد مجلة الأولاد والبنات فحسب، بل أصبحت صديقة العائلة بكل أفرادها، ومدرسة بحد ذاتها، زرعت فينا حب القراءة والاطلاع من الطفولة، ونجحت في دخول كل بيت عربي لتخاطبنا وتشجعنا على القراءة. تربينا على شخصية (ماجد) بالزي الخليجي المعروف بالثوب والغترة العقال، ورجلا الأمن المخلصان (النقيب خلفان) الذي يعد قائد فريق البحث الجنائي والعقل المدبر له، و(المساعد فهمان) قليل الذكاء الذي يحلم بالترقية حتى تزين النجوم كتفه، و(الملازم مريم) التي تتميز بالذكاء والقدرة التحليلية على حل القضايا. وهناك قصص (كسلان جدًا) وشقيقة (نشيط جدًا)، ومشاغبات (موزة) مع أخيها (رشود)، ومغامرات الفتاتين (شمسة ودانة) اللتين تعيشان في جزيرة بعيدة عن صخب المدينة، وتسكنان في خيمة مع حيواناتهما الأليفة، ولا يمكننا نسيان شخصية (زكية الذكية) وكم المعلومات الهائل الذي تحمله، وشخصية (أمونة المزيونة) تلك الطفلة الخيالية الحساسة التي تحلق دائمًا في عالم الخيال. و(فضولي) صاحب الشخصية الغامضة، وكل ما يقوم به هو الاختباء في أي مكان على صفحات المجلة دون استئذان، يختبئ أحيانًا بين السطور أو في كادرات الرسوم، كل مرة في مكان لا يتوقعه أحد، وعلينا البحث عنه وإرسال مكان وجوده للفوز بالمسابقة. مازلت أشعر بالحنين إلى سوالف (الجد بوصالح)، وإلى (الجمل صابر)، والبطل (سيف الدين) وصديقه (الطن)، و(الدلة والفنجان) و(أبوالظرفاء)، وغيرهم من أبطال المجلة الذين كانوا أصدقاء طفولتي الأوفياء. ودائمًا ما أحرص على المشاركة في الصفحة المخصصة للمسابقات، وبعد الإجابة عن الاسئلة أطوي صفحة الإجابة مع وضع الصمغ لتصبح ظرفا مكتوبا في أسفله (شكرًا لساعي البريد)، ومن ثم أضع الظرف في صندوق البريد المخصص لذلك في (البرادة) القريبة من منزلي، وأنتظر حتى يأتي ساعي البريد لاستلامه وحينها يرتاح قلبي ويطمئن. وأفرح عندما أجد اسمي من ضمن الفائزين في المسابقات، ومكتوبًا على الورق الوردي في المجلة والمخصص لإعلان أسماء الفائزين وقيمة الجائزة، وأطير فرحًا عندما يصلني مبلغ الجائزة بالدرهم الإماراتي بالبريد، لأضعه في ألبوم العملات. كما أنني انضممت إلى أسرة المندوبين وحصلت على بطاقة (مندوب ماجد) والتي كانت مهمتنا إرسال الأخبار واللقاءات لنشرها في المجلة. ولدي أصدقاء من مختلف الدول العربية، كنت أنتظر ردودهم على رسائلي التي أرسلها لهم، بعد أن أختارهم من صفحة (هواة التعارف)، ولا تسألوا عن فرحتي عندما أمسك برسالة وصلت لي بالبريد وعليها اسمي وعنواني وطابع البلد التي جاءت منه. كنت أتبادل الطوابع والعملات مع أصدقاء من مختلف الوطن العربي، كما كنت دائمًا أشتري من المجلة طوابع بريدية، أرسل لهم دينارًا، فيرسلون لي عبر البريد عددًا من الطوابع المختلفة ما زلت أحتفظ بها إلى اﻵن. ماذا أقول أكثر عن (مجلة ماجد)؟ ولعل الكثير يشاركوني ذكرياتهم الجميلة مع هذه المجلة الرائعة وأبوابها الشيقة الممتعة وشخصياتها المميزة التي ارتبطت بي وارتبطت بها وما زلت أتذكرها. وقبل عدة أيام وضعت مجموعة أعداد قديمة من المجلة على طاولة صغيرة في صالة المنزل، وكنت أنتظر وأترقب العيال (عبدالله) و(مريم) لتصفحها وقراءتها بدلاً من جلوسهم بالساعات وإدمانهم على الأجهزة الذكية، وانتظرت يومًا ويومين وثلاثة ولا (أحد مفتكر)، وحتى كتابة هذا المقال والمجلات في مكانها، وستظل في مكانها.
مشاركة :