قالت «هيومن رايتس ووتش» إنّ القوات الأمنية اللبنانية استعملت قوّة مفرطة، وفي بعض الأحيان فتّاكة، ضدّ متظاهرين سلميين بأغلبهم في وسط بيروت في 8 أغسطس 2020، فتسبّب بمئات الإصابات.وأضافت المنظمة في تقرير نُشر على موقعها: «أطلقت القوات الأمنية الذخيرة الحية، والكريات المعدنية (الخردق)، والمقذوفات ذات التأثير الحركي مثل الرصاص المطاطي، على أشخاص منهم موظفون طبيون، كما أطلقت كميات مفرطة من الغاز المسيل للدموع، بما في ذلك على محطات الإسعافات الأولية».وتابع التقرير: «صُوّبت عدة قنابل غاز مسيل للدموع مباشرة على المتظاهرين، فأصابت بعضهم في الرأس والعنق. عمدت القوات الأمنية أيضًا إلى رمي الحجارة على المتظاهرين وضربهم، وشملت هذه العناصر شرطة مجلس النواب، وقوى الأمن الداخلي، والجيش اللبناني، وقوى غير محدّدة بملابس مدنية».وقال مايكل بَيْج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: «بدلًا من مدّ يَد العون إلى أهل بيروت الذين ما زالوا يُخرجون أنفسهم من تحت ركام الانفجار، انقضّت الأجهزة الأمنية اللبنانية على المتظاهرين وسلّطت عليهم كمية من العنف تثير الصدمة. يظهر هذا الاستعمال غير القانوني والمفرط للقوة ضدّ متظاهرين سلميين بأغلبهم تجاهل السلطات القاسي لشعبها».وتجمّع عشرات آلاف المتظاهرين في وسط بيروت في 8 أغسطس للتعبير عن غضبهم بسبب عدم كفاءة النخب السياسية والحكومة وفسادها. تُلام هذه النخب السياسية بشكل كبير على الانفجار في مرفأ بيروت في 4 أغسطس، والذي قتل 180 شخصًا، وأصاب أكثر من 6 آلاف شخص، وخلّف دمارًا شاسعًا في أنحاء المدينة.وراقب باحثو هيومن رايتس ووتش المظاهرات وأجروا مقابلات مع 25 شخصًا في بيروت بين 8 و18 أغسطس، بمَن فيهم أطبّاء وغيرهم من الكوادر الصحية، وصحفيين، ومحامين. صوّرت هيومن رايتس ووتش أيضًا الذخائر التي تمّ إطلاقها وجمعتها من موقع التظاهر، وحلّلت الصور والفيديوهات التي أُرسلت مباشرة إلى الباحثين أو جُمعت من منصات التواصل الاجتماعي، والتي تظهر القوى الأمنية تستعمل القوّة المفرطة. حدّد الباحثون الأسلحة التي استعملتها القوى الأمنية، وراجعوا التقارير الطبية للمتظاهرين المصابين.وبحسب التقرير وجّهت هيومن رايتس ووتش أسئلة عن سلوك القوى الأمنية إلى الجيش في 18 أغسطس وقوى الأمن الداخلي في 19 أغسطس، لكنّها لم تتلقَّ ردًا حتى 25 أغسطس. اتصلت المنظمة بشرطة مجلس النواب في 19 أغسطس، ولخّصت بإيجاز النتائج وطلبت تعليقًا. لكنّ مسؤولًا رفض الإفصاح عن اسمه وقال إنّ «المقابلة انتهت» وأقفل الخطّ.وكان بعض المتظاهرين الذين تمّت مقابلتهم قد أُصيبوا بالذخيرة الحية، أو الكرات المطاطية، أو الخردق المُطلق من بنادق، أو إطلاق مباشر لقنابل الغاز المسيل للدموع. تعرّض آخرون للضرب من عناصر القوى الأمنية بواسطة الأيادي، والعصي، وغيرها من الأسلحة. وأعلن «الصليب الأحمر اللبناني» و«منظمة الإغاثة الإسلامية» عن إصابة 728 شخصًا خلال مظاهرات 8 أغسطس، ونقل 153 من بينهم على الأقلّ إلى المستشفيات للمعالجة.وقالت هيومن رايتس ووتش إنّه ينبغي أن تضع قوى الأمن فورًا حدًا لاستعمال الخردق المُطلق من بنادق وغيرها من الذخيرة ذات النطاق الواسع والعشوائية، وإنّه على النيابة العامة فتح تحقيق مستقلّ في الانتهاكات والإعلان عن النتائج. كذلك، على الجهات الدولية المانحة لقوى الأمن اللبنانية التحقيق فيما إذا كان دعمها يصل إلى وحدات تمارس انتهاكات، وفي هذه الحال، إيقافه فورًا.كان معظم المتظاهرين سلميين، لكن رمى بعضهم الحجارة، والمفرقعات النارية، وقنابل المولوتوف على قوى الأمن، بينما نهب وأحرق آخرون ممتلكات خاصة وعامة. واحتلّ المتظاهرون لفترة وجيزة مباني وزارات الخارجية، والاقتصاد، والبيئة، والطاقة، و«جمعية المصارف».وأعلنت قوى الأمن الداخلي أنّ أحد عناصرها توفّي خلال محاولة إنقاذ أشخاص عالقين في فندق «لو غراي»، وذكرت إصابة 70 عنصرًا في صفوفها. وصرّح الجيش بإصابة 105 من جنوده، بمَن فيهم جنديان في حالة حرجة.وقالت هيومن رايتس ووتش إنّ استعمال بعض المتظاهرين للعنف لا يبرّر لجوء القوى الأمنية إلى القوة المفرطة، ومن غير استفزاز في بعض الأحيان.
مشاركة :