بغداد- في إطار خطة محاربة الفساد التي يقوم بها رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، قرار البنك المركزي العراقي، تجميد أرصدة وحجز ممتلكات 9 مسؤولين سابقين وحاليين، بينهم صهر رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي، على خلفية عدم تسديد ديون مستحقة للدولة. جاء ذلك وفق تعميم رسمي للبنوك والمصارف العراقية، صدر في وقت متأخر من مساء الخميس. وفي نص القرار "حجز الأموال المنقولة وغير المنقولة لكل من ياسر صخيل (صهر المالكي)، وشقيقه لقمان صخيل، ومحافظ كربلاء السابق عقيل الطريحي (مقرب من المالكي)، وزهير الأعرجي (نائب برلماني)، وحاجم الحسني (رئيس مجلس النواب الأسبق". وشملت قائمة الأسماء أيضا علي القريشي (مسؤول بوزارة الخارجية)، ووليد رضا (مسؤول بمكتب رئيس الوزراء)، وسعيد خضر، وعبدالله محمد عبدالله (دون تحديد صفاتهما الوظيفية). ولم يذكر تعميم البنك المركزي سبب هذه العقوبات، لكن مصدر في البنك قال إن المسؤولين المذكورين لم يسددوا ديونا مستحقة عليهم للدولة مقابل استئجارهم منازل تعود للحكومة. وترأس نوري المالكي، الحكومية العراقية خلال الفترة من 2006 إلى 2014، وخلال فترة حكمه سيطر تنظيم "داعش" الإرهابي على ثلث مساحة البلاد. وتواجه الحكومة العراقية جبالا من المشاكل والتي كانت نتيجة طبيعية للاحتلال الأميركي للعراق في 2003 في أعقاب الإطاحة بنظام صدام حسين. وقد تعهد الكاظمي في أكثر من مناسبة، إبان تشكيل حكومته في مايو الماضي، بوضع محاكمة الفاسدين ورفع كفاءة المؤسسات على رأس أولويات حكومته. لكن رئيس الوزراء الجديد يبدو في وضع صعب، فهو لا يواجه فقط تراكمات 17 سنة من فشل الطبقة الحاكمة في إدارة شؤون البلاد والتحكّم في مواردها وحمايتها من الفساد الذي بلغ مديات غير مسبوقة في العراق، لكنّه يواجه أيضا تحديّات مستجدّة على رأسها جائحة كورونا والضائقة المالية الشديدة الناجمة عن تراجع أسعار النفط الذي يكاد يكون المورد الوحيد للميزانية العراقية. وتعد محاربة الفساد على رأس مطالب احتجاجات عارمة يشهدها العراق منذ أكتوبر الماضي. وكان الفساد سببا رئيسيا في فشل الحكومات العراقية المتعاقبة في تحسين الخدمات العامة الأساسية من قبيل التعليم والكهرباء ومياه الشرب وقطاع الصحة وغيرها. والعراق من بين أكثر دول العالم فسادا، بموجب مؤشر منظمة الشفافية الدولية على مدى السنوات الماضية، وترد تقارير دولية على الدوام بهدر واختلاس. وللفساد في العراق علاقة مباشرة بما آلت إليه الأوضاع من سوء في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، حتى أنّ البلد الذي يعدّ من كبار منتجي النفط ومصدّريه العالميين يعاني أزمة كهرباء حادّة دفعت المحتجّين إلى الخروج مجدّدا إلى الشارع في ذروة ارتفاع درجات الحرارة، متحدّين قمع الشرطة الذي أوقع ما لا يقلّ عن خمسة قتلى في صفوفهم، لتتسع بذلك الهوّة سريعا بين المواطنين وحكومة الكاظمي.
مشاركة :