يزيد استمرار تعثر وساطات التهدئة بين الفصائل الفلسطينية في غزة وإسرائيل احتمالات الذهاب إلى مواجهة مفتوحة بين الجانبين في ظل تصاعد التوتر الميداني. وشنت إسرائيل فجر اليوم (الجمعة)، غارات على مواقع تدريب تتبع لكتائب القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وأراضي زراعية في مناطق متفرقة من قطاع غزة. في المقابل أطلقت فصائل فلسطينية مسلحة ست قذائف صاروخية على جنوب إسرائيل بالتزامن مع تصعيد شبان إطلاق بالونات حارقة ومتفجرة من القطاع على الحقول الإسرائيلية المحاذية. ولم تسجل إصابات في التطورات الميدانية الأخيرة، لكنها عكست استمرار تعثر وساطات تقودها مصر وقطر والأمم المتحدة بغرض تعزيز تفاهمات التهدئة وتجنب خيار المواجهة الشاملة. وأطلق منسق الأمم المتحدة لعملية السلام الشرق الأوسط نيكولاي ملادينوف تحذيرات من أنه "في ظل الظروف الحالية، لا يمكن لأي جهود وساطة أن تنجح في منع التصعيد وتحسين الوضع" في قطاع غزة. وطالب ملادينوف على حسابه في تويتر الفصائل الفلسطينية بوقف إطلاق القذائف والبالونات الحارقة فورا، وإسرائيل بخطوات إزاء حصار غزة بما في ذلك استئناف إدخال الوقود لتشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في القطاع. وقال المنسق الأممي إن الوضع في غزة وحولها "آخذ بالتدهور السريع، يواصل المقاتلون إطلاق القذائف والأجهزة الحارقة، وإن تشديد الإغلاق يجعل الحياة داخل قطاع غزة لا تحتمل". وأضاف أنه "بينما يتدهور الوضع في غزة، هناك زيادة سريعة في حالات الإصابة بـمرض فيروس كورونا بين السكان، في ظل نظام صحي متهالك، وانعدام الكهرباء، والبطالة المتزايدة والنشاط العسكري المستمر والإغلاق، أشعر بقلق شديد من أن التصعيد وشيك". وسجل قطاع غزة منذ يوم الاثنين الماضي نحو 80 إصابة محلية وحالتي وفاة بمرض كورونا بعد أن كانت حالات الإصابات بالمرض تقتصر على العائدين من الخارج ويخضعون للحجر الصحي. وجاء هذا التطور في ظل توتر مستمر بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل منذ مطلع الشهر الجاري على خلفية المطالب الفلسطينية بالتزام إسرائيل بتفاهمات تخفيف حصار غزة. ومع استئناف إطلاق بالونات حارقة ومن ثم إطلاق قذائف محلية من غزة، ردت إسرائيل بإجراءات عقابية شملت إغلاق معبر (كرم أبو سالم) التجاري وحظر الصيد قبالة ساحل البحر القطاع. ودفع ذلك إلى المزيد من التدهور في الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة الذي يقطنه زهاء مليوني نسمة، لاسيما توقف محطة توليد الكهرباء الوحيدة عن العمل بسبب نفاد الوقود. واضطرت شركة توزيع كهرباء غزة إلى اعتماد جدول مقلص لتوفير الكهرباء يقوم على أقل من ثلاث ساعات وصل مقابل 20 ساعة قطع في ظل تزايد العجز عن 75 في المائة. وصرح الناطق باسم حركة المقاومة الإسلامية "حماس" فوزي برهوم أن "المقاومة الفلسطينية لن تتردد في القيام بواجبها الوطني تجاه شعبنا والدفاع عنه أمام أي عدوان، وخوض المعركة مع العدو في حال استمر التصعيد والحصار". وحمل برهوم في بيان صحفي، إسرائيل "المسؤولية الكاملة عن نتائج وتداعيات التصعيد على غزة، وقصف مواقع المقاومة، واستمرار الحصار، والاستخفاف بحياة الناس في ظل تفشي مرض فيروس كورونا". وشدد على أن "استمرار حصار غزة وتفاقم أزمة الكهرباء، ومنع دخول البضائع والوقود والدواء، جريمة بحق الإنسانية لا يمكن السكوت عنها أو السماح باستمرارها". واجتمع رئيس اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة السفير محمد العمادي مع قيادات حركة حماس في القطاع يوم (الثلاثاء) الماضي لكن من دون الإعلان عن أي اختراق. كما سبق ذلك بأسبوع زيارة مماثلة لوفد من جهاز المخابرات المصرية إلى غزة اجتمع خلالها مع قيادات حماس لبحث التهدئة مع إسرائيل من دون الإعلان عن أي نتائج. وتطالب الفصائل الفلسطينية بالتزام إسرائيل بتفاهمات سابقة للتهدئة تشمل توسيع مساحة الصيد قبالة شاط بحر غزة إلى 20 ميلا، وبدء تنفيذ مشاريع بنى تحتية في قطاعي المياه والكهرباء، ورفع قيود استيراد وتصدير البضائع، إضافة إلى السماح بزيادة المنحة المالية من قطر للدعم الإنساني في غزة. ويقول المحلل السياسي من غزة عدنان أبو عامر لوكالة أنباء (شينخوا)، إن إسرائيل تحاول فرض معادلة "الهدوء مقابل الهدوء" وليس "الهدوء مقابل كسر الحصار" وهو أمر ترفضه الفصائل الفلسطينية. ويضيف أبو عامر أنه "من الواضح أن وساطات التهدئة لم تحقق أي اختراق وسط تبادل رسائل ميدانية بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل عبر التصعيد المحسوب حتى الآن". ويشير أبو عامر إلى أنه مع انتشار مرض كورونا محليا في قطاع غزة فإن التوقعات أن يزيد الضغط الفلسطيني لرفع الحصار، وفي حال خرجت الأمور عن السيطرة فقد يدفع ذلك باتجاه اندلاع مواجهة مفتوحة.
مشاركة :